خراج الكبد هو تجويف مليء بالقيح يتكوّن داخل الكبد نتيجة عدوى بكتيرية أو طفيلية أو فطرية، وقد ينشأ بسبب التهابات في البطن أو إصابة مباشرة. رغم أنه ليس شائعًا في الدول المتقدمة، إلا أنّه يُعدّ حالة خطيرة تهدد حياة المريض إن لم تُشخّص وتُعالج مبكراً، وفي بعض الحالات لا يكفي العلاج بالمضادات الحيوية، وتُصبح جراحة خراج الكبد ضرورة لإنقاذ المريض ومنع المضاعفات مثل تعفن الدم أو الوفاة.
ما هو خراج الكبد
خراج الكبد هو تجويف مليء بالقيح يتكون داخل نسيج الكبد نتيجة عدوى، أو إصابة مباشرة، أو في حالات نادرة، قد يتكوّن نتيجة تسرب أو تلوث بعد عمليات جراحية في البطن أو القنوات الصفراوية. يُصنّف خراج الكبد عادةً إلى نوعين رئيسيين:
- الخراج البكتيري (القيحي): الأكثر شيوعاً في الدول المتقدمة، وغالباً ما ينتج عن التهابات في القنوات الصفراوية أو انتقال الجراثيم من الجهاز الهضمي عبر الوريد البابي، قد تسبّبه أيضاً التهابات منتشرة عبر الدم، أو إصابات رضّية في البطن. تشمل البكتيريا المسببة الإشريكية القولونية، والكلبسيلا، والمكورات العنقودية.
- الخراج الأميبي: أكثر انتشاراً في المناطق الحارة والنامية، ويحدث بسبب طفيلي Entamoeba histolytica الذي ينتقل عبر الطعام أو الماء الملوث. يصيب هذا النوع غالباً الفص الأيمن من الكبد(لأن تروية الفص الأيمن أغزر من تروية الفص الأيسر)، ويتميّز بمحتوى بني اللون يشبه الصلصة السميكة من حيث القوام واللون.

متى تستدعي الحالة إجراء جراحة خراج الكبد؟
تُجرى جراحة خراج الكبد عندما تفشل الطرق الأقل توغلاً مثل المضادات الحيوية أو التصريف بالإبرة في علاج الحالة، ويجدر بالذكر أنّ التصريف عبر الجلد بالإبرة (Percutaneous drainage) هو العلاج الأول في معظم حالات الخراج القيحي، ويُجرى تحت إرشاد الأشعة باستخدام تخدير موضعي. تشمل الأسباب التي تستدعي الجراحة وجود خراج كبير الحجم أو معقد، أو وجود مضاعفات خطيرة مثل النزف أو تمزق الخراج أو تعفن الدم. كما تُستخدم الجراحة لعلاج الأمراض المُستبطنة المصاحبة التي تتطلب تدخلاً جراحياً، مثل خراجات القولون أو التهاب الصفاق، ويُؤجّل التدخل الجراحي أو يُقيّد بشدة في الحالات غير المستقرة مثل الصدمة أو الفشل العضوي المتعدد، ويُستعاض عنه مؤقتًا بتصريف تحت الإشراف المكثف.
كيف تتم جراحة خراج الكبد؟
تُجرى جراحة خراج الكبد بطريقتين رئيسيتين: الجراحة المفتوحة والجراحة بالمنظار:
- الجراحة المفتوحة تتم تحت تخدير عام، ويقوم الجراح بفتح البطن لتصريف الخراج وفحص التجويف البطني للبحث عن خراجات أخرى أو مصادر العدوى. تستغرق العملية عادة بين ساعة إلى ساعتين، حسب حجم الخراج وموقعه ومدى تعقيد الحالة.
- الجراحة بالمنظار تتم تحت تخدير عام أيضاً، وتعتبر أقل توغلاً حيث تُجرى عبر شقوق صغيرة باستخدام كاميرا وأدوات جراحية دقيقة. تسمح بتصريف الخراج واستكشاف البطن مع تقليل المضاعفات وتسريع مدة تعافي، وعادةً تستغرق حوالي ساعة إلى ساعة ونصف.
