التهاب أوتار الكتف هي حالة شائعة تؤثر على الكثير من الأفراد، وخاصة أولئك الذين يمارسون أنشطة متكررة أو رياضات معينة. يُعد هذا الالتهاب مؤلمًا وقد يحد من حركة الكتف، مما يؤثر على جودة الحياة والقدرة على أداء المهام اليومية. ولكن الخبر السار هو أن معظم حالات التهاب أوتار الكتف يمكن علاجها بطرق غير جراحية، بينما تتطلب الحالات الشديدة أو المزمنة تدخلًا جراحيًا.
عادةً ما يهدف علاج التهاب أوتار الكتف إلى تخفيف الألم والالتهاب، إلا أن الأمر يختلف عند وجود تمزق في أوتار الكفة المدورة، حيث يصبح التدخل الجراحي ضروريًا لإصلاح الوتر التالف. يعتمد اختيار العلاج المناسب على شدة الحالة، وعمر المريض، ونوع الوتر المصاب، وكذلك استجابته للعلاجات التحفظية مثل الراحة والعلاج الطبيعي.
في هذه المقالة، سنستعرض أهم طرق علاج التهاب أوتار الكتف، بدءًا من الإجراءات المنزلية البسيطة مثل الراحة واستخدام الثلج، وصولًا إلى الخيارات الجراحية في الحالات المتقدمة. إذا كنت تعاني من آلام الكتف أو تبحث عن معلومات موثوقة حول علاج التهاب الأوتار، فتابع معنا لتعرف كل ما تحتاجه للتعافي واستعادة حركتك الطبيعية بأمان.

لمحة عامة عن علاج التهاب أوتار الكتف
يُعد التهاب أوتار الكتف من الحالات الشائعة التي تنتج غالبًا عن الإفراط في استخدام مفصل الكتف أو التعرض لإصابة مباشرة، مثل الرضوض. وتكثر هذه الحالة بين الرياضيين الذين يعتمدون بشكل متكرر على حركة الكتف، كلاعبي الغولف والسباحين.
من الناحية العلاجية، يُعد التهاب أوتار الكتف حالة يمكن السيطرة عليها في معظم الأحيان دون الحاجة إلى تدخل جراحي، إذ يركز العلاج بشكل أساسي على تقليل الألم والالتهاب، مع الحفاظ على مدى حركة المفصل الطبيعي. ومع ذلك، قد تستدعي الحالات الشديدة، والتي تنطوي على مضاعفات خطيرة أو تهدد سلامة المفصل، إجراء تدخلات جراحية.
يبدأ العلاج المحافظ عادة في المنزل، ويشمل الراحة وتجنب الأنشطة التي تجهد الكتف، خاصة التمارين الرياضية التي تزيد من شدة الأعراض. يُنصح باستخدام كمادات الثلج لمدة تتراوح بين 15 إلى 20 دقيقة ثلاث مرات يوميًا لتقليل التورم. كما يمكن اللجوء إلى ارتداء حمالة للذراع بهدف تثبيت المفصل وتقليل الحركة خلال مرحلة التعافي، ما يُسهم في تعزيز الشفاء ومنع تفاقم الحالة.
يتميّز التهاب أوتار الكتف عن التهاب الجراب الزلالي في المفصل، حيث يصيب الأول أوتار الكفة المدورة أو وتر العضلة ذات الرأسين العضدية، أو كلاهما، في حين يطال الالتهاب في الحالة الثانية الجراب الذي يعمل كوسادة واقية تحيط بالأوتار وتقلل من الاحتكاك أثناء الحركة.

أسباب التهاب أوتارالكتف
يحدث التهاب أوتار الكتف بشكل رئيسي نتيجة الحركات المتكررة والإجهاد المزمن الذي يتعرض له مفصل الكتف، حيث تتعرض الأوتار – وخاصة أوتار الكفة المدورة – للاحتكاك المستمر تحت القوس الأخرمي أثناء رفع الذراع. تشمل الأسباب الرئيسية:
- الإفراط في الاستخدام: وهو السبب الأكثر شيوعاً، حيث تؤدي الحركات المتكررة فوق مستوى الرأس إلى التهاب تدريجي في الأوتار. نلاحظ ذلك بكثرة عند الرياضيين (السباحين، لاعبي التنس، لاعبي البيسبول، رافعي الأثقال) والعاملين في مهن تتطلب رفع الذراع بشكل متكرر (الدهانين، عمال البناء)
- التقنية الخاطئة: خاصة في الأنشطة الرياضية التي تتطلب حركات فوق الرأس، حيث تؤدي الوضعيات غير الصحيحة إلى زيادة الضغط على الأوتار.
- التغيرات التنكسية المرتبطة بالعمر: حيث تفقد الأوتار مرونتها وقوتها مع التقدم في السن.
- الإصابات الرضية: مثل السقوط على الذراع الممدود أو التعرض لضربة مباشرة على الكتف.
- البنية التشريحية غير الطبيعية: مثل شكل العظم الأخرمي الذي قد يسبب انحصار الوتر (Impingement Syndrome).
