يعاني بعض الأفراد من صعوبة التحكم بالمصرة البولية مما يؤدي إلى تسرب البول. قد يحدث ذلك بعد جراحة إزالة البروستات أو العلاج الإشعاعي لها، لذلك يتم اللجوء الى تركيب المصرة البولية الاصطناعية (AUS) وهي جهاز يُزرع لعلاج سلس البول الشديد. انضم إلينا لاستكشاف كل ما تحتاج معرفته حول عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية.
ما هي المصرة البولية؟
تُعتبر المصرة البولية عضلة حيوية تعمل كصمام تساعد الجسم على التحكم في تدفق البول. عندما تكون المصرة في حالة انقباض (مغلقة) فإنها تسد فتحة المثانة مما يمنع تسرب البول. تبقى المصرة مغلقة حتى تقرر إرخاءها (فتحها) للتبول مما يسمح للبول بالخروج من المثانة والتدفق عبر الإحليل.
- المصرة الداخلية للإحليل: ترتبط بنهاية الإحليل التي تتصل بالمثانة البولية. عند استرخائها يمر البول من المثانة إلى الإحليل. تتكون هذه المصرة بشكل رئيسي من المخرج الضيق في أسفل المثانة (عنق المثانة) والبروستاتا.
- المصرة الخارجية للإحليل: تقع في عضلة قاع الحوض. عند استرخائها يتدفق البول عبر الإحليل إلى خارج الجسم.
إذا كانت هذه العضلات غير قوية بما يكفي فإنها قد تسمح للبول بالخروج قبل أن تكون جاهزاً، خاصةً أثناء السعال أو العطاس أو القفز (سلس البول الإجهادي). في هذه الحالة تأتي المصرة البولية الاصطناعية (AUS) لتؤدي وظيفة هذه العضلات مما يعزز القدرة على التحكم في التبول.
المصرة البولية الاصطناعية (AUS)
تُعرف المصرة البولية الاصطناعية أيضاً باسم المصرة الإحليلية الاصطناعية، وهي جهاز طبي مصمم ليعمل مثل المصرة البولية الطبيعية. يُستخدم هذا الجهاز القابل للنفخ لعلاج تسرب البول غير القابل للتحكم (سلس البول). يقوم الجراح، وهو أخصائي المسالك البولية، بتركيب الجهاز حول الإحليل. تحتوي المصرة البولية الاصطناعية على سائل يحافظ على انتفاخها مما يمنع البول من الخروج من الجسم. عند الرغبة في التبول يمكن للمستخدم الضغط على المضخة، مما يؤدي إلى تفريغ المصرة البولية الاصطناعية والسماح بتدفق البول. يعود الجهاز إلى حالة الانتفاخ تلقائياً بعد حوالي ثلاث دقائق.
مكونات المصرة البولية الاصطناعية
- كفة الإحليل: تُحيط هذه الكفة بالإحليل وتتحكم في تدفق البول. عندما تكون الكفة مغلقة (مملوءة بالسائل) لا يمكن أن يمر البول. وعندما تكون مفتوحة (غير مملوءة بالسائل) يُسمح للبول بالتدفق.
- المضخة: يتم إدخال المضخة في كيس الجلد خلف القضيب (كيس الصفن) أو في المساحة بين المستقيم والأعضاء التناسلية (العجان) عند الرجال. أما عند النساء فتُدخل المضخة عادةً في الشفاه الخارجية أو الطيات (الشفرين الكبيرين). تتحكم المضخة في حركة السائل عبر المصرة البولية الاصطناعية.
- البالون: يُوضع هذا البالون تحت عضلات البطن ويحتوي على نفس السائل الموجود في الكفة. عندما تكون كفة الإحليل مفتوحة أو مُفرغة ينتقل السائل إلى البالون.

تُعد المصرة البولية الاصطناعية حلاً فعالاً للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في التحكم في التبول، مما يعزز نوعية حياتهم بشكل كبير.
متى يتم اللجوء لعملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية؟
تُعتبر عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية خياراً مهماً لعلاج سلس البول خاصةً لدى الرجال الذين لا يستجيبون للعلاجات الأخرى مثل الأدوية وتدريب المثانة. يحدث هذا النوع من سلس البول غالباً بعد جراحة سرطان البروستات أو جراحة تضخم البروستات الحميد وقد يتسبب في تسرب البول أثناء الأنشطة اليومية مثل الضحك والعطس والسعال والمشي وممارسة الرياضة.
