تشير الدراسات إلى أن شلل الوجه النصفي يصيب 1 من كل 60 شخصاً خلال حياتهم، حيث يحتاج 10-15% منهم لتدخل جراحي متقدم. تُعد جراحة شلل الوجه النصفي حلاً مهماً للحالات المستعصية التي تفشل في الاستجابة للعلاجات التقليدية. مع تطور التقنيات الجراحية الدقيقة، أصبح بالإمكان استعادة وظائف الوجه بشكل كبير وتحسين جودة الحياة للمرضى.
ما هي جراحة شلل الوجه النصفي؟
إن جراحة شلل الوجه النصفي أو جراحة شلل بيل هي تدخل جراحي يُلجئ إليه عندما لا يستجيب المريض المصاب بشلل بيل للعلاج الطبيعي والعلاج الدوائي بعد عدة أشهر من البدء، وتهدف إلى استعادة وظيفة العصب الوجهي في تعصيب عضلات الوجه التعبيرية (عضلات التعبير عن المشاعر)، وتحسين المظهر الجمالي للوجه.
لا يوجد سبب معروف ودقيق للإصابة بشلل الوجه النصفي أو شلل العصب الوجهي، ولكن غالباً ما تنجم هذه الحالة عن العدوى الفيروسية التي تصيب العصب الوجهي، أو بسبب الالتهابات والأورام حول العصب الوجهي والتي تضغط عليه داخل قناته العظمية، وتتظاهر أهم أعراض شلل بيل بضعف أو شلل مفاجئ في نصف الوجه، وتدلي الجفن والفم، وجفاف العين وسيلان اللعاب، واضطراب حاسة التذوق في نصف الوجه المصاب، والحساسية العالية للأصوات في بعض الحالات، وإن جراحة العصب الوجهي بأنواعها تهدف لحل هذه المشكلة ليستعيد المريض جمالية وجهه ووظائفه من جديد.
أنواع الجراحات المستخدمة في شلل الوجه النصفي
تتنوع أنواع الجراحات المستخدمة في علاج شلل بيل، حيث تهدف الجراحة إلى حل مشكلة الضغط المطبق على العصب الوجهي، أو استبدال العصب بالكامل في الحالات التي يكون فيها العصب الوجهي قد تخرب بالكامل.
جراحة تخفيف الضغط على العصب الوجهي
الهدف منها هو تقليل الضغط على العصب الموجود داخل قناته العظمية في الجمجمة من خلال العمل الجراحي، وتقتصر على حالات الشلل الشديد المترافق مع تلف عصبي دائم.
جراحة نقل العصب (Nerve Graft)
في هذه الجراحة يتم توصيل العصب الوجهي التالف بأعصاب سليمة (كالعصب تحت اللساني أو العصب السمعي)، مما يؤدي إلى استعادة الحركة تدريجياً.
جراحة نقل العضلات
يتم فيها نقل عضلة صغيرة من جزء آخر من الجسم لكي تقوم بتعويض حركة الوجه، وقد يتم نقل أكثر من عضلة في بعض الأحيان، وتُستخدم هذه الجراحة في حالات استمرار شلل بيل لأكثر من سنتين مما يؤدي لضمور عضلات الوجه.
جراحات التجميل الترميمية
الهدف منها هو تحسين المظهر الجمالي للوجه دون استعادة الحركة فيه، ويتم التركيز على تصحيح تدلي الجفن وزاوية الفم، حيث تُستخدم أنسجة أو مواد صناعية لرفع الفم، ويتم زرع ثقل ذهبي في الجفن لمساعدته على الإغلاق.
ما بعد جراحة شلل الوجه النصفي: العلاج الطبيعي والمضاعفات
بعد جراحة شلل الوجه النصفي يمر المريض بمرحلة هاملة من التعافي وتشمل العلاج الطبيعي والمتابعة الطبية والوقاية من المضاعفات، حيث يهدف العلاج الطبيعي لاستعادة قوة وتناسق عضلات الوجه ومنع تيبّس العضلات من خلال التمارين، ويتم تطبيقه بعد 3-6 أسابيع من الجراحة حسب تعليمات الطبيب، ويمكن تلخيصه في:
- التمارين البسيطة: تدليك الوجه، وتمرين التنفس عن طريق نفخ الخدين ببطئ وتفريغ الهواء، وتمارين إغلاق العين.
- التمارين المتقدمة: الابتسام ببطئ، وتمارين رفع الحاجب، ونفخ البالون، والغمز.
- التحفيز الكهربائي (نادر): يُستخدم لتحفيز العضلات كهربائياً بهدف تحسين التواصل بين العضلة والعصب الخاص بها.
إن فترة ما بعد جراحة شلل الوجه النصفي حساسة للغاية، وتحتمل العديد من المضاعفات، حيث أنه في المراحل المبكرة بعد الجراحة قد يُصاب الجرح بالعدوى الجرثومية، أو قد يحدث نزف داخلي في منطقة الجراحة، أو قد يحدث تلف لبعض الأعصاب المجاورة مثل تلف العصب تحت اللسان، وقد يُصاب الشخص بجفاف العين. في المراحل المتأخرة قد تظهر بعض المضاعفات الأخرى مثل عدم تناسق عضلات الوجه والحركات الغير طبيعية (تحرك الفم عند محاولة إغلاق العين)، ولذلك على المريض في هذه الفترة أن يلتزم بتعليمات الطبيب الذي أجرى العملية، وأن يلتزم بالمتابعة الدورية، وأن يلجئ إلى المشفى بشكل إسعافي عند ظهور بعض المضاعفات المبكرة أو المتأخرة.
نسب نجاح جراحة شلل الوجه النصفي والتوقعات المستقبلية
إن نسب نجاح جراحة شلل الوجه النصفي يعتمد على نوع الجراحة المُجراة، ولكن في الغالب فإن نسب النجاح مرتفعة، وقد تصل إلى 95% في بعض الجراحات والحالات، وقد تختلف النسبة بناءً على عدة عوامل، وأهمها:
- عمر المريض: نسب نجاح جراحة شلل العصب الوجهي عند الشباب أعلى مما هي عند الكهول، وذلك لأن أعصابهم لا تزال تملك القدرة على التجدد.
- مدة الشلل: كلما أجريت الجراحة في وقت مبكر من الإصابة كلما كانت النتائج أفضل.
- خبرة الجراح: إن العمليات الدقيقة قد تتطلب جراحاً متخصصاً ذا خبرة عالية لإجرائها.
- التزام المريض: إن العلاج الطبيعي والمنتظم والمراجعة الدورية للفحص قد تكون من الأسباب الرئيسية التي تزيد فرص التعافي بنسب عالية قد تصل إلى 30-40%.
إن التوقعات المستقبلية بعد إجراء جراحة شلل الوجه النصفي تتمثل في بدء ظهور الحركة البسيطة بعد عدة أشهر، أو استعادة وظيفة العصب الوجهي خلال أقل من سنة، وأخيراً الوصول للنتيجة النهائية والمُرضية للمريض بعد سنة من إجراء العملية.
هل الجراحة هي الخيار الأمثل لعلاج شلل الوجه النصفي؟
في الواقع، إن جراحة شلل الوجه النصفي ليست الخيار الأول في معظم الأحيان، ولكنّها قد تكون ضرورية في بعض الحالات مثل حالات الشلل الكامل الذي لم يُظهر تحسناً بالعلاج الطبيعي والأدوية، وفي حالات ظهور المضاعفات الخطيرة لشلل بيل مثل جفاف العين وتشوهات الوجه، وعندها يُلجئ إلى الجراحة لعلاج شلل الوجه النصفي. في بعض الحالات الأخرى قد يُظهر المريض تحسناً بدون اللجوء للجراحة ويحدث هذا في 85% من الحالات، ولذلك يُنصح بتجربة العلاج الدوائي والعلاج الطبيعي قبل اللجوء للعلاج الجراحي.
ختامًا، يُعد شلل الوجه النصفي تحديًا طبيًا يحتاج إلى تدخل دقيق وخطط علاجية مُخصصة، حيث تتفاوت النتائج بين التعافي التلقائي والتدخل الجراحي المتقدم. في مركز بيمارستان الطبي، نقدم رحلة علاجية شاملة تجمع بين أحدث التقنيات والكفاءات الطبية لاستعادة ابتسامتكم وثقتكم بأنفسكم. نهتم بكل تفصيل في مسار علاجكم، بدءًا من التشخيص الدقيق ووصولاً إلى أحدث الخيارات الجراحية الترميمية، لأن صحتكم تستحق الأفضل دائمًا.
المصادر:
- National Institute of Neurological Disorders and Stroke. (2023). Bell’s Palsy fact sheet. U.S. Department of Health and Human Services.
- American Academy of Otolaryngology–Head and Neck Surgery. (2021). Clinical practice guideline: Bell’s palsy.