- ضعف العضلات المحيطة: الذي يؤدي إلى تحميل زائد على الأوتار.
تتطور الحالة عادة بشكل تدريجي، حيث يبدأ الالتهاب الخفيف وقد يتطور إلى تمزقات جزئية أو كاملة في الأوتار إذا لم يتم علاجه بشكل صحيح. العوامل المساعدة على تطور الحالة تشمل قلة المرونة، ضعف القوة العضلية، والإهمال في علاج الإصابات الأولية.
أعراض التهاب أوتار الكتف
تختلف أعراض التهاب أوتار الكتف من شخص لآخر، ولكنها عادةً ما تتراوح بين التيبس الخفيف والألم الشديد، وقد تشمل:
- ألم في الكتف، خاصةً عند رفع الذراع فوق الرأس أو تحريكه في أوضاع معينة.
- ألم ليلي يزداد عند النوم على الجانب المصاب، مما قد يؤثر على النوم.
- ضعف في الكتف وصعوبة في تثبيت الذراع في بعض الوضعيات.
- تورم خفيف وإحساس بالرقة عند لمس منطقة الكتف.
- نقرة أو صوت طقطقة عند تحريك الكتف.
- فقدان تدريجي لمدى الحركة، مما يصعّب أداء الأنشطة اليومية مثل تمشيط الشعر أو ارتداء الملابس.
في الحالات المبكرة، قد يكون الألم خفيفًا ويظهر فقط عند الحركة، ولكن مع تطور الالتهاب، يمكن أن يصبح الألم مستمرًا وحادًا، خاصةً عند الرياضيين الذين يؤدون حركات متكررة مثل الرمي أو السباحة. إذا تُرك التهاب الأوتار دون علاج، فقد يتفاقم إلى تمزق في الكفة المدورة، مما يستدعي تدخلًا طبيًا عاجلًا.

لذلك، يُنصح بمراجعة الطبيب عند استمرار الألم أو تفاقمه لتشخيص الحالة بدقة وتلقي العلاج المناسب قبل تفاقم المشكلة.
المعالجة الدوائية لالتهاب أوتار الكتف
تُعد الأدوية إحدى الركائز الأساسية في التخفيف من الأعراض الناتجة عن التهاب أوتار الكتف، إذ تهدف إلى تقليل شدة الألم، والحد من الالتهاب، والوقاية من تفاقم المضاعفات المصاحبة لهذه الحالة. وتتعدد الأساليب الدوائية المتبعة، ومن أبرزها:
- العقاقير المضادة للالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs): كالأسبيرين والإيبوبروفين، وتُستخدم لتقليص التورم، والتخفيف من شدة الألم.
- تُعدّ حقن الكورتيزون داخل مفصل الكتف خيارًا علاجيًا فعّالًا في التخفيف من الأعراض المصاحبة لالتهاب أوتار الكتف، لِما لها من قدرة على كبح الاستجابة الالتهابية وتخفيف الألم بشكل ملحوظ. إلا أنّ هذا النوع من العلاج يُخصَّص لحالات محددة تُعاني من أعراض شديدة أو مقاومة للعلاج التحفظي، ولا يُعتمد عليه بصورة روتينية لجميع المرضى، نظرًا لما قد ينطوي عليه من آثار جانبية عند الاستخدام المتكرر.
- المستحضرات الموضعية: كالمراهم والكريمات المضادة للالتهاب، مثل “فولتارين”، وتُطبّق مباشرة على موضع الألم لتوفير راحة موضعية وتقليل التهيج في الأنسجة الملتهبة.
- المُسكنات العامة: مثل الباراسيتامول (السيتامول)، والتي تُستخدم لتسكين الألم دون التأثير المباشر على الالتهاب، وتُعد خيارًا آمنًا في الحالات التي لا يُناسب فيها استخدام مضادات الالتهاب.
علاج التهاب أوتار الكتف بالأعشاب والنظام الغذائي
في بعض الحالات البسيطة وغير المعقدة من التهاب أوتار الكتف، يمكن الاستعانة بالعلاج النباتي كوسيلة مساندة للعلاج الدوائي والتحفظي. يُشترط في ذلك اتباع نظام غذائي متوازن يعزز مناعة الجسم ويقلل من العوامل المحفزة للالتهاب. من أبرز الأعشاب والمكونات الطبيعية التي أظهرت خصائص مضادة للالتهاب:
- الزنجبيل والكركم والقرفة.
- الخضروات الورقية الخضراء كالسّبانخ.
- الزيوت العطرية ذات التأثير الموضعي المسكن والمضاد للالتهاب، مثل زيت النعناع وزيت اللافندر.
علاج التهاب أوتار الكتف بالتمارين الرياضية
يلعب العلاج الطبيعي دورًا جوهريًا في إعادة تأهيل مفصل الكتف المصاب، ويهدف إلى تقوية العضلات المحيطة بالأوتار، واستعادة مجال الحركة الوظيفية للمفصل، والوقاية من تكرار الإصابة. من التمارين المُوصى بها:
- تمرين البندول.