بينما تُستخدم هذه الطريقة بشكل نادر لعلاج سلس لدى النساء فإنهن غالباً ما يلجأن إلى خيارات علاجية أخرى قبل التفكير في عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية. يجب أن يوصي الطبيب بتناول الأدوية وإعادة تدريب المثانة كخطوات أولية قبل اللجوء إلى عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية.
عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية
إن عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية تحتاج الكثير من الدقة والتنظيم للحصول على أفضل النتائج والتقليل من احتمالية حدوث المضاعفات.
ما قبل عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية
يجب على المريض دائماً إبلاغ الطبيب عن الأدوية التي يتناولها بما في ذلك الأدوية التي تُصرف بدون وصفة طبية والأعشاب والمكملات الغذائية. في الأيام التي تسبق عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية قد يُطلب من المريض التوقف عن تناول الأسبرين أوأي أدوية أخرى قد تؤثر على تخثر الدم وتجلطه.
في يوم العملية عادةً ما يُطلب من المريض القيام بعدة أمور للتجهز لعملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية، نذكر منها:
- عدم تناول الطعام أو الشراب لمدة تتراوح بين 6 إلى 12 ساعة قبل الجراحة
- يجب تناول الأدوية التي يوصي بها الطبيب مع رشفه صغيرة من الماء
- الوصول إلى المستشفى دون التأخر على الموعد الذي يحدده الطبيب
- سيجري الطبيب اختباراً للبول للتأكد من عدم وجود عدوى قبل بدء الجراحة
أثناء عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية
سيتلقى المريض تخديراً عاماً (دواء يجعله نائماً) قبل بدء عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية. بعد أن يصبح المريض في حالة من النوم العميق سيقوم الجراح بإجراء شقين صغيرين (قطع جراحية) في مناطق محددة، الأول سيكون في المنطقة الواقعة بين كيس الصفن والشرج بينما الثاني سيكون بالقرب من أسفل البطن.
بعد إتمام هذه الشقوق سيبدأ الجراح بتركيب المصرة البولية الاصطناعية بعناية فائقة لضمان تحقيق أفضل النتائج، تُعتبر هذه الخطوة حاسمة في تحسين وظيفة التحكم في البول لدى المريض.
عند انتهاء الجراحة سيقوم الجراح بإغلاق الشقوق باستخدام غرز (خيوط) خاصة. من المهم أن يعرف المريض أن الغرز ستذوب من تلقاء نفسها مع مرور الوقت، مما يعني أنه لا حاجة لإزالتها في وقت لاحق. سيتلقى المريض تعليمات دقيقة حول الرعاية بعد الجراحة لضمان التعافي السلس والفعال.

ما بعد عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية
بعد انتهاء عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية سيكون المريض في وحدة الرعاية بعد التخدير حيث يستيقظ تحت مراقبة دقيقة من فريق التخدير. سيقوم الفريق بمراقبة درجة حرارة المريض ونبضه وضغط الدم ومستويات الأكسجين لضمان استقرار حالته. عادةً ما يبقى المريض في المستشفى لمدة ليلة إلى ليلتين بعد عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية.
سيكون لدى المريض قسطرة بولية لتصريف البول من المثانة مما يضمن الراحة خلال مرحلة التعافي. سيوفر فريق التمريض السوائل والمضادات الحيوية والمسكنات وأدوية أخرى حسب الحاجة من خلال خط وريدي (IV) لضمان استعادة المريض لصحته بشكل سريع وفعال. عادةً ما تتم إزالة هذه الأجهزة قبل مغادرة المريض من المستشفى، في حال غادر المريض المستشفى مع أي من هذه الأجهزة سيوفر له الطبيب التعليمات اللازمة لكيفية التعامل معها.
يمكن للمريض العودة إلى معظم أنشطته الطبيعية في اليوم التالي لعملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية ولكن من المهم أن ينتظر لمدة 6 أسابيع قبل القيام بأي نشاط شاق. سيقوم الطبيب بإبلاغ المريض متى يمكنه استئناف نشاطه الجنسي.
قد يحدث تسرب للبول من المصرة البولية الاصطناعية بعد الجراحة وهو أمر طبيعي، يجب أن يتوقف هذا التسرب بمجرد أن يقوم الطبيب بتفعيل المصرة والذي سيتم عادةً بعد حوالي 6 إلى 8 أسابيع من الجراحة.
يمكن للمريض الاستحمام بعد 48 ساعة من الجراحة. إذا كان لديه أي ضمادات يجب إزالتها أثناء الاستحمام، ولا حاجة لوضع ضمادات جديدة بعد الاستحمام.
المضاعفات المحتملة لعملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية
تُعد عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية إجراءً آمناً في معظم الحالات، إلا أنها قد ترتبط بحدوث بعض المضاعفات المحتملة، والتي تشمل:
- تعطل أجزاء الجهاز أو تعرضها للتلف مما يتطلب استبدالها جراحياً
- ازدياد حدة سلس البول
- صعوبة التبول والحاجة لبذل جهد لإفراغ المثانة
- احتمال حدوث أذية في الإحليل أو المثانة أو الأعضاء المجاورة أثناء العملية
- صعوبات في تشغيل مضخة الجهاز والتحكم بها
- تآكل تدريجي للأنسجة المحيطة نتيجة احتكاك الجهاز بها مع مرور الوقت
المتابعة مع الطبيب بعد عملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية
يُنصح بحجز موعد متابعة مع الطبيب بعد أسبوعين من الجراحة. يجب التواصل مع الطبيب بشكل طارئ في حال ظهور أحد الأعراض التالية:
- ارتفاع في درجة الحرارة إلى 38.3 درجة مئوية أو أكثر
- زيادة في النزيف أو التورم
- ألم شديد لا يتحسن رغم تناول الأدوية المسكنة
- تقلصات حادة ومؤلمة في المثانة
- صعوبة في التبول
لا تتردد في طلب المساعدة الطبية في حال ظهور أي من هذه الأعراض حفاظاً على سلامتك وتسريعاً لعملية التعافي.
الخيارات العلاجية البديلة لعملية تركيب المصرة البولية الاصطناعية
تتوفر عدة بدائل فعالة لعلاج سلس البول ويتم اختيار الأنسب منها وفقاً لشدة الحالة والوضع الصحي للمريض، وتشمل:
- الإجراءات التحفظية: مثل استخدام الفوط المخصصة لسلس البول أو السراويل الواقية أو أجهزة خارجية تشبه الواقي الذكري لتجميع البول المتسرب.
- تمارين تقوية عضلات قاع الحوض: والتي قد تسهم في تحسين حالات السلس الشديد لدى بعض المرضى، إلا أنها غالباً لا تكفي وحدها لتحقيق تحكم كامل بالبول.
- عملية الشريط الإحليلي(رفع المثانة):وهو إجراء جراحي بديل مناسب للرجال الذين يعانون من سلس بول إجهادي بدرجة خفيفة إلى متوسطة ويوفّر نتائج فعالة في تحسين الأعراض.
- تحويل مجرى البول: وهي عملية جراحية يتم فيها تحويل مسار البول إلى جزء من الأمعاء ليُفرغ إلى كيس خارجي عبر فتحة في جدار البطن. يُعد هذا الخيار نادراً ويُستخدم في الحالات المعقدة التي لا تصلح معها الخيارات الأخرى.
- القسطرة الدائمة: وهي خيار مطروح للرجال الذين لا يرغبون في التدخل الجراحي أو الذين تمنعهم ظروفهم الطبية من إجراء العمليات.
يتم تقييم هذه الخيارات بعناية وفق الحالة السريرية للمريض لضمان تقديم العلاج الأمثل الذي يحقق أفضل نتائج وظيفية وجودة حياة.
تُعد المصرة البولية الاصطناعية خياراً فعّالاً وأملاً حقيقياً لمن يعانون من سلس البول الشديد بعد فشل العلاجات الأخرى. بفضل التقدّم الطبي والجراحي بات بالإمكان استعادة التحكم البولي وتحسين جودة الحياة بشكل ملحوظ ويبقى القرار مشتركاً بين المريض والطبيب وفق تقييم دقيق لكل حالة.
المصادر: