يُصاب حوالي 1 من كل 10 بالغين بتقوس الظهر بدرجات متفاوتة، حيث تزداد نسبة الإصابة مع تقدم العمر، كما تشير الدراسات إلى أن حوالي 20% من الأشخاص الذين يبلغون من العمر 60 عاماً أو أكثر يعانون من حداب بدرجات متفاوتة.
يُشخص الحداب في سن المراهقة بشكل أكثر شيوعاً خاصةً بين الفتيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 12 و17 عاماً، حيث تظهر التشوهات بشكل أكبر نتيجة لسرعة نمو العظام خلال فترة البلوغ، أما في حالات الحداب الشديد فقد تؤثر الحالة بشكل كبير على صحة المريض مما يتطلب التدخل العلاجي والجراحي في بعض الأحيان. يمكن أن يشمل علاج تقوس الظهر خيارات متنوعة بدءًا من العلاجات المحافظة مثل العلاج الطبيعي والتمارين الرياضية، وصولاً إلى استخدام الأجهزة الداعمة أو التدخل الجراحي في الحالات الأكثر شدة، وذلك بهدف تقليل الألم وتحسين جودة الحياة للمريض.
ما هو تقوس الظهر (الحداب)؟
تقوس الظهر أو ما يُعرف بالحداب (Kyphosis) هو حالة مرضية يتجاوز فيها انحناء العمود الفقري الصدري الحد الطبيعي، مما يؤدي إلى ظهور انحناء مفرط في الجزء العلوي من الظهر. يُعتبر انحناء العمود الفقري الطفيف في الاتجاه الأمامي أمراً طبيعياً، ولكن إذا زاد هذا الانحناء عن 40 درجة، فإن ذلك يُسمى تقوس الظهر المفرط، الأمر الذي يسبب تأثيراً مرئياً في شكل الظهر ويؤدي إلى انتفاخ في المنطقة العليا من الظهر.
يختلف الحداب عن الجنف الذي يحدث فيه انحناء جانبي للعمود الفقري، مما يتسبب في اعوجاجه. الحداب غالباً ما يتم تشخيصه عند المراهقين في فترة النمو السريع، حيث يظهر التحدب في مرحلة الشباب، وغالباً ما يكون أكثر شيوعاً لدى الإناث مقارنةً بالذكور. ومع تقدم العمر، يزداد احتمال الإصابة بالحداب، ويقدر أن حوالي 20% من الأشخاص فوق سن الستين يعانون من درجات متفاوتة من تقوس الظهر.

أنواع تقوس الظهر (الحداب)
يوجد عدة أنواع للحداب تختلف فيما بينها بالأسباب وبطرق علاج تقوس الظهر، ما يلي ثلاث أنواع رئيسية لتقوس الظهر:
حداب الوضعة (Postural Kyphosis)
هذا النوع هو الأكثر شيوعاً ويظهر غالباً عند المراهقين بسبب وضعية الجلوس غير الصحيحة أو الانحناء المفرط. يكون الحداب في هذا النوع غير مؤلم عادةً، ولكنه قد يؤثر على مظهر الشخص. يمكن أن تتسبب الوضعية الخاطئة على المدى الطويل في شد العضلات والأربطة التي تدعم الفقرات، مما يؤدي إلى تقوس الظهر.
حداب شويرمان (Scheuermann’s Disease)
يُعتبر هذا النوع أكثر شيوعاً لدى الذكور في مرحلة البلوغ. يتميز هذا النوع بشكل مختلف للفقرات التي تأخذ شكل الإسفين، الأمر الذي يؤدي إلى انحناء مفرط في العمود الفقري. قد يسبب هذا النوع من الحداب ألماً شديداً، خاصةً أثناء الأنشطة اليومية أو الوقوف لفترات طويلة.
