يصيب انقطاع الطمث المبكر 1 من كل 100 امرأة قبل الأربعين، محوّلاً مسار حياتها فجأةً. دراسات حديثة تكشف أن التشخيص المبكر والعلاج الهرموني يمكن أن يعكس 80% من آثاره، مفتتحاً فصلاً جديداً من الأمل.
ما هو انقطاع الطمث المبكر؟
انقطاع الطمث المبكر هو حالة تتوقف فيها الدورة الشهرية قبل سن الأربعين، وهي حالة ليست بنادرةٍ كثيراً بين النساء عالمياً وعربياً، حيث تبلغ نسبة حدوثها في دول أوروبا والولايات المتحدة 1-2%، وتكون نسبة انتشارها بين النساء العربيات حوالي 1.4-2%، مما جعل العديد من النساء اللواتي عانين منها من البحث عن علاج لحل هذه المشكلة.
يختلف انقطاع الطمث المبكر قليلاً عن فشل المبيض المبكر، حيث أنه في حالة انقطاع الطمث المبكر يحدث توقف كامل للدورة الشهرية قبل سن 40 عاماً بدون عودة، ولكن قد يكون توقف مؤقت أو غير منتظم فقط في فشل المبيض المبكر ويمكن أن يعود الطمث بعد فترة من الزمن.
أسباب انقطاع الطمث المبكر
يوجد العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى انقطاع الطمث المبكر، فقد تكون لأسبابٍ وراثية أو طبية أو هرمونية أو غير معروفة، وإن علاج السبب غالباً ما يؤدي إلى عودة الدورة الشهرية إلى حالتها الطبيعية.
الأسباب الوراثية
تلعب الأسباب الوراثية الدور الأكبر في نسب حدوث انقطاع الطمث، حيث تحدث هذه الحالة لدى النساء ذوات التاريخ العائلي في انقطاع الطمث، وأيضا لدى المصابات بمتلازمة تيرنر، أو متلازمة الصبغي X الهش، ومن الممكن أن يكون لحدوث طفرات في بعض الجينات (BMP15-FOXL3-GDF9) دور في انقطاع الطمث المبكر.
الأسباب الطبية
قد يحدث انقطاع الطمث المبكر لدى النساء اللواتي يتلقين علاجاً كيميائياً أو شعاعياً لعلاج السرطانات، حيث أن هذه العلاجات قد تقضي على الخلايا المفرزة للهرمونات في المبيض مما يؤدي لانقطاع الدورة الشهرية الباكر، وإن كل ما يؤثر على المبيض كذلك يؤدي لحدوث هذه الحالة، مثل استئصال المبيضين. قد يكون لبعض الأمراض المناعية الجهازية دور في الانقطاع الباكر للطمث مثل الإصابة بالذئبة الحمراء.
الأسباب الهرمونية أو غير المعروفة
في بعض الحالات قد يحدث انقطاع الطمث الباكر بسبب اضطراب في عمل أحد الغدد الأخرى، كاضطرابات الغدة الدرقية، وذلك بسبب ارتباط كلاً من افرازات المبيض والدرق بالمحور الوطائي-النخامي-المبيضي.
الأعراض والعلامات المرافقة لانقطاع الطمث المبكر
يترافق الانقطاع المبكر للطمث مع عدد من الأعراض والعلامات المميزة، حيث تشعر المريضة بدايةً بالهبّات الساخنة وهي إحساس مفاجئ بالحرارة في الوجه والصدر، مع تعرق ليلي وتحدث عند 80% من المصابات، وقد تستمر هذه الحالة لسنوات، إضافةً لذلك تُصاب المرأة باضطرابات النوم والتغيرات في الجلد والشعر وجفاف المهبل، مما يؤثر على صحتها النفسية.
قد يترافق انقطاع الطمث الباكر مع أعراض نفسية وعقلية، فتُصاب المرأة بنوبات من البكاء والقلق والعصبية غير المبررة، إضافةً إلى ذلك، فإن النساء اللواتي تُعانين من هذه الحالة قد يكون لديهنّ شيخوخة دماغية أسرع مقارنةً بغير المصابات، بمعنى أنهن يُصبن بتدهور في الوظائف الإدراكية بشكل أسرع، وذلك بسبب نقص الإستروجين المبكر الذي يكون سبباً في حالات انقطاع الطمث الباكر. هناك بعض الأعراض النادرة التي قد تظهر على المريضة، مثل تغير في حاسة الشم أو التذوق، وطنين الأذن، والحساسية المفاجئة لنوع معين من الأطعمة.

