عملية الحقن المجهري هو العلاج الأكثر شيوعاً ونجاحاً للعقم عند الرجال في تركيا، إذ إن أكثر من نصف حالات العقم عند الذكور مرتبطة بقلة عدد النطاف أو ضعف جودتها.
يعاني شخص واحد من كل ستة رجال في العالم من مشاكل تتعلق بالعقم، وغالباً ما يكون السبب مرتبطاً بالحيوانات المنوية. يزداد الاتجاه نحو عملية الحقن المجهري Intracytoplasmic Sperm Injection (ICSI) باعتبارها تقنية رائدة أحدثت تحولاً كبيراً في نجاح الإنجاب لدى الأزواج الذين يعانون من العقم.
منذ أن تم الإبلاغ عن أول ولادات حية باستخدام الحقن المجهري في عام 1992 أصبح الحقن المجهري الدعامة الأساسية في علاج العقم عند الذكور والتغلب على فشل الإخصاب بالتلقيح الصناعي التقليدي. واليوم، يُستخدم الحقن المجهري في ما يقرب من 66% من جميع علاجات الإخصاب المساعدة في جميع أنحاء العالم وقد أدى إلى ولادة ملايين الأطفال حول العالم.
ما هي عملية الحقن المجهري؟
قبل أن يتمكن الحيوان المنوي للرجل من تخصيب بويضة المرأة يجب أن يلتصق رأس الحيوان المنوي بالجزء الخارجي من البويضة، وبمجرد ارتباطه يندفع الحيوان المنوي عبر الطبقة الخارجية إلى داخل البويضة (السيتوبلازما) حيث يحدث الإخصاب.
في بعض الأحيان، لا تتمكن الحيوانات المنوية من اختراق الطبقة الخارجية لعدة أسباب. قد تكون الطبقة الخارجية للبويضة سميكة أو يصعب اختراقها أو قد لا يتمكن الحيوان المنوي من الوصول إليها. في هذه الحالات، يمكن تطبيق إجراء يسمى حقن الحيوانات المنوية داخل السيتوبلازما (ICSI) أو ما يسمى بعملية الحقن المجهري جنباً إلى جنب مع التخصيب في المختبر (IVF) للمساعدة في تخصيب البويضة.
أثناء الحقن المجهري يتم حقن حيوان منوي واحد مباشرة في سيتوبلازما البويضة، وبالتالي يمكن اختيار نوع الجنين بالحقن المجهري عن طريق انتقاء النطفة المستخدمة في التخصيب حسب الصبغي الجنسي الذي تحويه سواء كان X إذا أراد الأهل إنجاب أنثى أو Y إذا أرادوا إنجاب ذكر.
الفرق بين عملية الحقن المجهري وأطفال الأنابيب والتلقيح الصناعي
الحقن المجهري ما هو إلا تحديث وتطوير لعملية التلقيح المخبري أو ما يسمى ’’أطفال الأنابيب‘‘. في عملية أطفال الأنابيب التقليدية يضع الطبيب آلاف الحيوانات المنوية بجوار البويضة في أنبوب المختبر ويترك حدوث الإلقاح ودخول أحد الحيوانات المنوية إلى البويضة للصدفة؛ فإذا لم يقم أي من الحيوانات المنوية بتخصيب البويضة فلن يحدث الحمل.
بالمقابل يسهل الحقن المجهري حدوث الإخصاب من خلال الحقن المباشر لحيوان منوي واحد يحمل الجنس المرغوب والصفات المرغوبة في بويضة واحدة في أنبوب المختبر. ومع ذلك فإن الحقن المجهري لا يضمن الإخصاب بنسة 100%.
في حين أن عملية أطفال الأنابيب (IVF) تم تطويرها بشكل أساسي لحل مشاكل العقم عند النساء والرجال على حدٍّ سواء، فإن تقنية حقن الحيوانات المنوية داخل السيتوبلازما (ICSI) استهدفت بشكل أساسي العقم عند الذكور بسبب انخفاض جودة النطاف أو عددها في السائل المنوي.
