تُعد حصوات الغدد اللعابية من الاضطرابات الشائعة نسبياً، حيث تمثل حوالي 50% من مشكلات الغدد اللعابية المسجلة طبياً، وتتشكل هذه الحصوات نتيجة ترسب الأملاح والمعادن داخل قنوات الغدد اللعابية مما يؤدي إلى انسدادها وحدوث التهابات متكررة، وتشير الدراسات إلى أن الغدة تحت الفك السفلي هي الأكثر عرضة لتكوّن الحصوات مقارنة بباقي الغدد، وإن هذا الاضطراب يؤدي إلى صعوبة في إفراز اللعاب وبالتالي إلى أعراض مزعجة تحتاج إلى تدخل طبي مناسب.
ما هي حصوات الغدد اللعابية
إن حصوات الغدد اللعابية (sialolithiasis) هي تكتلات صلبة تتكون داخل قنوات الغدد اللعابية أو داخل الغدة نفسها، وذلك نتيجة ترسب الأملاح والمعادن مثل الكالسيوم والفوسفات، وإن هذه الحصوات قد تعيق مرور اللعاب من الغدة إلى الفم، وبالتالي انسداد القناة اللعابية.
ما هي أسباب حصوات الغدد اللعابية؟
لا تزال أسباب تكون ظاهرة الحصى غير معروف تماماً بالنسبة للأطباء ولكن هناك بعض العوامل التي يمكنها أن تؤدي لسماكة اللعاب وتزيد من خطر التكلسات وإصابة الشخص بها، تشمل هذه العوامل:
- التدخين
- إصابات الفم
- أمراض اللثة
- التقدم في السن
- وجود مشاكل في الكلى
- شائعة بشكل أكبر عند الذكور
- الإصابة بالنقرس أو متلازمة جوغرن
- عدم تناول كميات كافية من السوائل والماء
- العلاج الإشعاعي على الرأس أو الرقبة أو الفك
- تناول الأدوية التي تؤثر على افراز اللعاب وتحدث جفافاً، مثل مضادات الكولين
- الجفاف نتيجة تناول السوائل بكميات قليلة أو المرض أو الأدوية مثل مدرات البول الخاصة بمرضى ارتفاع الضغط
أعراض حصوة الغدد اللعابية
تختلف حصوات القنوات في الحجم لكنها عادة ما تكون صلبة وبيضاء، ولا تسبب حصوات الغدد اللعابية الصغيرة عادة أية أعراض عند تكونها ويمكن أن تختفي من تلقاء نفسها في بعض الأحيان.
بينما من جهة أخرى قد تمنع الحصوات الكبيرة تدفق اللعاب بسبب انسداد قناة الغدة، حيث يحدث نتيجة لذلك تراكم باللعاب خلف حصوة الفم مما يؤدي لحدوث تورمات وآلام.

تشمل أعراض انسداد الغدد اللعابية الشائعة ما يلي:
- ألم في الوجه والبلعوم يزداد سوءاً قبل أو أثناء تناول الطعام، نتيجة افراز الغدد اللعابية للعاب لتسهيل تناول الطعام وعندما لا يتدفق اللعاب عبر القنوات فإنه يرتد في الغدة مما يسبب:
- تقرح أو كتلة مؤلمة تحت اللسان
- جفاف الفم وصعوبة في البلع أو فتح الفم
- تورما وآلاما أسفل الفك والوجه أو حول الأذن
- قد تؤدي حصوات اللعاب في بعض الأحيان إلى حدوث عدوى في الغدة المصابة أو حولها بسبب تجمع اللعاب الراكد عندها، تشمل أعراض هذه العدوى:
- الحمى
- طعم كريه في الفم
- احمرار المنطقة المصابة
- تجمع قيحي حول حصوة الفك
كيف يتم تشخيص حصوات الغدد اللعابية؟
يمكن للطبيب تشخيص حصوات الغدد اللعابية من خلال الفحص السريري، حيث يبدأ بأخذ التاريخ الطبي المفصل والتأكد من الأعراض التي يعاني منها المريض، ثم يقوم بجس مناطق الوجه والرقبة، إضافة إلى فحص الفم بحثاً عن أي تورم أو كتل مشبوهة، وفي بعض الحالات، قد يحتاج الطبيب إلى الاستعانة بوسائل تصوير لتأكيد التشخيص أو تحديد مكان الحصوة بدقة، وتشمل هذه الوسائل:
- الأشعة السينية (X-Ray) لبعض القنوات اللعابية
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية (Ultrasound) وهو شائع وسريع
- التصوير المقطعي المحوسب (CT) لتوضيح الحصوات الصغيرة أو العميقة
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) في حالات خاصة لتقييم القنوات والأنسجة المحيطة
كما يمكن إجراء فحص يسمى التصوير الظليل للغدد اللعابية (Sialography)، حيث تُحقن مادة ظليلة في القناة اللعابية ثم تُلتقط صور بالأشعة السينية لتوضيح أماكن الانسداد، أما الفحص باستخدام النظائر المشعة (Scintigraphy) فهو أقل شيوعاً ويُجرى عند الحاجة لتقييم وظيفة الغدد.