كيف يتم تشخيص انقطاع الطمث المبكر؟
يتم تشخيص انقطاع الطمث الباكر عبر مجموعة من الطرق تشمل الفحص السريري والتحاليل الهرمونية والفحوصات التصويرية، وكلٌّ منها له أهميته الخاصة في التشخيص، ومن هذه الطرق:
- الفحص السريري والتاريخ الطبي: يتم فيه البحث عن وجود الأعراض المرافقة لانقطاع الطمث، مثل الهبّات الساخنة والجفاف المهبلي واضطرابات النوم، إضافةً إلى التحري عن وجود أمراض وراثية أو متلازمات مثل متلازمة الصبغي X الهش.
- التحاليل الهرمونية: يتم تحليل الهرمونات الجنسية الأنثوية للكشف عن أي زيادة أو نقصان فيها.
- فحوصات التصوير: مثل السونار المهبلي لتقييم حجم المبيضين الذي يكون صغيراً عادةً في فشل المبيض المبكر.
بعد الفحص والتشخيص من قبل الطبيب المختص، يتم تحويل المريضة إلى مرحلة العلاج إذا كان سبب انقطاع الدورة الشهرية بسبب أمراض مرافقة، لكي تستعيد صحتها من جديد.
هل يؤثر انقطاع الطمث المبكر على الخصوبة؟
لسوء الحظ، فإن انقطاع الطمث الباكر يؤثر بشكل جذري وخطير على الخصوبة، حيث يتوقف المبيضان عن انتاج البويضات الناضجة، مما يجعل فرص الحمل شبه مستحيلة، وتعد نسبة الحالات المسجلة لحمل النساء أثناء إصابتهن بفشل المبيض المبكر 5-10% فقط، مما يؤثر على الصحة الإنجابية والنفسية للمرأة.
ما هي مضاعفات انقطاع الطمث المبكر؟
إضافةً إلى كل ما سبق ذكره، فإن الانقطاع الباكر للطمث قد يؤدي إلى عددٍ من المضاعفات الخطيرة، وقد يهدد بعض منها حياة المرأة، ولذلك فإن انقطاع الطمث الباكر مشكلة حقيقة بحاجة لحل، ومن أهم المضاعفات التي قد تسببها هذه الحالة:
- هشاشة العظام
- أمراض القلب
- القلق والاكتئاب
- ضعف الوظيفة الإدراكية وشيخوخة الدماغ السريعة في بعض الحالات
- آلام المهبل
- متلازمة العين الجافة الشديدة (نادرة)
- الحساسية المفرطة لبعض الأطعمة أو تجاه الضوء والصوت (نادرة)
- تغير الصوت (نادرة)
هذه الأعراض تُعيق مسير الحياة الطبيعية للمرأة وتجعلها عرضةً للاكتئاب وتدهور صحتها النفسية والجسدية، ولذلك لابد للمرأة من السعي لمحاولة علاج حالة الانقطاع الباكر للطمث.
طرق علاج انقطاع الطمث المبكر
إن حالة انقطاع الطمث الباكر هي حالة معقدة تتطلب خططاً علاجية متخصصة تُركز على تعويض الهرمونات وحماية الصحة العامة، ويُعتبر الأساس الذهبي في العلاج هو العلاج الهرموني التعويضي (HRT)، حيث يتم تعويض الهرمونات الجنسية (الإستروجين والبروجستيرون) اللتين انخفض مستواهما، ومن ثم يتم العمل على علاج بعض الأعراض المرافقة والمضاعفات الموجودة، مثل علاج هشاشة العظام وأمراض القلب، وأخيراً وهو الأهم، علاج العقم الحاصل نتيجة انقطاع الطمث وتوقف عمل المبيض للمهتمات بالإنجاب.
بفضل تطور الطب، بات هناك العديد من العلاجات الحديثة لمساعدة المرأة على متابعة حياتها الإنجابية، حيث يوجد العلاج بالخلايا الجذعية، والعلاج بالبلازما الغنية بالصفائح، أو زرع أنسجة مبيضية مجمدة وهي من أحدث ما توصلت إليه الأبحاث، وفيها يتم تجميد أجزاء من أنسجة المبيض قبل البدء بالعلاج الكيميائي للمريضة، ويُعاد زرعها بعد الانتهاء من العلاج، وقد أظهرت هذه الطريقة نجاحاً باهراً في 85% من الحالات.
ختاماً، إن انقطاع الطمث الباكر ليس النهاية، ويُمكن علاجه والتغلب عليه والعودة للحياة الصحية السليمة، ولكن ذلك يتطلب وجود كادر طبي مختص ومركز طبي موثوق يؤمن للمرأة الراحة والطمأنينة والتحفيز الذي تحتاجهم للعلاج. في مركز بيمارستان الطبي، نوفر للمرأة كادر طبي ذا خبرة عالمية، والعديد من التقنيات الحديثة التي تُعيد للمرأة بريقها من جديد، وتجعلها تعيش بقية حياتها بصحة عالية.
المصادر:
- National Institutes of Health. (2023). What are the treatments for POI?
- Harvard Health Publishing. (2023). Coping with premature menopause.