- رفع الذراع السلبي أثناء الاستلقاء.
- تمديد اليدين خلف الرأس.
- تمديد الصدر المتقاطع في وضع الاستلقاء.
- الدوران الخارجي أثناء الوقوف، والدوران الداخلي خلف الظهر.
العلاج الجراحي لالتهاب اوتار الكتف
عندما تفشل العلاجات المحافظة، أو في حال وجود تمزقات جزئية أو كاملة في أوتار الكفة المدورة أو وتر العضلة ذات الرأسين، أو في حال تفاقم الأعراض مع وجود ألم حاد ومزمن عند تحريك الكتف، يُصبح التدخل الجراحي أمرًا لا مفرّ منه. وتشمل الجراحة:
- إزالة الجراب الكيسي الملتهب.
- إزالة جزء من النتوء الأخرمي لتوسيع الحيّز تحت الأخرم وتخفيف الضغط على الأوتار.
- تنضير الأوتار الملتهبة وإصلاح التمزقات المتواجدة.
وتُنفّذ الإجراءات الجراحية عبر طريقتين رئيسيتين:
- الجراحة بالتنظير المفصلي: يعد تنظير مفصل الكتف تقنية حديثة تعتمد على إدخال أدوات دقيقة عبر شقوق صغيرة في الكتف، مع الاستعانة بمنظار مزوّد بكاميرا لرؤية داخل المفصل. تمتاز بسرعة التعافي وألم أقل مقارنة بالجراحة التقليدية.
- الجراحة المفتوحة: حيث يتم إجراء شق كبير نسبيًا في مقدمة الكتف، ما يتيح وصولًا مباشرًا لأوتار الكتف وخاصة الكفة المدورة. تُستخدم جراحة تغيير مفصل الكتف في الحالات المعقدة أو في حال الحاجة إلى استبدال المفصل أو معالجة الالتهاب المزمن في الجراب الزلالي.
ما بعد العلاج وإجراءات الوقاية
تُشفى معظم حالات التهاب الأوتار الخفيفة التي تُعالج تحفظيًا في غضون 6 إلى 12 أسبوعًا. أما الحالات التي تستدعي تدخلًا جراحيًا، فقد تستغرق فترة التعافي التام من شهرين إلى سنة، بحسب شدة الحالة ونوع الإجراء الجراحي. ولتفادي النكس وعودة الالتهاب، يُوصى باتباع الإرشادات التالية:
- تجنّب ممارسة الرياضات العنيفة التي قد تُعيد إصابة الأوتار.
- العودة إلى النشاط البدني بشكل تدريجي بعد انتهاء العلاج، وعدم الاستعجال في استئناف التمارين.
- التوقف الفوري عن أي نشاط يسبّب ألماً في الكتف، مع ضرورة مراجعة الطبيب المختص.
- الانتظام في برنامج العلاج الفيزيائي لتقوية عضلات الكتف والحفاظ على ليونة المفصل.
في ختام هذه المقالة، يجدر التأكيد على أن علاج التهاب أوتار الكتف يستند إلى نهج علمي متكامل يهدف إلى تخفيف الألم والسيطرة على الأعراض المصاحبة للالتهاب، وذلك عبر وسائل علاجية محافظة تشمل الراحة، واستخدام العقاقير المضادة للالتهاب، والمراهم الموضعية، إضافة إلى اللجوء لبعض الأعشاب الطبية المدروسة. كما تُستخدم الجبائر والمشدات لتثبيت مفصل الكتف عند الحاجة، شريطة التأكد من عدم وجود تمزق في الأوتار المصابة، عبر وسائل التصوير الشعاعي الدقيقة.
وقد أثبت مشفى بيماريستان تميّزاً لافتاً في تشخيص وعلاج مثل هذه الحالات، وذلك بفضل كفاءة كادره الطبي من أطباء مختصين ذوي خبرة رفيعة، وتوافر أحدث الأجهزة والمعدات التشخيصية والعلاجية، مما ساهم في تحقيق نتائج علاجية ممتازة، وتقليص الحاجة إلى التدخل الجراحي الذي لا يُلجأ إليه إلا في الحالات النادرة والمعقدة. كما يُعد العلاج الطبيعي في مرحلة ما بعد الشفاء من الالتهاب خطوة أساسية لاستعادة الحركة الكاملة للكتف، وهي مرحلة تحظى باهتمام خاص داخل المشفى ضمن برامج تأهيلية دقيقة تهدف إلى الوقاية من النكس وتعزيز الشفاء التام.
هذا المستوى من الرعاية يجعل من بيماريستان مركزاً مرجعياً موثوقاً في تدبير التهابات الأوتار والعديد من الحالات العضلية الهيكلية المشابهة.
المصادر التي استُعين بها في كتابة المقال:
- Shoulder Tendonitis Brett Sanders, MD Center For Sports Medicine and Orthopaedic
- SHOULDER TENDINITIS. MASSACHUSETTS GENERAL HOSPITAL.
- Shoulder Tendonitis, Occupational Safety and Health Branch__Labour Department