علاج حصوات الغدد اللعابية
حصوات الغدد اللعابية الصغيرة غالباً ما تختفي تلقائياً أو يمكن التخلص منها ببعض الإجراءات المنزلية البسيطة مثل شرب كميات كافية من الماء أو تدليك الغدة أو استخدام أطعمة حمضية لتحفيز إفراز اللعاب، أما الحصوات الأكبر حجماً فقد تستدعي التدخل الطبي لإزالتها سواء عبر التنظير اللعابي (Sialendoscopy) أو بعمل جراحي تقليدي بسيط، وذلك بهدف الحفاظ على وظيفة الغدة وسلامتها.
من الضروري أيضاً إبلاغ الطبيب عن أي أدوية تتناولها قد تسبب جفاف الفم، مثل بعض مضادات الهيستامين أو الأدوية المضادة للكولين، لأنها قد تزيد من احتمالية تشكّل الحصوات.
العلاجات المنزلية
في معظم الأحيان تتحلل معظم الحصوات اللعابية الصغيرة بالعلاج المحافظ دون الحاجة لإجراء عملية جراحة، ومن الممكن استخراج الحصوات من مجرى اللعاب بترطيب الفم وشرب الكثير من الماء أو تسخين داخل الفم قرب قنوات الغدد وتدليكها.
يساعد أيضاً امتصاص قطرات الليمون أو غيرها من الحلوى الحامضة في تحفيز إفراز وتدفق اللعاب مما يحفز مرور حصوات القنوات وخروجها.

الأدوية
تقلل مضادات الإلتهاب غير الستيروئيدية من التهاب الغدد والتورم، وإذا لاحظ الطبيب دلالة على عدوى بسبب حصوات الغدد اللعابية سيصف للمريض المضادات الحيوية، احذر أن تأخذ هذه الأدوية دون توجيهات الطبيب.
إزالة الحصوات اللعابية في العيادة
إذا لم تنجح العلاجات المنزلية يمكن للطبيب إزالة الحصوات عن طريق فحص المنطقة برفق باستخدام أداة غير حادة وإجراء تدليك للمنطقة لدفع الحصى خارج القناة.
استخراج حصوات الغدد اللعابية بالجراحة في تركيا
في حال لم تنجح العلاجات المحافظة في إزالة حصوات الغدد اللعابية، قد يوصي الطبيب بإجراء طفيف التوغل يُعرف باسم تنظير الغدة اللعابية (Sialendoscopy)، وخلال هذا الإجراء يُعطى المريض تخديراً موضعياً أو عاماً وفق حالته، ثم يقوم الجراح بإدخال أنبوب رفيع ومرن يُسمى المنظار اللعابي عبر فتحة القناة الطبيعية داخل الفم دون الحاجة إلى شق جراحي كبير. يتيح هذا المنظار رؤية مباشرة لنظام القنوات وتحديد موضع الحصوة بدقة، كما يمكن إدخال أدوات دقيقة عبره لاستخراج الحصوات الصغيرة أو المتوسطة الحجم.
يمثل تنظير الغدد اللعابية وسيلة فعّالة خاصة عند التعامل مع الحصوات الصغيرة أو تلك المتوضعة في أعماق القناة، مما يقلل الحاجة إلى جراحات واسعة، أما إذا كانت الحصوات كبيرة جداً أو غير منتظمة الشكل بحيث يتعذر إزالتها بالمنظار، فقد يصبح التدخل الجراحي المفتوح (Open surgery) أكثر ملاءمة لإزالتها بالكامل والحفاظ على سلامة الغدة.
جراحة استئصال الغدد اللعابية
في حال تكررت الحالة باستمرار أو إذا كانت الحصوات عالقة لا يمكن تحريكها باستخدام الوسائل المحافظة، أو عند إهمالك للعلاج وحدوث ضرر غير قابل للإصلاح في الغدد اللعابية يصبح من الضروري إجراء استخراج جراحي للغدة بالكامل.
كيف يمكن الوقاية من الإصابة بحصوات الغدد اللعابية؟
لا يمكن منع تشكّل حصوات الغدد اللعابية بشكل كامل، لكن يمكن تقليل خطر حدوثها عبر اتباع بعض العادات الصحية، فمثلاً يساعد شرب كميات كافية من الماء يومياً على الحفاظ على سيولة اللعاب وتقليل ترسب الأملاح في القنوات، كما أن الامتناع عن التدخين والمحافظة على نظافة الفم والأسنان بانتظام يقللان من احتمالية تشكّل الحصوات.
في حال الشعور بألم أو تورم في منطقة الغدة، قد يكون من المفيد تحفيز إفراز اللعاب عن طريق مص شريحة ليمون أو تناول حلوى حامضة مع تدليك لطيف للغدة، إذ يمكن أن يساعد ذلك على خروج الحصوات الصغيرة بشكل طبيعي.
ختاماً، تتسبب حصوات الغدد اللعابية في مشاكل صحية مزمنة إذا لم يتم التعامل معها في الوقت المناسب، ومع توفر التقنيات الطبية الحديثة بات من الممكن علاجها بطرق دقيقة وفعّالة. لا يجب تجاهل الأعراض الأولية مثل الألم والتورم، لأن التشخيص المبكر يساعد على تجنب المضاعفات. يقدم مركز بيمارستان الطبي في تركيا خيارات علاجية متقدمة للتعامل مع حصوات الغدد اللعابية على يد نخبة من الأطباء المختصين ضمن بيئة علاجية متكاملة.
المصادر:
- Koch, M., Iro, H., & Zenk, J. (2012). Role of sialendoscopy in the treatment of sialolithiasis. Otolaryngologic Clinics of North America
Nahlieli, O., Nakar, L. H., Nazarian, Y., & Turner, M. D. (2006). Sialoendoscopy: A new approach to salivary gland obstructive pathology. Journal of the American Dental Association