تُعد زراعة جذع الدماغ السمعي (Auditory Brainstem Implant – ABI) واحدة من أحدث التقنيات الطبية المبتكرة التي تمنح الأمل للأشخاص الذين يعانون من فقدان سمع شديد ولا يمكنهم الاستفادة من زراعة القوقعة. في هذا الإجراء يتم زرع جهاز دقيق على جذع الدماغ مباشرةً لتجاوز العصب السمعي التالف، مما يساعد المريض على إدراك الأصوات وتحسين قدرته على التواصل.
ويُعتبر هذا النوع من الجراحات من العمليات المعقدة التي تتطلب خبرة عالية وفريقًا طبيًا متكاملاً يضم جراح أعصاب، أخصائي أنف وأذن وحنجرة، وأخصائي سمعيات. ولهذا السبب أصبحت تركيا من الوجهات الرائدة في هذا المجال، حيث توفر مراكز طبية متطورة تضم أحدث التقنيات مع كفاءات طبية على مستوى عالمي، مما جعلها مقصدًا للمرضى من مختلف الدول الباحثين عن حلول متقدمة لفقدان السمع.
ما هي زراعة جذع الدماغ السمعي (ABI)؟
عملية زراعة جذع الدماغ السمعية أو ما يسمى auditory brainstem implant هي عبارة عن أجهزة تزرع جراحيًا لتوفر إحساسًا أفضل بالأصوات، حيث تعد خيارًا علاجيًا للأشخاص الذين يعانون من ضعف السمع الشديد بسبب تلف الأذن الداخليه (قوقعة cochlear ) و العصب السمعى.
تختلف استجابة المرضى لعملية زرع جذع الدماغ السمعى abi على نطاق واسع، حيث يحقق العديد وعيًا صوتيًا أفضل وقدرة محسنة على قراءة الشفاه، وقد يتمكن آخرون من التعرف على الصوت أو الكلمة أو الجمل.

من هو الشخص المناسب لزراعة جذع الدماغ السمعي؟
تم تطوير زراعة جذع الدماغ السمعي أول مرة للأشخاص المصابون بالورم الليفي العصبي من النوع 2 (NF2) الذين فقدوا سمعهم نتيجة تلف العصب السمعي (فقدان السمع الحسي العصبي).
الورم الليفي العصبى (NF2) هو اضطراب وراثي نادر تتشكل فيه الأورام على طول العصب السمعي. تسمى هذه الأورام أورام العصب السمعي (المعروفة أيضا باسم أورام العصب الدهليزي القوقعي). كما تعالج هذه الأورام بإزالتها جراحيا أوبالعلاجات الإشعاعية التي قد تسبب إتلاف بالأعصاب السمعية إلى الأبد، والصمم في كلتا الأذنين. وبهذه الحالة لا يستفيد المريض من استخدام المعينات السمعية (سماعات) وغرسات القوقعة الإلكترونية.
منذ أن تم استخدام تقنية زرع جذع الدماغ السمعى للمرة الأولى لدى المصابين بالأورم الليفية العصبية (NF2)، وجدت فئة من الناس فائدة من هذا الإجراء. تضم هذه الفئة:
- الأطفال الذين يولدون بلا عصب سمعي فعال في إحدى الأذنين (عدم تنسج) أوعصب سمعي نامي بشكل غير صحيح (نقص تنسج)
- المصابون بالصمم الناتج عن شكل غير طبيعي للأذن الداخليه (القوقعة)، أو نمو غير مكتمل لها(نقص تنسج)، أو انعدم وجود هياكل للأذن الداخليه (عدم تنسج القوقعة)، أو فرط نمو العظام في الأذن الداخليه (تصلب الأذن أو التعظم القوقعى)
- رض وتأذي العصب السمعي نتيجة كسور العظم الصدغي (عظم الجمجمة فوق الأذن) على جانبي الرأس
- لديهم أسباب أخرى للصمم الشديد والذين لا يتحسن عن طريق السماعات أو القوقعة الإلكترونية
كيف تعمل زراعة جذع الدماغ السمعي ؟
يتكون جهاز زراعة جذع الدماغ السمعي من جزأين منفصلين. يُطلق على أحد الأجزاء، الذي يُلبس أعلى الأذن، اسم المعالج. حيث يحتوي هذا الجزء على ميكروفون يلتقط الاصوات المحيطة. بالتالي يحول المعالج الاصوات إلى إشارة كهربائية و يُرسل الإشارات إلى الغرسه الداخليه، التي تتكون من جهاز استقبال مزروع تحت الجلد مباشرةً على جانب الرأس وينتهي في مستقبل إلكتروني.
