يُعد علاج مرض الزهايمر من أبرز التحديات الطبية في العصر الحديث، إذ يصيب هذا الاضطراب العصبي أكثر من 55 مليون شخص حول العالم وفق الإحصائيات العالمية. يتميز المرض بتأثيره التدريجي على الذاكرة والتفكير والسلوك، وتزداد نسب الإصابة مع التقدم في العمر، ورغم عدم التوصل إلى علاج نهائي حتى الآن، فإن التطورات الطبية توفر استراتيجيات فعّالة لتخفيف الأعراض وإبطاء تقدمه، وإن البحث المستمر عن خيارات علاجية يظل أساسياً للحفاظ على جودة حياة المرضى واستقلاليتهم.
ما هو مرض الزهايمر؟
يعتبر مرض الزهايمر Alzheimer’s Disease مرض عصبي تنكسي مزمن مترقي، أي أنه يستمر طيلة حياة المصاب ويزداد سوءاً بمرور الوقت، ويصيب غالباً كِبار السِن. يحدث في هذا المرض تشكل بروتينات طافرة (من بروتين الأميلوئيد و من بروتين تاو) تحيط بالخلايا العصبية أو تكون داخلها، يؤدي ذلك لاضطراب وظائف الدِماغ بسبب قطع اتصالات هذه الخلايا ببعضها وحرمانها من القيام بالعمليات الأساسية اللازمة لنجاتها.
ينجم عن ذلك موت هذه العصبونات وخسارة نواقلها العصبية التي تنتجها، حيث يحصل نقص في النواقل العصبية في المٌخ نتيجة لذلك مما يُؤدي لمرض الزهايمر العصبي، لذا يعتمد علاج مرض الزهايمر على تخفيف أعراض ألزهايمر.

يتم علاج مرض الزهايمر باستخدام أدوية تعمل على تثبيط أنزيم الكولين استيراز أو عبر أدوية أخرى تقوم بمعاكسة تأثير NMDA وهاتين هما المجموعتين الدوائيتين المستخدمتين اللتان سوف نفصل في الحديث عنهما.
تشخيص مرض الزهايمر
يُشتبه بإصابة الأشخاص بمرض الزهايمر من خلال مجموعة من الفحوصات السريرية التي يجريها الطبيب أثناء المقابلة الطبية، ويبدأ التشخيص عادةً بطرح أسئلة على المريض حول الزمان والمكان لاختبار قدرته على الإدراك، إضافةً إلى تقييم الذاكرة قصيرة الأمد المتعلقة بالأحداث الحديثة والذاكرة طويلة الأمد المرتبطة بالمعلومات القديمة، كما يجري الطبيب فحصاً عاماً يشمل الضغط والحرارة والوظائف العصبية والجسدية للتأكد من عدم وجود أسباب أخرى قد تفسر الأعراض.
لا يقتصر التشخيص على هذه الخطوات، إذ تُستخدم اختبارات إضافية مثل التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي المحوسب للكشف عن ضمور الدماغ أو استبعاد أمراض أخرى، وفي بعض الحالات يُلجأ إلى فحوص متقدمة مثل تحليل السائل الدماغي الشوكي أو التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) لزيادة دقة التشخيص.
ورغم أن التشخيص المؤكد بنسبة 100% كان يتم قديماً فقط بعد فحص أنسجة الدماغ تحت المجهر بعد الوفاة، فإن التقدم الطبي اليوم أتاح تشخيص الزهايمر بشكل دقيق في حياة المريض بالاعتماد على المعايير السريرية والفحوص المتممة، وكلما كان الكشف في مراحل مبكرة، زادت فرص الاستفادة من العلاجات المتاحة وإبطاء تطور المرض.
علاج الأعراض الثانوية لمرض الزهايمر
يوجد لمرض الزهايمر العديد من الأَعراض بجانب فقدان الذاكرة، من بعض هذه الأَعراض نذكر:
- الإكتئاب
- الهلوسات
- اضطراب النوم
- القلق والاضطرابات النفسية
- الغضب وسهولة إثارة أعصابه
يتم علاج هذه الأَعراض باستخدام بعض الأَدوية العرضية ونذكر منها:
- حالات القلق
- حاصرات بيتا
- مضادات الذهان
- مضادات الصرع
- مضادات الاكتئاب
- مضادات الباركنسونية
- الأجسام الضدية الموجهة للأميلوئيد
علاج المرحلة المبكرة من مرض الزهايمر
يكون المريض في البداية يعاني ضعف في الذاكرة والقدرة على التفكير، وإن العلاج في هذه المَرحلة يمكن أن يوقف أو يؤخر ترقي المرض وبالتالي هو ضروري جداً.