تتضمن عملية التلقيح المجهري حقن حيوان منوي واحد في سيتوبلازما البويضة مباشرةً، متجاوزةً بذلك المنطقة الشفافة للبويضة التي قد تشكل جداراً قاسياً أمام النطاف، مما يزيد من فرص الإخصاب وحصول الحمل بغض النظر عن جودة السائل المنوي من حيث الشكل والعدد والحركة.
أما التلقيح الاصطناعي أو ما يسمى الحقن داخل الرحم (IUI) هو إجراء طبي يهدف إلى تحسين فرص الإنجاب عبر حقن السائل المنوي للرجل مباشرةً ضمن رحم المرأة، حيثُ تؤخذ عينة من نطاف الرجل وتُحقن ضمن الرحم خلال فترة الإباضة عند المرأة بواسطة إبرة صغيرة.
متى نلجأ للحقن المجهري؟
تعد عملية التلقيح المجهري مفيدةً جداً للأزواج الذين يعانون من العقم الذكري خاصة، حيث يوصى بعملية الحقن المجهري إذا كان الزوج يعاني من:
- عدم القدرة على القذف
- انسداد في الجهاز التناسلي الذكري
- سوء نوعية الحيوانات المنوية أو تشوهها
- انخفاض عدد الحيوانات المنوية لدى الذكر أقل من المطلوب لإجراء تقنيات التلقيح الاصطناعي التقليدية
- انعدام الحيوانات المنوية في السائل المنوي؛ حيث يمكن أخذ عينة الحيوانات المنوية من الخصية
- إذا كان الحيوان المنوي يعاني من صعوبة في الالتصاق بالبويضة
- القذف الرجعي في المثانة (تدفق السائل المنوي إلى الخلف)
- فشل عملية التلقيح الصناعي لأكثر من مرة مع مرور أكثر من 3 سنوات على الزواج
تقنية حقن الحيوانات المنوية المستديرة (ROSI)
تقنية حقن الحيوانات المنوية المستديرة هي جزء من عملية الحقن المجهري تستخدم عند الرجال الذين يعانون من فقد تام للنطاف الناضجة القادرة على الإخصاب، حيث يتم فحص سلائف النطاف الناضجة وخاصة السلائف المنوية التي تحتوي على خلية منوية مستديرة.
في الظروف الطبيعية تكون هذه الخلايا الأولية غير قادرة على التخصيب، لكن مع تقنية حقن الحيوانات المنوية المستديرة Round Spermatid Injection (ROSI) يصبح من الممكن للحيوانات المنوية المستديرة أن تقوم بتخصيب البويضة وأن يحدث الحمل.
الطفل الناتج عن هذه التقنية لا يختلف عن الطفل الناتج عن تقنية الحقن المجهري، فكلاهما طفلان سويان بنيوياً وعقلياً مثل الطفل الناتج عن الحمل الطبيعي.
خطوات عملية الحقن المجهري بالتفصيل
تقسم عملية الحقن المجهري عادةً إلى عدة مراحل:
التحضير لعملية الحقن المجهري
قبل إجراء الحقن المجهري، يجب على الطبيب استخراج البويضات والحيوانات المنوية ويتم تنفيذ هذه الخطوات لاستخراجهما من الزوجين:
تحفيز الإباضة: تتلقى الزوجة حقناً دوائية لمدة 8 إلى 14 يوم وهذا يحفز المبيضين على الإباضات المضاعفة في وقت واحد. بعد ذلك، سوف تساعد حقن hCG في النضج النهائي للبويضات.
استخراج البويضات: يستخدم الطبيب تقنية الموجات فوق الصوتية عبر المهبل لتوجيه إدخال إبرة رفيعة عبر جدار المهبل إلى المبيضين. يتم تطبيق تخدير معتدل، فلا يوجد أي ألم. يقوم جهاز الشفط المتصل بالإبرة بسحب البويضات وجمعها.
يتم جمع الحيوانات المنوية في نفس يوم استخراج البويضة ويجب أن يتم استلام العينة من قبل المختبر خلال 60 دقيقة من القذف. لكن يجب على الزوج الامتناع عن الممارسة الجنسية (عدم القذف) لمدة يومين إلى ثلاثة أيام قبل جمع الحيوانات المنوية.
يتم إجراء تحليل السائل المنوي على الفور للتحقق من حجم الحيوانات المنوية وحركتها وجودتها ومن ثم يحدد طريقة الحقن المجهري المتبعة.
قد يحتاج بعض الرجال إلى استخراج الحيوانات المنوية جراحياً قبل إجراء الحقن المجهري.
خطوات الحقن المجهري للنطفة داخل البويضة
تتضمن خطوات هذه المرحلة ما يلي:
- يتم استخدام أداة خاصة لتثبيت البويضة الناضجة في مكانها على طبق المختبر
- بعدها يتم تثبيت والتقاط حيواناً منوياً واحداً باستخدام إبرة رفيعة
- يتم إدخال الإبرة الرفيعة في البويضة الناضجة حتى تصل إلى السيتوبلازما
- يحقن الحيوان المنوي في سيتوبلازما البويضة الناضجة
- وأخيراً، يتم سحب الإبرة من سيتوبلازما البويضة
بعد عملية الحقن المجهري
بعد الحقن المجهري يقوم الطبيب بمراقبة البيضة الملقحة في المختبر بحثاً عن علامات الإخصاب الناجح. في غضون خمسة إلى ستة أيام يجب أن تنقسم البيضة المخصبة السليمة إلى خلايا وتتشكل الكيسة الأريمية، ثم يقوم الطبيب بتقييم حجم الكيسة الأريمية وكتلة الخلايا لتحديد موعد نقلها إلى الرحم بحيث تؤدي إلى الحمل على الأرجح.
تتم عملية نقل المضغة إما في اليوم الخامس أو السادس بعد إجراء استخراج البويضات. على كل حال يبقى هذا التوقيت هو مهمة الطبيب، وعندما يرى أن الوقت قد حان يقوم باستخدام تقنية الموجات فوق الصوتية لحقن الجنين في الرحم عبر عملية التنظير الرحمي لكي يحدث الحمل.
يحتاج الجنين إلى الانغراس والتعشيش في الرحم لكي ينمو ويتطور. قد يوصي الطبيب بالانتظار لمدة أسبوعين على الأقل قبل إجراء اختبار الحمل.
أدوية الحقن المجهري بالتفصيل
لتعزيز احتمالية تحقيق الحمل خلال عملية الحقن المجهري يقترح الطبيب مجموعة من الأدوية ويحدد كمية وتوقيت وجرعة الأدوية بناءً على الحالة الفردية للزوجين ثم يراقب استجابة الجسم لها.
يوجد مجموعة من أدوية العقم الشائعة يتم استخدامها عادةً:
- Ganirelix: وهو يعمل عن طريق منع إفراز بعض الهرمونات (الهرمون اللوتيئيني) حيث يوقف الإطلاق المبكر للبويضات ويمنح البويضات وقتاً أكبر للنمو والنضج.
- الدوكسيسيكلين: عندما يتناوله الذكر يقلل من مستويات البكتيريا المنوية التي يمكن أن تتداخل مع أداء الحيوانات المنوية أثناء عملية الحقن المجهري، وعندما تتناوله الأنثى يمكن أن يقلل من خطر العدوى بعد استخراج البويضات.
- منبهات GnRH: يمكن لمحفزات GnRh المعروفة باسم Lupron أن تحفز نمو العديد من البويضات عالية الجودة (المعروفة باسم Lupron Flare) وأن تقلل خطر الإباضة المبكرة (المعروفة باسم تحفيز Lupron الطويل) خلال دورة الحقن المجهري.
- الهرمونات الموجهة للغدد التناسلية: تحفز جريبات المبيض الصغيرة لتنمو وتنمو لتصبح جريبات ناضجة تحتوي غالباً على بويضات ناضجة. من الأمثلة الشائعة على الهرمونات الموجهة للغدد التناسلية Gonal F – Menopur – Follistim.
- hCG/Lupron Bolus: يحفز التطور النهائي للبويضات قبل استخراجها.
- البروجسترون: يضمن وجود كميات كافية من البروجسترون في الجسم بعد استخراج البويضات حتى تبدأ المشيمة في إنتاجه بعد الشهر الثالث.
إيجابيات عملية الحقن المجهري
بالمقارنة مع التلقيح الاصطناعي التقليدي يبدو أن تقنية ICSI أكثر نجاحاً في مساعدة الذكور على علاج العقم لديهم، ومع ذلك تقوم بعض المراكز بإجراء الحقن المجهري لجميع الأشخاص بغض النظر عن سبب العقم لديهم.
أسباب فشل عملية التلقيح المجهري
على الرغم من أن الحقن المجهري يقوم بتخصيب 50% إلى 80% من البويضات بنجاح، قد يفشل التخصيب عادة لأسباب مثل:
- تلف بعض أو كل البويضات أثناء الدخول بالإبرة
- عدم حدوث الإلقاح حتى بعد حقن الحيوانات المنوية
- توقف الجنين عن النمو في المختبر أو بعد نقل الأجنة
مخاطر عملية الحقن المجهري
لا يوجد مخاطر محددة على الزوجين أثناء عملية الحقن المجهري، ولكن المشكلة الوحيدة التي يمكن أن يعانوا منها هي فشل الإجراء.
في الولايات المتحدة، يعاني ما يقرب من 2% من الأطفال المولودين طبيعياً من مشاكل خلقية. يعاني 1% إضافيين من الأطفال الذين تم إنجابهم بعد عملية الحقن المجهري من مشاكل خلقية. يعتقد الخبراء أن السبب الكامن وراء العقم قد يساهم في حدوث هذه المشكلات وليس العلاج نفسه. وهذا الخطر ضئيل نسبياً نظراً لأن العيوب الخلقية تحدث لدى 2٪ من الأطفال حديثي الولادة طبيعياً كل عام.
بعض المشاكل التي تسبب العقم قد تكون وراثية. على سبيل المثال، قد يعاني الأطفال الذكور الذين تم إنجابهم باستخدام الحقن المجهري من نفس مشاكل العقم التي عانى منها آباؤهم.
تكلفة عملية الحقن المجهري
تختلف تكلفة عملية الحقن المجهري من مريض إلى آخر تبعاً لحالته وحسب التقنية المستخدمة سواءً تم استخدام الحقن المجهري مع أو بدون حقن الحيوانات المنوية المستديرة (ROSI) وحسب الاختبارات التي يستوجب استخدامها.
نحن في مركز بيمارستان نستخدم أفضل التقنيات والأجهزة المناسبة لحالة المريض ووضعه وذلك بالتعاون مع أفضل الأطباء على مستوى تركيا.
يبدأ سعر عملية الحقن المجهري من 3500 دولار أمريكي، وهو مبلغ متواضع مقارنةً بالتكلفة المتوقعة في أوروبا وأمريكا.
لا تقلق، فنحن نهتم بك وبطفلك، إن أخصائيي مركز بيمارستان سيبقون على تواصل مستمر معكم خطوة بخطوة حتى انتهاء الحمل بشكل كامل وطبيعي للتأكد من صحة الأم والجنين.
ختاماً، يمكن القول أن الحقن المجهري يرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلاج العقم الذكري، خصوصاً بعد أن زادت عملية التلقيح المجهري من نسبة الإخصاب الناجح لدى الرجال الذين يعانون من العقم غير المبرر بغض النظر عن جودة السائل المنوي من حيث الشكل والعدد والحركة. إذا كنت تعاني من مشاكل بالإنجاب يمكنك زيارة مركز بيمارستان في تركيا أو التواصل مع أطباء استشاريين للبحث عن الإجراء المناسب.
المصادر: