يعد مفصل الكتف أحد أكثر المفاصل تعقيداً في جسم الإنسان من حيث البنية والوظيفة، ويكون معرض للإصابات بكثرة مثل تمزق الكفة المدورة، وفي الحالات المعقدة من هذه الحالة قد لا يكون الإصلاح البسيط كافياً، بل يتطلب علاجه إعادة بناء الكتف، حيث أظهرت الدراسات تحسناً واضحاً في نتائج المرضى من حيث الألم والحركة بعد الخضوع لهذه الجراحة.
ما هو تمزق الكتف؟
يعد تمزق الكتف أو ما يعرف بتمزق الكفة المدورة عبارة عن إصابة تصيب العضلات وأوتار الكفة المدورة في الكتف، حيث تؤدي إلى ألم في الكتف وصعوبة أو فقدان القدرة على استخدام الذراع، إذ تتكون الكفة المدورة من مجموعة من العضلات والأوتار التي تحيط بمفصل الكتف، وتساعد على رفع الذراع وتحريكها بعيداً عن الجسم، كما أنّها تحافظ على بقاء رأس عظم العضد مثبتاً داخل تجويف لوح الكتف، وقد يكون سبب هذا التمزق الإفراط في الاستخدام أو نتيجة لإصابة مباشرة، ويوجد نوعان لتمزق الكتف، هما:
- التمزق الجزئي (Partial): في هذا النوع، يكون التمزق غير كامل، ولا يزال الوتر متصلاً جزئيا بعظم الذراع.
- التمزق الكامل (Complete): في هذا النوع ينفصل الوتر تماماً عن العظم، ويكون هناك ثقب أو قطع كامل في الوتر.

أعراض الإصابة بتمزق الكتف
يشعر المصاب بتمزق الكتف بالأعراض التالية:
- الشعور بألم خفيف وعميق داخل الكتف
- اضطرابات في النوم
- صعوبة في تمشيط الشعر أو الوصول إلى خلف الظهر
- ضعف في الذراع مصاحب للألم
مع ذلك، بعض إصابات الكفة المدورة لا تسبب أي ألم.
أسباب حدوث تمزق الكتف
يحدث تمزق الكتف غالباً نتيجة التآكل التدريجي في الأوتار، وقد تسبب الحركات المتكررة فوق مستوى الرأس أو رفع الأوزان الثقيلة لفترات طويلة تهيجاً أو تلفاً في الأوتار، كما يمكن أن تحدث الإصابة نتيجة حادث مفاجئ مثل السقوط أو التعرض لضربة مباشرة، كما يوجد بعض عوامل الخطر التي قد تكون مرتبطة بتمزق الكتف، مثل:
- الوظيفة: مثل الأعمال التي تتطلب رفع الذراع بشكل متكرر مثل النجارة أو الطلاء ترفع من احتمال الإصابة.
- ممارسة الرياضة: مثل التنس، والبيسبول، ورفع الأثقال، ترتبط بإصابات شائعة في الكتف.
- العامل الوراثي: تميل هذه الإصابات إلى الظهور أكثر في بعض العائلات، مما يشير إلى احتمال وجود عامل جيني.
- العمر: يزداد خطر الإصابة بعد سن الخمسين.
تشخيص تمزق الكتف
يتم تشخيص تمزق الكتف في البداية من خلال الفحص السريري إذ يقوم الطبيب بالضغط على أجزاء معينة مختلفة من كتف المريض وتحريك الذراع في أوضاع متعددة، كما يجري اختباراً لقوة العضلات المحيطة بالكتف والذراع، كما تساعد الفحوص التصويرية أيضاً في تشخيص تمزق الكتف، مثل:
- الأشعة السينية: رغم أنّ تمزق الكفة المدورة لا يظهر مباشرةً في الأشعة السينية، إلا أنّ هذا الفحص يستخدم للكشف عن وجود نتوءات عظمية أو أسباب أخرى محتملة للألم، مثل التهاب أوتار الكتف.
- التصوير بالأمواج فوق الصوتية: يستخدم هذا الفحص الموجات الصوتية لإنتاج صور لهياكل الجسم الداخلية، خصوصاً الأنسجة الرخوة مثل العضلات والأوتار، حيث يتيح للطبيب تقييم الكتف أثناء الحركة، كما يسمح بمقارنة سريعة بين الكتف المصاب والسليم.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يستخدم مغناطيسا قوياً لإنتاج صور دقيقة تظهر جميع مكونات الكتف بتفصيل عال، مما يساعد في تحديد موقع وشدة التمزق بدقة.
ما المقصود بإعادة بناء الكتف؟
يوصي الطبيب بعملية إعادة بناء الكتف في حال وجود تمزق كامل أو إذا لم تجد العلاجات غير الجراحية نفعاً مع التمزق الكامل أو الجزئي، وقد تكون الجراحة ضرورية أيضاً في حال كان طبيعة عمل المريض أو نشاطه الرياضي يؤثر على وظيفة الكتف.
تجرى معظم عمليات إعادة بناء الكتف بواسطة منظار الكتف من خلال شقوق صغيرة في الجلد، وقد يستخدم الجراح الطريق المفتوح في بعض الحالات إذا دعت الحاجة، وتعد جراحة إعادة بناء الكتف من العمليات البسيطة، حيث يرجع المريض إلى بيته في نفس اليوم، لكن مدة التعافي بعد العملية قد تكون طويلة وتتطلب التزاماً، وقد تمتد إلى أكثر من عام، وتشمل خطوات العملية ما يلي:
- إدخال منظار صغير (كاميرا) عبر شق صغير في الكتف
- استخدام الصور التي يوفرها المنظار لتوجيه العملية
- إدخال أدوات دقيقة عبر شقوق صغيرة لإزالة النتوءات العظمية
- إعادة ربط الوتر بعظم الذراع العلوي
أنواع عمليات إعادة بناء الكتف
توجد عدة أنواع لعملية إعادة بناء الكتف، حيث يختار الطبيب النوع المناسب بناءً على حالة المريض، ومن هذه العمليات:
- إصلاح الوتر بالمنظار (Arthroscopic Tendon Repair): في هذه العملية، يدخل الجراح كاميرا صغيرة تسمى المنظار وأدوات جراحية دقيقة من خلال شقوق صغيرة لإعادة ربط الوتر الممزق بالعظم.
- الإصلاح المفتوح للوتر (Open Tendon Repair): في بعض الحالات، يكون من الأفضل إجراء إصلاح مفتوح، حيث يعمل الجراح من خلال شق أكبر لإعادة ربط الوتر التالف بالعظم.
- نقل الوتر (Tendon Transfer) : إذا كان الوتر الممزق تالفاً جداً ولا يمكن إعادة ربطه بعظم الذراع، قد يختار الجراح استخدام وتر قريب ليحل محله.
- استبدال مفصل الكتف (Shoulder Replacement): في حالات التمزقات الكبيرة جداً، قد تكون جراحة استبدال الكتف ضرورية، حيث يوجد تقنية مبتكرة تدعى استبدال مفصل الكتف العكسي، التي تحسن من استقرار المفصل الصناعي، حيث يتم تركيب الجزء الكروي على لوح الكتف، والجزء التجويفي على عظم الذراع.
مضاعفات عملية إعادة بناء الكتف
لا يخلو أي عمل جراحي من بعض المضاعفات والمخاطر، وتشمل بعض مضاعفات عملية إعادة بناء الكتف ما يلي:
- العدوى: يعطى المرضى مضادات حيوية أثناء الجراحة لتقليل خطر العدوى، ولكن في حال حدوثها، قد يتطلب الأمر جراحة إضافية أو علاجاً مطولاً بالمضادات.
- انفصال العضلة الدالية في الجراحات المفتوحة: قد يتم فصل جزء من هذه العضلة مؤقتاً لتحسين الوصول إلى الكفة المدورة، ثم يتم إعادة خياطتها في نهاية العملية، لكن من الضروري جداً حماية هذه المنطقة بعد الجراحة وخلال التأهيل لضمان شفائها السليم.
- تيبس المفصل: حيث يجب بدء التأهيل مبكراً لتقليل من خطر التيبس الدائم أو فقدان الحركة وغالباً ما يتحسن التيبس بالعلاج الطبيعي المكثف والتمارين.
- تمزق متكرر في الوتر: هناك احتمال لتمزق الوتر مرة أخرى بعد جميع أنواع الإصلاح، وتزداد هذه المخاطرة مع التمزقات الكبيرة، ومع ذلك، لا يعاني معظم المرضى من ألم إضافي أو تراجع في وظيفة الكتف بعد التمزق المتكرر، ولا ينصح بإجراء جراحة ثانية إلا في حالات الألم الشديد أو فقدان الوظيفة.
- إصابة العصب: وغالباً ما تكون إصابة العصب المسؤول عن تنشيط عضلة الكتف (الدالية).
التأهيل بعد جراحة إعادة بناء الكتف وأوقات التعافي
يعد التأهيل بعد جراحة إعادة بناء الكتف أمراً واسع الأهمية ويعد عنصراً أساسياً في استعادة الوظيفة الحركية وتقليل المضاعفات، حيث يبدأ البرنامج التأهيلي عادةً بعد عملية إعادة بناء الكتف بعدة أسابيع، وغالباً ما تستمر فترة التثبيت 4 إلى 6 أسابيع، يمنع من خلالها تحريك الكتف لتسهيل التئام الأوتار، يلي ذلك مراحل تدريجية من العلاج الطبيعي تبدأ بحركات سلبية، ثم نشطة بمساعدة، ثم يتم تقوية العضلات.
وتمتد فترة التعافي الوظيفي الكامل من 4 إلى 6 أشهر وقد يحتاج بعض المرضى إلى فترة تصل إلى 12 أسبوع، لاستعادة القوة الكاملة والمدى الحركي، خاصةً في الحالات المعقدة أو عند الرياضيين المحترفين.
علاج تمزق الكتف غير الجراحي
قد يلجأ الطبيب إلى علاجات تحفظية لمنع التدخل الجراحي في حالات التمزق الجزئي والحالات البسيطة، ومن هذه العلاجات:
- الراحة واستخدام الثلج: قد يكون كافي أحياناً للتعافي من إصابات الكتف البسيطة دون الحاجة لعملية إعادة بناء الكتف
- العلاج الطبيعي: يعد من أول الخيارات العلاجية المقترحة، حيث تصمم تمارين لتتناسب مع موقع الإصابة تحديداً، وتساعد على استعادة مرونة الكتف وقوته.
- الحقن: قد يكون الحقن داخل مفصل الكتف مفيداً في بعض الحالات، خصوصاً إذا كان الألم يعيق النوم أو الأنشطة اليومية أو جلسات العلاج الطبيعي، وتوفر هذه الحقن عادةً راحة مؤقتة، لكنها قد تضعف الوتر وتقلل من فرص نجاح أي جراحة مستقبلية في الكتف.
في الختام، تعد عملية إعادة بناء الكتف بعد التمزق خطوة علاجية فعالة للمرضى الذين يعانون من تمزقات متقدمة أو غير مستجيبة للعلاج التحفظي، وبالرغم من أنّ العملية تجرى غالباً باستخدام تقنيات طفيفة التوغل، إلا أنّ نجاحها يعتمد على عوامل متعددة تشمل حجم التمزق، وعمر المريض، ومستوى الالتزام ببرنامج إعادة التأهيل بعد الجراحة.
المصادر:
- American Academy of Orthopaedic Surgeons. (n.d.). Rotator cuff tears: Surgical treatment options. Ortholnfo. Retrieved July4, 2025
- National Library of Medicine. (n.d.). Rotator cuff repair. MedlinePlus. Retrieved July 4, 2025