يعتمد علاج مرض الزهايمر في المَرحلة المبكرة على التمارين الذهنية مع وصف مضادات أنزيم الكولين أستيراز (يعمل هذا الأنزيم على تحطيم الأستيل كولين في المشابك العصبية بعد تأديته لعمله (وهي عملية طبيعية)).
علاج مرض الزهايمر المبكر باستخدام مثبطات أنزيم كولين استيراز
يُعد الأستيل كولين من أهم النواقل العصبية في الدماغ، إذ يلعب دوراً محورياً في الذاكرة والانتباه والتعلم. في مرض الزهايمر يحدث تراجع تدريجي في الخلايا العصبية المنتجة للأستيل كولين نتيجة تراكم بروتينات غير طبيعية مثل بيتا أميلويد وتاو، مما يؤدي إلى انخفاض مستوياته في الدماغ.
تهدف أدوية مثبطات أنزيم الكولين إستيراز (Cholinesterase inhibitors) إلى زيادة كمية الأستيل كولين المتاحة، وذلك عبر إبطاء تحلله في المشابك العصبية، وقد أثبتت هذه الأدوية فعاليتها في المراحل الخفيفة إلى المتوسطة من مرض الزهايمر، حيث تساعد على تحسين بعض القدرات الإدراكية وتخفيف الأعراض السلوكية مثل القلق والانفعال والاكتئاب، مما يمنح المريض نوعية حياة أفضل لفترة أطول.
من أدوية مُثبطات أنزيم الكولين استيراز الفعالة في العلاج لمرض ألزهايمر (الخرف):
- ريفاستيغمين Rivastigmine
- غالانتامين Galantamine
- دونيبيزيل Donepezil
بالرغم من الفائدة الكبيرة لعلاج مرض الزهايمر باستخدام مُثبطات أنزيم كولين استيراز (العلاجات الدوَائية) إلا أن دراسة كشفت لها بعض التأثيرات الجانبية التي قد يشعر بها الأشخاص (مرضى الزَهايمر) عند استخدامِ عقار منها وهي:
- الغثيان
- الإقياء
- الإسهال
- الإغماء
- بطء الحركة
- الدوخة والدوار
- الأذيات والرضوض بسبب الإغماء والوقوع أرضاً (مثل الكسور)
علاج مرض الزهايمر الباكر باستخدام التمارين الذهنية
يبدي النشاط العقلي المستمر نتائج واعدة في علاج مرضى الزهايمر من حيث تَخفيف سرعة ترقي المرض، حيث ينصح العديد من الأطباء المرضى ذوي خطر الإصابة بالمرض بإبقاء أدمغتهم نشطة.
يتم ذلك عبر ألغاز عقلية وألعاب تفكيرية مثل الكلمات المتقاطعة وغيرها، ويكون الهدف من هذا النشاط العقلي تحفيز مخ المَريض وجعله يحاول التفكير وتذكر الأشياء.
يجب على هذا النشاط أن يكون محمساً للمريض، أن ينسجم بالجو وأن يكون محباً للمنافسة فيه لكن يشترط بصرامة حفظ كرامة المَريض والأخذ بالحسبان قدرته العَقلية المتراجعة بسبب المرض وعدم إثارته أو إغضابه بسبب هذه الألعاب.
علاج مرض الزهايمر في مراحله المتقدمة
عند تقدم مرض الزهايمر وحدوث الأَعراض الأشد من مسيره، يتم اللجوء إلى خيارات جديدة في العلاج من ألزهايمر (الخرف) تكون أكثر فعالية.
لعلاج المراحل المأخرة من الزهايمر يوجد مجموعة دوائية جديدة تدعى قافلات مستقبلات NMDA، أو يمكن الاعتماد على عقار سابق الذكر لكن بجرعات أعلى وبطرق اعطاء مختلفة.
علاج مرض الزهايمر باستخدام دواء قافل لمستقبلات NMDA
تعتمد هذه الأدوية على تحسين نقل النواقل العصبية في الجهاز العصبي المركزي وإيقاف حدوث الضرر في الدماغ (تخرب خلايا المخ) وبالتالي العلاج عبر تَحسين أَعراض ألزهايمر.
يستخدم لعلاج مرضى الزهايمر في المَرحلة المتأخرة دواء ميمانتين Memantine وهو الدواءُ القافل للمستقبلات سابقة الذكر ويمكن إشراكه مع الأدوية المثبطة لأنزيم كولين استيراز لتحسين كفاءة العلاجات، (وذلك حسب هيئة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة الأميركية).

من أشهر هذه المشاركات الدوائية استخدام الميمانتين مع الدونيبيزيل، حيث كشفت دراسة فعالية هذه المشاركة في استقرار وعلاج مرض الزهايمر المتقدم.
من الأَعراض الجانبية لدواء ميمانتين نذكر:
- النعاس
- الصداع
- الإمساك
- الدوخة والدوار
- التخليط والارتباك
علاج مرض الزهايمر المتقدم باستخدام الريفاستيغمين
وهو من الأدوية المثبطة لأنزيم الكولين استيراز سابقة الذكر، لكن في الحالة المتطورة لمرض ألزهايمر يتم العلاج باستخدام لصاقات الريفاستيغمين Rivastigmine Patches الجلدية (من الأدوية المستخدمة عند تدهور حالة المَريض بالزهايمر).
تعمل هذه اللصاقات على تحرير الدواء الذي يتم امتصاصه بِشكل مستمر من قبل الجلد طيلة فترة وضع اللصاقة، وتكون جرعة ريفاستيغمين بالعلاج هنا بين 13.3-4.6 ملغ في اليوم (الجرعة اليومية).
أحدث تقنيات علاج مرض الزهايمر في تركيا
يتم علاج مرض الزهايمر في تركيا باستخدام التحفيز النبضي عبر الجمجمة TPS، تعتمد هذه الطريقة على تحفيز الخلايا العصبية في المخ وتنشيط المناطق العميقة من الدماغ عبر تطبيق أمواج فوق صوتية (إيكو متطور) على الرأس على عدة جلسات، وأبدت هذه الطريقة نجاحاً واسعاً في علاج وتحسين أعراض مرضى الزهايمر.

هل يمكن الوقاية من مرض الزهايمر؟
ليس هنالك دليل مثبت على وقاية فعالة ضد مَرض الزهايمر لكن تبقى معاكسة عوامل الخطر (المؤدية لموت خلايا الدماغ بمرض أَلزهايمر) هي أهم سبل الوقاية من مرض الزهايمر أو تأخير تطوره.
على الرغم من ذلك يوجد أساليب للوقاية لمرض الزهايمر (الشيخوخة) حسب نتائج دراسة واعدة، ومنها ما يلي:
- إبقاء الدماغ نشيطاً: يجب علينا عدم ترك أدمغتنا بلا عمل، القراءة المستمرة والتعليم المستمر أساس الحياة الصحية، يجب أيضاً إعمال العقل ببعض الأحاجي والألغاز.
- تجنب التدخين: التدخين هو من عوامل الخطر المحدثة لمرض الزهايمر.
- عيش حياة صحية: وذلك من خلال تناول الطعام الصحي وخاصة الذي يحتوي على زيت الزيتون والسمك، يفضل أيضاً التعرض لأشعة الشمس المفيدة للحصول على فيتامين د.
- الحفاظ على حياة اجتماعية صحية: ويكون ذلك بالاجتماع بالأصدقاء والتبرع في المشاريع الخيرية بحيث يحس الشخص برضاه عن ذاته وبإنجازه بكونه عضو فاعل في المجتمع.
- ممارسة الرياضة: تفيد الرياضة في الكثير من الأمراض لذا إبقاء الجسم صحي أمر مهم للوقاية من المرض.
- النوم بشكل جيد: يعد السهر لساعات متأخرة وقلة النوم من أسباب مرض الزهايمر حسب دراسة على خلايا المخ عند مرضى الزهايمر.
ختاماً، إن علاج مرض الزهايمر يهدف إلى الحد من الأعراض وتعزيز الوظائف العقلية بقدر الإمكان، مما يمنح المريض وأسرته فرصة للتأقلم بشكل أفضل مع المرض، ومع التقدم الطبي المستمر، تتوسع الخيارات العلاجية التي يمكن أن تحسن من نوعية الحياة بشكل ملحوظ. يوفر مركز بيمارستان الطبي في تركيا رعاية متقدمة تجمع بين أحدث البروتوكولات العلاجية والدعم الشامل، مما يجعله وجهة موثوقة للراغبين في الحصول على أفضل العلاجات المتاحة.
المصادر:
- Sharma, K., Singh, A., & Sinha, R. (2019). Cholinesterase inhibitors as Alzheimer’s therapeutics.
- Yiannopoulou, K. G., & Papageorgiou, S. G. (2020). Current and future treatments in Alzheimer Disease.