الحداب الخلقي (Congenital Kyphosis)
هذا النوع هو الأقل شيوعاً ويحدث عندما يكون هناك خلل في تطور العمود الفقري أثناء الحمل. يؤدي هذا العيب إلى اندماج الفقرات مع بعضها البعض بدلاً من الانفصال الطبيعي، ويحتاج هذا النوع غالباً إلى العلاج الجراحي المبكر لمنع تفاقم الحالة.
أسباب تقوس الظهر (الحداب)
تختلف أسباب تقوس الظهر حسب النوع والظروف المحيطة بكل حالة، وتشمل الأسباب الأكثر شيوعاً لتقوس الظهر ما يلي:
- الكسور الانضغاطية: يحدث هذا النوع نتيجة إصابة الفقرات وخاصةً عند كبار السن، مما يؤدي إلى انهيار الفقرات وضغطها على بعضها البعض. يُعتبر هذا من الأسباب الأكثر شيوعاً لتقوس الظهر بين البالغين، خاصةً بوجود هشاشة العظام.
- التهاب المفاصل التنكسي: يمكن أن يحدث تدهور في غضاريف المفاصل والفقرات مع تقدم العمر، مما يسبب تشوهات في العمود الفقري وبالتالي زيادة الانحناء.
- التهاب الفقار اللاصق: وهو مرض يسبب التهابات في المفاصل بين الفقرات، مما يؤدي إلى زيادة انحناء العمود الفقري.
- الحثل العضلي: يؤدي هذا الاضطراب الوراثي إلى ضعف العضلات، بما في ذلك العضلات المسؤولة عن دعم العمود الفقري.
- الأورام في العمود الفقري: يمكن أن يؤدي الورم سواء كان حميداً أو خبيثاً، إلى الضغط على العمود الفقري وبالتالي زيادة انحناء الظهر.
أعراض تقوس الظهر
تتراوح أعراض تقوس الظهر بين الشكل الظاهري والتأثيرات الجسدية الأخرى. في الحالات الخفيفة، قد يقتصر الأمر على تشكل حدبة أو انحناء ملحوظ في أعلى الظهر دون شعور بألم. في الحالات الأكثر شدة قد يعاني المريض من أعراض إضافية مثل:
- ألم وتصلب في الظهر والكتفين
- التعب الشديد بسبب الإجهاد المستمر على العضلات
- خدر ووخز خفيف في الساقين نتيجةً للضغط على الأعصاب الشوكية
- ضيق في التنفس بسبب تأثير التقوس على الرئتين والشعب الهوائية
- مشاكل في التوازن وصعوبة في الوقوف بشكل مستقيم
تشخيص تقوس الظهر في تركيا
يعتمد تشخيص تقوس الظهر بشكل رئيسي على الفحص البدني للعمود الفقري، حيث يطلب الطبيب من المريض القيام ببعض التمارين لاختبار التوازن ومدى مرونة العمود الفقري. أحد الفحوصات الشائعة هو أن يطلب الطبيب من المريض الاستلقاء على ظهره على سطح مستوٍ لفحص التقوس.
إذا تراجع العمود الفقري عند الاستلقاء فهذا يشير إلى أن التقوس غير هيكلي. أما إذا بقي العمود الفقري منحنياً فهذا يعني أن هناك انحناء هيكلي يحتاج إلى علاج. في حالات التقوس الشديد قد يوصي الطبيب بإجراء فحوصات إضافية مثل الأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي.
علاج تقوس الظهر (الحداب) في تركيا
يعد تقوس الظهر حالة شائعة تتراوح شدتها بين الخفيفة والشديدة، وتعتمد طريقة علاجها على السبب الأساسي ومدى تقدم الحالة. في معظم الحالات، لا يتطلب علاج تقوس الظهر جراحة خصوصاً إذا كان طفيفاً، ولكن في حالات معينة قد يكون العلاج ضروريًا لمنع تفاقم الانحناء وتخفيف الأعراض المصاحبة.