.في كلا الطريقتين، تُستخدم تقنيات التصوير الطبي مثل الأشعة فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية لتحديد موقع الخراج بدقة أثناء العملية وضمان التصريف الكامل.
مخاطر ومضاعفات الجراحة
تُصاحب جراحة خراج الكبد بعض المخاطر والمضاعفات التي يجب الانتباه إليها. من أبرزها النزيف خلال أو بعد العملية، والذي قد يتطلب تدخلاً إضافياً، كما يمكن أن تحدث التهابات في موقع الجراحة أو داخل البطن، مما يستدعي العلاج بالمضادات الحيوية. في بعض الحالات قد يتكرر الخراج نفسه أو يحدث تسرب للصفراء من أنسجة الكبد، بالإضافة إلى ذلك قد يعاني بعض المرضى من فشل في الكبد أو الفشل الكلوي نتيجة شدة العدوى أو تأخر التشخيص، خاصة في الحالات المعقدة، وليس كنتيجة مباشرة للجراحة نفسها، وللحد من هذه المخاطر يحرص الفريق الطبي على تنفيذ كل الخطوات اللازمة بعناية أثناء الجراحة ويُتابع المريض بشكل مستمر بعد الجراحة.
ما بعد جراحة خراج الكبد
بعد إجراء جراحة خراج الكبد، يحتاج المريض عادةً إلى فترة إقامة في المستشفى تختلف مدتها حسب الحالة الصحية واستجابة الجسم للعلاج، خلال هذه الفترة يُتابع الفريق الطبي الحالة الصحية ويُعطي العلاج المناسب، بما في ذلك الصادات الحيوية لمنع الالتهابات. يعتمد النظام الغذائي على قدرة المريض على تناول الطعام، مع التركيز على تغذية متوازنة لدعم التعافي، كما تُجرى فحوصات متابعة باستخدام الأشعة مثل الموجات فوق الصوتية أو الأشعة المقطعية لمراقبة شفاء الخراج والتأكد من عدم عودته. غالبًا ما يتمكن المرضى من العودة إلى حياتهم الطبيعية تدريجياً مع ضرورة الالتزام بتعليمات الطبيب والمتابعة المستمرة لضمان الشفاء التام.
هل يمكن الوقاية من خراج الكبد؟
يمكن تقليل خطر الإصابة بخراج الكبد من خلال اتباع إجراءات وقائية تشمل الاهتمام بالنظافة الشخصية وسلامة الغذاء، مثل غسل اليدين جيداً، وتنظيف الخضار والفواكه وطهي اللحوم بشكل كافٍ. يُنصح أيضاً بتجنّب تناول الطعام أو الماء الملوث.
تلعب الوقاية من الالتهابات الهضمية وعلاجها المبكر دوراً مهماً في الحماية من الخراج، إلى جانب متابعة المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري أو مشكلات في القنوات الصفراوية، كما يُوصى باتباع ممارسات جنسية آمنة خاصةً في الفئات المعرضة لخطر العدوى، والحصول على لقاحات التهاب الكبد A وB (على الرغم أن اللقاح لا يمنع الإصابة بخراج الكبد مباشرةً، لكنه يساهم في وقاية الكبد من أمراض أخرى تزيد قابلية الإصابة)، بالإضافة إلى ذلك تُعد المتابعة الطبية المنتظمة مهمة بشكل خاص لمن خضعوا سابقاً لإجراءات جراحية في البطن أو من لديهم مناعة ضعيفة.
في الختام، تُعتبر جراحة خراج الكبد إجراءً ضرورياً في بعض الحالات المعقدة، وقد تسهم في إنقاذ الحياة عند فشل العلاجات الأخرى، التشخيص المبكر والالتزام بالخطة العلاجية يقللان من المضاعفات ويزيدان فرص الشفاء، كما تبقى المتابعة الطبية أساسية للوقاية من تكرار الخراج.
المصادر:
- eMedicine. (2024, September). Liver abscess: Practice essentials, pathophysiology, etiology. Medscape.
- Brunicardi, F. C., Andersen, D. K., Billiar, T. R., Dunn, D. L., Hunter, J. G., Matthews, J. B., Pollock, R. E. (Eds.). (2000). Schwartz’s Principles of Surgery (7th ed.). McGraw-Hill. In Liver abscess. In StatPearls.