تعد خشونة الركبة من أكثر اضطرابات المفاصل المزمنة شيوعاً وانتشاراً بين البالغين، وعلى الرغم من كونها حالة تنكسية لا شفاء منها، إلا أنّ بروز عملية قطع العظم الظنبوبي ساهم في علاج هذه المشكلة وتحسين الأعراض بشكل جيد.
يقدر أنّ أكثر من 250 مليون شخص مصاب بخشونة الركبة في العالم، مع ارتفاع ملحوظ للنساء مقارنة بالرجال، مما يفرض على المرضى أن يكونوا على دراية بفوائد ومخاطر جراحة خشونة الركبة والعلم بنتائجها على المدى الطويل.
ما هو قطع العظم الظنبوبي؟
تتطور خشونة المفصل عندما لا تصطف الركبة وعظم الساق بشكل صحيح، مما يؤدي إلى ضغط زائد إما على الجانب الداخلي (الإنسي) أو الجانب الخارجي (الوحشي) من الركبة، ومع مرور الوقت، يؤدي هذا الضغط المفرط إلى تآكل الغضروف المفصلي الأملس الذي يحمي العظام، مما يسبب ألما وتيبساً في المفصل.
يعد قطع العظم الظنبوبي إجراء جراحي يقوم بإعادة محاذاة مفصل الركبة وتصحيح انحراف محور الركبة للمرضى المصابين بخشونة الركبة والتي تؤثر على جانب واحد من الركبة فقط، إذ يهدف هذا الإجراء إلى تخفيف الضغط على الجزء المتضرر من مفصل الركبة المصابة، وتحويله إلى الجانب السليم من الركبة الذي يحتوي على غضروف صحي، من خلال قطع عظم الظنبوب وإعادة تشكيله بالطريقة الصحيحة.
تختلف عملية قطع العظم الظنبوبي عن عملية استبدال مفصل الركبة الصناعي ، عندما يكون تلف مفصل الركبة غير قابل للإصلاح يمكن لجراحة استبدال مفصل الركبة أن تصحح هذه الحالة، لكن في بعض المرضى، يمكن لعملية قطع العظم الظنبوبي أن تعيد محاذاة الركبة لتخفيف الضغط عن الجانب المتضرر، دون الحاجة لتغيير المفصل، حيث يقوم هذا الإجراء بتأخير أو منع الحاجة إلى الاستبدال الجزئي لمفصل الركبة أو الاستبدال الكلي لمفصل الركبة من خلال الحفاظ على المفصل الطبيعي قدر الإمكان.

من هم المرضى المناسبون لعملية قطع العظم الظنبوبي؟
تجرى هذه العملية لعدة أسباب، ويعد وجود خشونة في الجزء الداخلي من الركبة السبب الأكثر شيوعاً، وقد تكون هذه الخشونة بسبب استئصال جزئي سابق للغضروف الهلالي الداخلي، في هذه الحالة تستخدم العملية لتحويل الحمل إلى الجهة الخارجية أو مركز الركبة مما يؤدي إلى تخفيف الأعراض، كما أنّ المرضى الذين يحتاجون إلى زراعة غضروف هلالي داخلي أو ترميم غضروف المفصل في الجهة الداخلية، ويعانون من مرض التقوًس الخارجي، فوجود هذا التقوس يؤدي إلى فشل هذه الإجراءات إذ لم يتم تصحيح المحاذاة أولاً بعملية قطع العظم الظنبوبي.
كما تعد هذه التقنية الجراحية فعالة في استعادة المحاذاة الطبيعية للركبة، أو في حالات خشونة الركبة، وفي إطالة عمر المفصل الطبيعي وتخفيف الألم وتحسين جودة الحياة، وغالباً ما يوصى بها للمرضى الأصغر سناً (أقل من 50 سنة) والأكثر نشاطاً بدنياً، ولا يُنصح لهؤلاء بجراحة استبدال المفصل نظراً لارتفاع خطر ارتخاء المفصل الصناعي أو فشله المبكر، مما يتطلب استبداله مجدداً.
خطوات إجراء عملية قطع العظم الظنبوبي
قبل إجراء عملية قطع العظم الظنبوبي يقوم الطبيب بتحديد نوع التصحيح الموجود بناءً على صور الأشعة الشاملة (الأشعة السينية والرنين المغناطيسي)، كما يجرى تقييم تخديري مسبق ومراجعة التاريخ الطبي للتأكد من ملائمة المريض للعملية وتخفيف خطر المضاعفات، كما سيقوم طبيب التخدير بمناقشة خيارات التخدير مع المريض، إذ يمكن أن يكون التخدير عاماً (يتم تخدير المريض بالكامل)، ويمكن أن يكون التخدير قطنياً (يكون المريض مستيقظ، لكن الجزء السفلي من جسمه يكون مخدراً، أي من الخصر إلى أسفل القدمين).
سيقوم الجراح بمقابلة المريض قبل الجراحة، ويقوم بتحديد الركبة المصابة بقلم خاص للتحقق من مكان الجراحة الصحيح، عادةً ما تستغرق جراحة خشونة الركبة من ساعة إلى ساعتين، وتكون خطوات العملية على الشكل الآتي:
- تجرى في غرفة عمليات معقمة تحت معايير صارمة
- يُوضع المريض مستلقياً على الطاولة مع ربط شريط ضاغط حول الفخذ
- تجرى شقوق بطول حوالي 10 سم في الجزء العلوي من الساق، ثم يقطع الظنبوب لتصحيح المحور ويوضع طعم عظمي على شكل وتد للحفاظ على التعديل
- يُؤخذ الطعم العظمي إما من حافة الحوض من المريض نفسه (ذاتي) أو من متبرع خلال جراحة استبدال مفصل الورك
- يثبت الظنبوب بصفيحة معدنية ومسامير بعد وضع الطعم دون الحاجة إلى أدوية مضادة للرفض كما في زراعة الأعضاء

الفرق بين قطع العظم المفتوح والمغلق
توجد نوعين لجراحة قطع العظم الظنبوبي، ويختار الجراح إحدى هذه التقنيتين حسب حاجة المريض، وتعد تقنية قطع العظم المغلق الأكثر شيوعاً، حيث يجري الجراح شق في مقدمة الركبة ويزيل وتداً عظمياً صغيراً من الجزء العلوي من عظم الظنبوب، ثم يقرب العظام ويملأ الفراغ المتبقي بواسطة الطعم العظمي، ثم تثبت العظام بصفيحة ومسامير حتى يلتئم العظم، يقلل هذا الإجراء الضغط عن الجزء التالف من المفصل ويحول بعض الحمل إلى الجزء الخارجي السليم من الركبة.
بينما يقوم الجراح بتقنية قطع العظم المفتوح بإجراء شق جراحي أمام الركبة (أسفل عظم الرضفة)، ثم يحدث قطعاً على شكل وتد في عظم الظنبوب، يتم ملء الفجوة بالطعم العظمي، وقد تستخدم صفائح ومسامير للدعم أثناء الشفاء، تساعد هذه المعالجة في تصحيح زاوية الركبة وتخفيف الألم بشكل ملحوظ.
فترة التعافي وإعادة التأهيل بعد جراحة خشونة الركبة
في معظم الحالات، يبقى المريض في المستشفى 2-4 أيام بعد العملية، وكما هو الحال مع جميع العمليات الجراحية سيشعر المريض بالألم، ولكن تتوفر العديد من مسكنات الألم بما في ذلك الأفيونات ومضادات الالتهاب غير الستيروئيدية، بالإضافة إلى المخدرات الموضعية، ومن المحتمل أن يحتاج المريض إلى استخدام العكازات للمشي خلال الأسابيع الأولى بعد العملية، وقد تستغرق مدة الشفاء الكامل من 6 أشهر إلى سنة.
بعد حوالي 6 أسابيع من العملية سيقوم المريض بزيارة الطبيب المختص، ويتم أخذ صورة للأشعة السينية للتأكد من التئام العظم، وخلال فترة إعادة التأهيل، سيقدم أخصائي العلاج الطبيعي للمريض تمارين للمساعدة في الحفاظ على مدى حركة الركبة واستعادة القوة العضلية.
هل يمكن ممارسة الرياضة بعد جراحة خشونة الركبة؟
من المهم أن يبدأ المريض في تحريك الركبة على الفور حتى لا تصاب بالتصلب، إذ يقوم أخصائي العلاج الطبيعي بتعليم المريض التمارين التي يجب أن يبدأ بها، وسيتم تطوير هذه التمارين تدريجيا حسب قدراته الجسدية، وتحت إشراف أخصائي العلاج الطبيعي الخاص به، وعلى عكس العلاجات الجراحية الأخرى لالتهاب المفاصل، تعتمد عملية قطع العظم على شفاء العظام قبل البدء في التمارين الأكثر شدة والتي تتضمن رفع الأوزان في صالة الألعاب الرياضية، ومن المهم أن يتبع المريض توجيهات أخصائي العلاج الطبيعي في كيفية تطوره.

دور التغذية والمكملات في تسريع شفاء العظام
تلعب التغذية والمكملات الغذائية دوراً مهماً جداً في تسريع وتعزيز شفاء العظام بعد عملية قطع العظم الظنبوبي، إذ أنّ العظام تحتاج إلى مواد غذائية معينة لإعادة البناء والتعافي، ويمكن أن تؤثر الحالة الغذائية للمريض بشكل مباشر على سرعة ومتانة الشفاء، ومن أهم العناصر:
- البروتين: ضروري لبناء الأنسجة الجديدة، بما في ذلك العظام والغضاريف والأربطة.
- الكالسيوم: عنصر أساسي في تكوين العظام، فأخذه بكميات مناسبة يساعد على ترسيبه في موضع القطع العظمي.
- فيتامين D: يعزز من عملية امتصاص الكالسيوم من الأمعاء.
- فيتامين C: ضروري لتكوين الكولاجين، الذي يعد البروتين الأساسي في النسج العظمية.
- فيتامين K2
- الزنك والمغنيسيوم
لا بد من تجنب التدخين الذي يقلل تدفق الدم ويؤخر التئام العظام، بالإضافة إلى تجنب الكحول الذي يؤثر سلباً على عملية بناء العظام.
فوائد ومخاطر قطع العظم الظنبوبي
تحتوي عملية قطع العظم الظنبوبي العديد من الفوائد، ومن هذه الفوائد:
- إطالة عمر مفصل الركبة، وتأخير الحاجة إلى عملية استبدال المفصل الصناعي، وفي بعض الحالات قد يتم تجنب الاستبدال نهائياً
- تصحيح اعوجاج الركبة أو سوء محاذاتها
- تحسين الوظيفة الحركية للركبة
- رفع جودة الحياة للمريض
- تقليل الألم
لا يخلو أي عمل جراحي من بعض المخاطر، وتشمل مخاطر ومضاعفات عملية قطع العظم الظنبوبي ما يلي:
- بقاء أعراض خشونة الركبة مثل التيبس والتورم
- كسر في عظم الظنبوب، أو تأخر التئام العظم، أو فشل في التئام الطعم العظمي.
- ألم ناتج عن الصفيحة المعدنية التي قد تستدعي إزالتها لاحقا
- خدر مؤقت وتورم
ومن المضاعفات الأقل شيوعا التي تحدث بشكل نادر:
- العدوى والالتهابات والجلطات الدموية
- إصابة الأعصاب أو الأوعية الدموية، وتعد مضاعفات نادرة ولكن خطيرة
- مضاعفات طفيفة متعلقة بالتخدير مثل الغثيان والقيء
- مشاكل القلب أو الرئة أو الجهاز العصبي فهي نادرة جداً.
نتائج العملية على المدى الطويل
غالباً ما تكون نتائج عملية قطع العظم الظنبوبي على المدى البعيد إيجابية، خاصة لدى المرضى التي كانت حالتهم مناسبة لهذا النوع من التدخل، فيما يلي أبرز النتائج المتوقعة على المدى الطويل:
- تخفيف الألم: معظم المرضى يشعرون بانخفاض ملحوظ في الألم الناتج عن خشونة مفصل الركبة بعد العملية.
- تحسين وظيفة المفصل: تستعيد الركبة قدرتها على الحركة بشكل أفضل، مما يحسن من جودة حياة المريض ويزيد من قدرته على ممارسة أنشطته اليومية.
- تأخير أو تجنب استبدال الركبة: يمكن للعملية أن تؤخر الحاجة إلى عملية استبدال مفصل الركبة لعدة سنوات (5–10 سنوات أو أكثر)، وقد تجنبها تماماً عند بعض المرضى.
- استمرار النشاط البدني: كثير من المرضى يستطيعون العودة إلى ممارسة أنشطة بدنية معتدلة مثل المشي وركوب الدراجة وحتى بعض الرياضات منخفضة التأثير.
من المهم ملاحظة أن نجاح العملية يعتمد على عدة عوامل، مثل مدى تضرر المفصل قبل العملية وعمر المريض ومستوى نشاطه، بالإضافة إلى الالتزام بإعادة التأهيل والعلاج الطبيعي.
مقارنة تكلفة جراحة قطع العظم الظنبوبي في تركيا والدول الأوروبية
تتميز تركيا عن غيرها من الدول الأوروبية بأنّها تعد الخيار الأفضل للسياحة العلاجية، بسبب التكاليف المعقولة وجودة الرعاية الصحية التي تقدمها، مع ذلك تختلف تكلفة جراحة قطع عظم الظنبوب بناءً على عدة عوامل منها، خبرة الجراح وجودة المستشفى ونوع الرعاية الصحية المقدمة قبل وبعد العملية، وتتراوح تكلفة هذه العملية في تركيا تقريباً 4000-5500 دولار امريكي بينما تتراوح تكلفة هذه العملية في باقي الدول الأوروبية تقريباً 10,000 إلى 20,000 دولار أمريكي، حسب الدولة والمستشفى.
في الختام، تعد جراحة قطع العظم الظنبوبي خياراً جراحياً فعالاً للمرضى الذين يعانون من خشونة مفصل الركبة في مراحله المبكرة والمتوسطة، وعلى الرغم من بعض المخاطر والمضاعفات المحتملة فإنّ النتائج طويلة المدى تظهر معدلات نجاح جيدة عند المرضى، وبالأخص عند الالتزام ببرنامج إعادة التأهيل.
المصادر:
- .American Academy of Orthopaedic Surgeons. (n.d.). Osteotomy of the knee.Ortholnfo
- .Wrightington, Wigan and Leigh NHS Foundation Trust. (n.d.). High tibial osteotomy