تصحيح الوضعية وعلاج الحداب الوضعي
في الحالات التي يكون فيها تقوس الظهر ناتجاً عن وضعيات غير صحيحة، يُمكن تحسين الحالة ببساطة من خلال تصحيح وضعية الجسم أثناء الجلوس والوقوف والمشي. ينصح الأطباء بتدريب المرضى على الحفاظ على وضعية مستقيمة إلى جانب ممارسة تمارين تقوية عضلات الظهر والبطن التي تساعد في علاج تقوس الظهر وتحسين الاستقامة ومنع تطور الانحناء.
علاج تقوس الظهر بدون جراحة
هناك بعض الطرق غير الجراحية لعلاج تقوس الظهر:
مسكنات الألم والتمارين الرياضية
في حالات تقوس الظهر الخفيفة إلى المتوسطة، يمكن السيطرة على الأعراض باستخدام مسكنات الألم مثل الإيبوبروفين أو الباراسيتامول. بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بممارسة التمارين الرياضية المنتظمة التي تقوي عضلات الظهر والجذع مثل اليوغا وبعض تمارين العلاج الطبيعي التي تهدف إلى تحسين مرونة العمود الفقري وتخفيف الضغط على الفقرات.
التقويم (دعامة الظهر)
يُستخدم التقويم في بعض الحالات، خصوصاً لدى المراهقين الذين لا يزالون في مرحلة النمو، حيث يساعد في منع تفاقم تقوس الظهر أثناء فترة نمو العظام. تُرتدى الدعامة لعدد معين من الساعات يومياً، وغالباً ما تكون فعالة في تقليل تطور الانحناء. على الرغم من أن ارتداء التقويم قد يكون مزعجاً في البداية إلا أن معظم المرضى يعتادون عليه بعد فترة خصوصاً مع التصميمات الحديثة التي توفر راحة أكبر.
العلاج الطبيعي
يُعد العلاج الطبيعي جزءًا أساسياً من خطة علاج تقوس الظهر، حيث يساعد في تحسين وضعية الجسم وتقوية العضلات الداعمة للعمود الفقري. يتضمن العلاج الطبيعي تمارين التمدد والتدريبات المخصصة لتصحيح الوضعية والتقنيات العلاجية التي تساعد في تقليل الألم وتعزيز المدى الحركي.
الأدوية لعلاج هشاشة العظام
في بعض الحالات، قد يكون تقوس الظهر مرتبطاً بهشاشة العظام، مما يؤدي إلى كسور انضغاطية تُفاقم المشكلة. في هذه الحالة يمكن استخدام أدوية تقوية العظام لمنع حدوث المزيد من الكسور وبالتالي تقليل تطور الانحناء.
الجراحة لعلاج تقوس الظهر
عند فشل العلاجات غير الجراحية في تحسين الحالة، أو إذا كان تقوس الظهر شديداً لدرجة التأثير على وظائف الجسم مثل التنفس أو الأعصاب، فقد يكون التدخل الجراحي ضرورياً. تُعتبر عملية دمج الفقرات الخيار الأكثر شيوعاً لعلاج الحداب الشديد، حيث يتم خلالها تصحيح الانحناء وتثبيت الفقرات باستخدام قضبان معدنية ومسامير، مع زرع طعوم عظمية لتثبيت العمود الفقري في وضع مستقيم. تستغرق العملية بين 4 إلى 8 ساعات، ويتطلب التعافي فترة تتراوح بين عدة أسابيع إلى أشهر.

المضاعفات المحتملة للجراحة
على الرغم من أن الجراحة تُساعد في تحسين تقوس الظهر وتخفيف الألم، إلا أنها تنطوي على مخاطر مثل النزيف أو حدوث تلف في الأعصاب أو الرضوض مما قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل فقدان وظائف المثانة أو الأمعاء. لذلك يُنصح المرضى بمناقشة جميع الفوائد والمخاطر مع الطبيب قبل اتخاذ قرار إجراء الجراحة.