يوضع هذا المستقبل على سطح جذع الدماغ brain stem في منطقة تسمى نواة القوقعة. حيث تقوم الأقطاب الكهربائية الموجودة عليه بـ تحفيز أنواع مختلفة من الخلايا العصبيه بجذع الدماغ ، مما يخلق أحاسيس صوتية استجابة لهذا التحفيز. تستخدم غرسات جذع الدماغ السمعي تقنية مشابهة لتلك المستخدمة في القوقعة الإلكترونية. ولكن الفرق الرئيسي هو أين وماذا تحفز الاقطاب الكهربائيه.
فاستخدام القوقعة الإلكترونية، تُحفز اقطاب العصب السمعي في القوقعة.أما جهاز جذع الدماغ السمعي تصل الاقطاب فيه مباشرة على جذع الدماغ. لذا فإنها تتجاوز القوقعة و العصب السمعي تمامًا.
ما الاختبارات التي تجرى قبل زراعة جذع الدماغ السمعي؟
قبل زراعة جذع الدماغ السمعي، تقوم الفرق الطبية المختصة بإجراء سلسلة من الفحوصات لضمان أن العملية مناسبة للحالة. يبدأ الأمر بجمع التاريخ الطبي الكامل للشخص، بما في ذلك السوابق المرضية ونتائج تخطيط السمع السابقة لتحديد مستوى فقدان السمع بدقة. بعد ذلك، تُجرى الفحوصات الشعاعية، وتشمل الأشعة المقطعية لفحص القوقعة والعصب السمعي والهياكل المحيطة، بالإضافة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي الذي يُظهر تشريح الأنسجة الرخوة مثل العصب السمعي والدماغ.
في المرحلة التالية، يتم استخدام الاختبارات السلوكية لتقييم قدرة الشخص على السمع واستجابته لمستويات الصوت المختلفة، بينما يقوم الأطباء أيضًا بإجراء تقييم اللغة والتواصل لفحص تطور اللغة لدى الطفل أو المريض وتحديد أسلوب الاتصال الأنسب له، سواء كان شفهيًا أو بلغة الإشارة أو وسائل مساعدة أخرى.
كما تُجرى اختبارات الفيزيولوجيا الكهربية لتحديد مدى ضعف السمع وموقعه بدقة ضمن الجهاز السمعي. أخيرًا، يشمل التقييم النفسي العصبي فحص مستوى وظائف المخ العليا مثل التفكير والتعلم والذاكرة، بالإضافة إلى تقييم مهارات اللغة، والقدرات الحركية، ومهارات التنظيم والتخطيط، والتركيز، لضمان أن المريض قادر على الاستفادة القصوى من زراعة جذع الدماغ السمعي.
كيف تجرى جراحة زراعة جذع الدماغ السمعي؟
تُعد زراعة جذع الدماغ السمعي (Auditory Brainstem Implant – ABI) عملية جراحية معقدة يقوم بها فريق متعدد التخصصات يضم جراح أعصاب، طبيب تخدير، وطبيب أنف وأذن وحنجرة، بالإضافة إلى اختصاصي الفيزيولوجيا الكهربية وأخصائي السمعيات الذين يجرون اختبارات دقيقة أثناء العملية للتأكد من كفاءة الغرسة وضبط موضعها بشكل صحيح.
غالبًا ما يتم إجراء هذه الجراحة لمرضى الأورام الليفية العصبية من النوع الثاني (NF2) أثناء إزالة ورم العصب السمعي، حيث لا يمكن الحفاظ على السمع بعد استئصال الورم. كما يمكن إجراؤها كعملية مستقلة في حالات أخرى مثل التشوهات الخلقية في الأذن الداخلية، الإصابات الناتجة عن الحوادث، أو عندما يكون المريض غير مرشح لزراعة القوقعة.
خطوات إجراء عملية زراعة جذع الدماغ السمعي (ABI)
تمر عملية زراعة جذع الدماغ السمعي بعدة مراحل دقيقة تهدف إلى ضمان نجاح الزراعة وتحقيق أفضل النتائج السمعية للمريض:
- التقييم الطبي قبل العملية: يبدأ الأمر بفحوصات شاملة تتضمن اختبارات السمع، وفحوص عصبية، بالإضافة إلى تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية، وذلك لتحديد مدى ملاءمة المريض للعملية.
- التخدير والجراحة: تُجرى العملية تحت التخدير العام، حيث يقوم جراح الأعصاب وفريق الأنف والأذن والحنجرة بفتح جزء من الجمجمة للوصول إلى جذع الدماغ.
- وضع الأقطاب على جذع الدماغ: يتم تثبيت مصفوفة من الأقطاب الكهربائية بدقة عالية على النواة القوقعية بجذع الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن استقبال ومعالجة الإشارات الصوتية.
- تفعيل الجهاز بعد الشفاء: بعد فترة التعافي من الجراحة، يتم تفعيل الجهاز الخارجي (المعالج الصوتي والميكروفون)، ثم تبدأ عملية البرمجة التدريجية للأقطاب مع جلسات التأهيل السمعي.
هذه الخطوات مجتمعة تمثل أساس نجاح عملية زراعة ABI، حيث تتيح للمريض فرصة استعادة القدرة على تمييز الأصوات والتواصل بشكل أفضل.
ماذا بعد عملية زراعة جذع الدماغ السمعي؟
تتراوح مدة الإقامة النموذجية في المستشفی بعد عملية زرع جذع لدماغ سمعي auditory brainstem implant من 2 إلى 4 أيام. تكون الإقامة أطول للمرضى المصابين بالاورام الليفية العصبيه. تبدأ برمجة الجهاز في غرفة العمليات أثناء وضع الزرعة في جذع الدماغ.
عادة ما يتم تنشيط غرسات جذع الدماغ السمعي (ABI) بعد 4 إلى 6 أسابيع من الجراحة. ويستمر تعديل برمجة الجهاز على مدار عدة أيام، ثم شهريًا خلال السنة الأولى .
التأهيل بعد زراعة جذع الدماغ السمعي (ABI)
نجاح عملية زراعة جذع الدماغ السمعي لا يقتصر على الجانب الجراحي فقط، بل يعتمد بشكل كبير على مرحلة التأهيل السمعي واللغوي بعد العملية. هذه المرحلة تساعد المريض على الاستفادة القصوى من الجهاز وتحسين القدرة على تمييز الأصوات وفهم الكلام.
- جلسات تدريب سمعي ولغوي: بعد تفعيل الجهاز، يخضع المريض لجلسات منتظمة تهدف إلى تدريب الدماغ على استقبال الإشارات الصوتية الجديدة وتحليلها. تساعد هذه الجلسات على تحسين إدراك الأصوات البيئية والتواصل اللفظي.
- دور أخصائي النطق والسمع: يلعب الأخصائي دورًا محوريًا في مرافقة المريض خلال رحلة التأهيل، من خلال وضع خطة علاجية فردية، تعليم استراتيجيات التواصل، ودعم المريض في تطوير مهاراته اللغوية بشكل تدريجي.
- مدة التكيف للحصول على أفضل النتائج: قد تستغرق فترة التكيف عدة أشهر وحتى سنوات للوصول إلى أفضل استفادة ممكنة من الجهاز. يختلف الأمر بين مريض وآخر تبعًا للعمر، الحالة الصحية، ومدى الالتزام بجلسات التأهيل.
وبشكل عام، يحدد التأهيل بعد زراعة ABI مدى نجاح العملية على المدى الطويل، إذ يمنح المريض فرصة حقيقية لاستعادة جزء من القدرة السمعية وتحسين جودة حياته اليومية.
هل تعيد زراعة جذع الدماغ السمعي السمع؟ ما هي النتائج التي يمكن توقعها؟
من المهم معرفة أن زراعة جذع الدماغ السمعى لا تستعيد السمع الطبيعي. و لكن يمكن أن توفر ما يلي:
- تساعد بتحسين الوعي الصوتي
- تحسين القدرة على اكتشاف الأصوات والتفرقة بينها (على سبيل المثال، صوت أنثى مقابل صوت ذكر؛ صوت طفل مقابل صوت بالغ)
- تحسين القدرة على تحديد الاصوات البيئية (على سبيل المثال، أصوات نباح الكلاب مقابل رنين الهاتف)
- تحسين التواصل وجهًا لوجه عن طريق تحسين القدرة على قراءة الشفاه
عند فحص نتائج الدراسات للذين خضعوا لزراعه جذع الدماغ السمعي، ظهر أن الذين لايعانون من الاورام الليفية العصبيه (NF2) قد أبدوا تحسنًا في التعرف على الكلمات وكان لديهم نتائج سمعيه أفضل من أولئك الذين لديهم (NF2). وقد حققوا الوعي البيئي السليم وطوروا لغتهم، بما في ذلك الكلمات والجمل البسيطة. وقد نتج عن الفحوصات أن القدرات السمعية لدى الأطفال استمرت في التحسن في السنوات التي تلت زراعة جذع الدماغ لسمعي.
من المهم معرفة أن النتائج تختلف على نطاق واسع. وأن الباحثون لا يزالون يستكشفون الأسباب المحتملة، والتي تشمل سبب ضعف السمع، والنهج الجراحي، وخبرة الجراح، وتصميم الجهاز، ومعالجة الإشارات، ومشكلات برمجية في نظام الجهاز، وعوامل أخرى. ومن المهم أيضا قبل اتخاذ قرار بشأن إجراء الجراحة، مناقشة النتائج المتوقعة بعناية مع كل مريض / أو أسرة.
ما هي مضاعفات جراحة زراعة جذع الدماغ السمعي؟
مضاعفات جراحة زراعة جذع الدماغ السمعي
جراحة زراعة جذع الدماغ السمعي هي إجراء دقيق يهدف إلى استعادة السمع لدى الأشخاص الذين لا تستفيد أذنهم الداخلية من القوقعة الصناعية التقليدية. ورغم أن هذا الإجراء آمن نسبيًا عند إجرائه في مراكز طبية متخصصة، إلا أن هناك بعض المضاعفات المحتملة التي يجب معرفتها قبل الجراحة. تشمل مضاعفات جراحة زراعة جذع الدماغ السمعي ما يلي:
- تسرب السائل النخاعي
- شلل العصب الوجهي
- التهاب الجرح
- التهاب السحايا
- الاستئصال غير الكامل للورم
- فشل الزراعة في توفير أحاسيس سمعية مفيدة أو حركة
- مضاعفات التخدير العام
- مضاعفات بسيطة يمكن السيطرة عليها بسهولة
هل زرع جذع الدماغ السمعي نوع من أنواع غرسات القوقعة الصناعية؟
على الرغم من تشابه تصميم ووظيفة الغرسات المزروعة بالأذن، إلا أن الأجهزة التي تزرع في جذع الدماغ مختلفة. عادة ما تُستخدم غرسات القوقعة الإلكترونية لدى الأفراد المصابين بأضرار القوقعة و لكن لا يزال لديهم العصب السمعى سليم. حيث تعمل غرسات اﻟﻘوﻗﻌﺔ اﻟﺻﻧﺎﻋﯾﺔ على تجاوز المناطق المتضررة من الأذن الداخليه وإصلاحها.
حيث تستخدم مجموعة أقطاب كهربائية لتحفيز اﻟﻌﺻب السمعى مباشرةً ، ينقل العصب السمعي النبضات الناتجة عن الغرسه إلى الدماغ ، وبدوره يفسر الدماغ الإشارات الواردة إليه على أنها صوت.
أما زراعة جذع الدماغ فيتم تجاوز العصب السمعي ووصل الجهاز مع جذع الدماغ وبالتالي تعتبر أكثر تعقيداً.
تكلفة عملية زراعة جذع الدماغ في تركيا
تختلف تكلفة عملية زراعة جذع الدماغ حسب النوع المستخدم أو الشركة المنتجة وحسب الطبيب الذي سيقوم بالإجراء ونوعية المشفى ولكن بشكل عام تتراوح التكلفة بين 30000 و 55000 دولار أمريكي.
أخيراً، تمثل زراعة جذع الدماغ السمعي (ABI) خيارًا متقدمًا وفعالًا للأشخاص الذين لا يمكنهم الاستفادة من زراعة القوقعة بسبب تلف العصب السمعي أو بعض التشوهات الخلقية. ورغم أن العملية معقدة وتتطلب خبرة كبيرة وفترة تأهيل طويلة، إلا أنها تمنح المرضى فرصة ثمينة لاستعادة القدرة على تمييز الأصوات وتحسين جودة الحياة بشكل ملحوظ.
وفي تركيا، برز مركز بيمارستان الطبي كوجهة موثوقة لعمليات زراعة جذع الدماغ السمعي، بفضل توفر أحدث الأجهزة الطبية وأفضل الكوادر المتخصصة في جراحة الأعصاب والأنف والأذن والحنجرة، إضافة إلى برامج التأهيل السمعي المتقدمة التي تضمن للمريض تحقيق أفضل النتائج.
المصادر:
- Deep NL, Choudhury B, Roland JT Jr. Auditory Brainstem Implantation: An Overview. J Neurol Surg B Skull Base. 2019 Apr;80(2):203-208
- NYU Langone Health. (n.d.). Auditory brainstem implants
- Naples JG, Ruckenstein MJ. Cochlear Implant. Otolaryngol Clin North Am. 2020 Feb;53(1):87-102
- Manchester University NHS Foundation Trust. (n.d.). Auditory brainstem implant
- Washington University School of Medicine in St. Louis. (n.d.). Auditory brainstem implants