علاج حداب شويرمان
يُعد علاج حداب شويرمان مثيراً للجدل إلى حد ما فهو يعتمد على عوامل عديدة، مثل عمر المريض وجنسه وشدة الانحناء ومرونته.
يُعالج التشوه بدون جراحة إذا أمكن ذلك، أحد الخيارات هو التجبير أو التقويم ويهدف التقويم إلى توجيه نمو الفقرات بشكل صحيح لتصحيح شكل العمود الفقري، وينجح التقويم فقط في تقويم العمود الفقري لدى المرضى الذين لا يزالون في مرحلة النمو. يُعتقد أن هذه الطريقة تعمل عن طريق تخفيف الضغط عن النصف الأمامي من الفقرة مما يسمح لنمو العظم في الأمام باللحاق بنموه في الجزء الخلفي منها.
يمكن استخدام التقويم لدى المرضى كبار السن لدعم العمود الفقري وتخفيف الألم ولكنه لن يُغير الانحناء لديهم فعلياً، بينما إذا داوم المرضى الصغار على ارتداء هذه الدعامة، فغالباً ما يُصحح التشوه في غضون عامين، حيث أنها تسمح بإعادة تشكيل وتصحيح نمو العمود الفقري.
عادةً ما يجب ارتداء الدعامة لمدة 16 ساعة يومياً لمدة عام ثم ليلاً فقط لمدة عامين، بالإضافة للعلاج الطبيعي لتقوية الظهر وتحسين وضعية الجسم.

الجراحة لعلاج حداب شويرمان
عادةً ما تكون الجراحة فعالة فقط إذا تجاوز الحداب 75 درجة عند قياسه بالأشعة السينية. أما أي زاوية أقل من 75 درجة فيتم علاجها عادةً بطريقة التقويم، أحياناً تُجرى الجراحة لأسباب تجميلية، ولكن نظراً لخطورة الجراحة وتأثرها بالعمود الفقري فإنه لا يُنصح بها عادةً لتحسين المظهر فقط.
تتكون جراحة تصحيح حداب شويرمان عادةً من عمليتين من دمج الفقرات: عملية تُجرى في مقدمة العمود الفقري وأخرى في مؤخرة العمود الفقري. نادراً ما يكفي الدمج الخلفي فقط بسبب شدة الانحناء الكبيرة. تعد هذه العملية من العمليات والتي تنطوي على الكثير من المضاعفات المحتملة، منها نذكر:
عند إجراء الجراحة بالقرب من العمود الفقري والحبل الشوكي، يمكن أن تكون هذه المضاعفات (إن حدثت) خطيرة للغاية. قد تشمل المضاعفات ألماً وضعفاً مما قد يتطلب إجراء جراحة إضافية. يجب على المريض مناقشة المضاعفات المصاحبة للجراحة مع الطبيب المختص في مركز بيمارستان قبل إجراء الجراحة.
الوقاية من تقوس الظهر
لمنع حدوث تقوس الظهر أو تفاقمه، يُنصح باتباع بعض الإجراءات الوقائية، مثل:
- الحفاظ على وضعية جيدة عند الجلوس والوقوف
- تقوية عضلات الظهر والبطن من خلال التمارين الرياضية
- تجنب حمل أوزان ثقيلة بطريقة غير صحيحة
- استخدام حقائب ظهر مريحة أثناء حمل الكتب والمستلزمات اليومية
يُعد التشخيص المبكر والتدخل العلاجي المناسب من العوامل المهمة التي تؤثر على تطور تقوس الظهر. في معظم الحالات، يمكن التحكم في الحالة من خلال العلاج الطبيعي والتقويم، بينما تتطلب الحالات الشديدة التدخل الجراحي. من المهم متابعة الفحوصات الدورية مع الطبيب لتقييم تقدم الحالة وضمان تحقيق أفضل النتائج العلاجية.
المصادر: