في السنوات الأخيرة، أصبحت الإجراءات طفيفة التوغل محوراً أساسياً في علاج أمراض القلب المتقدمة، ومن أبرزها عملية تغيير المام الأورطي بالقسطرة. هذا النوع من التدخل يُعدّ خياراً آمناً وفعالاً للمرضى غير المرشحين للجراحة المفتوحة، خاصة من كبار السن أو ذوي الحالات الصحية المعقدة. في تركيا، ساهم تطور التقنيات الطبية وتوفر الكوادر المتخصصة في جعل هذا الإجراء متاحاً على نطاق واسع، مع نتائج مشجعة من حيث الأمان وسرعة التعافي.
ما هي عملية تغيير الصمام الأورطي بالقسطرة TAVR؟
تُعدّ عملية تغيير الصمام الأورطي بالقسطرة إجراءً طبياً متقدماً يُستخدم لاستبدال الصمام الأبهري عند تضرره أو فقدانه لوظيفته، ويُجرى غالباً للمرضى المصابين بتضيّق شديد في الصمام الأبهري، خاصة أولئك الذين يُصنَّفون غير مؤهلين للجراحة التقليدية.
يتم خلال هذا الإجراء إدخال صمام صناعي جديد عبر قسطرة دون الحاجة إلى شق جراحي في الصدر، ويُثبت الصمام الجديد داخل الصمام التالف (ما يُعرف بتقنية “صمام داخل صمام”)، ليأخذ مكانه وينظم تدفق الدم بكفاءة، ويشبه تصميم هذا الصمام بعض الدعامات التي تُستخدم لتوسيع الشرايين التاجية.

ما الذي ينطوي عليه إجراء عملية تغيير الصمام الأورطي بالقسطرة TAVR؟
عادةً ما يتطلب استبدال الصمام إجراء قلب مفتوح مع شق عظم القص، حيث يتم فصل الصدر جراحياً (فتح) للاستبدال، بينما يمكن إجراء عملية TAVR (تعرف أيضاً باسم TAVI) عبر فتحة صغيرة في الجلد دون الحاجة إلى شق العظم أو فتح الصدر.”
بالرغم من أن هذه العملية تحوي مخاطر على المريض إلا أنها توفر خياراً جيداً للمرضى الذين ليس لديهم فرصة لتغيير الصمامات عبر الجراحة، ويوجد طريقتان لهذا العملية يقوم الطبيب باختيار أفضلهما بالنسبة لحالتك:
- الطريقة الأولى: تُجرى هذه الطريقة عبر إدخال القسطرة القلبية من الشريان الفخذي دون الحاجة إلى أي شق جراحي في الصدر، وغالباً ما يُستخدم التخدير الموضعي مع أدوية مهدئة خفيفة لا تُسبب النوم الكامل (تُعرف بالمهدئات غير المنومة). بمساعدة التصوير بالأشعة التداخلية، يُوجَّه الصمام الاصطناعي إلى مكان الصمام التالف، حيث يُزرع بدقة ليأخذ وظيفته بشكل مباشر.
- الطريقة الثانية: تُجرى هذه الطريقة من خلال شق جراحي صغير في جدار الصدر، يُتيح الوصول المباشر إلى الصمام الأورطي دون الحاجة إلى فتح كامل لعظم القص. تُستخدم هذه الطريقة عادةً عندما تكون المسارات الوعائية غير مناسبة للوصول عن طريق الشريان الفخذي، ويُتيح للطبيب زرع الصمام الجديد بدقة مع الحفاظ على الحد الأدنى من التداخل الجراحي.

من هم المرشحون المناسبون لعملية تغيير الصمام الأورطي بالقسطرة؟
يُعدّ إجراء TAVR خياراً علاجياً مناسباً في الحالات التالية:
- المرضى المصابون بتضيّق شديد في الصمام الأورطي، خاصة إذا ترافق مع أعراض واضحة مثل ضيق النفس، ألم الصدر أو الإغماء
- المرضى كبار السن (غالباً فوق 70–80 عاماً) الذين يُعتبرون غير مؤهلين للجراحة التقليدية بسبب ارتفاع مخاطر التخدير أو المضاعفات الجراحية
- الأشخاص الذين لديهم أمراض مرافقة مثل فشل كلوي مزمن، ضعف في عضلة القلب، أمراض رئوية شديدة، أو تاريخ لجراحة قلبية سابقة
- مرضى لديهم صمام أبهري بيولوجي مزروع سابقاً وأصبح غير فعال، حيث يُمكن استبداله بصمام جديد عبر القسطرة (إجراء “صمام داخل صمام”)
مضاعفات إجراء عملية تغيير الصمام الأورطي بالقسطرة وما بعد العملية
إن هذه العملية قليلة المضاعفات، إلا أن تغيير صمام مهم كالصمام الأبهري وفي موقع حساس قد يحمل بعض المخاطر منها:
- أذية في الأوعية الدموية لدى المريض
- سكتة دماغية
- قصور قلبي شديد
- تجمع السوائل في القلب (انصباب تاموري)
- نزيف بسبب الأدوية المميعة التي يستخدمها المريض في معظم الأحيان
- فشل كلوي بسبب الأدوية التي تعطى أثناء العملية والتي قد تسبب صدمة تحسسية (نسبتها قليلة جداً)
- عدم انتظام نبضات القلب والحاجة إلى زرع جهاز لتنظيم ضربات القلب
- نوبة قلبية
- إصابة إنتانية
جميع هذه المضاعفات نادرة نسبيا، وقد عملت تركيا على التخفيف من المضاعفات عبر تدريب أفضل الدكاترة وتجهيز المشافي لتقديم العلاج الأمثل للمرضى في تركيا.
التعافي بعد عملية تغيير الصمام الأورطي بالقسطرة
تُعدّ فترة التعافي بعد عملية TAVR قصيرة نسبياً مقارنة بالجراحة التقليدية. في معظم الحالات، يُنقل المريض إلى وحدة العناية القلبية للمراقبة خلال أول 24–48 ساعة. ويمكن لمعظم المرضى الوقوف والمشي في غضون يوم واحد، وغالباً ما يُسمح لهم بالخروج من المستشفى خلال يومين إلى ثلاثة أيام، حسب حالتهم العامة واستجابتهم للعلاج.
بعد الخروج، يُنصح بتجنب الأنشطة المجهدة لفترة قصيرة، مع الالتزام بالعلاجات الدوائية الموصوفة، خاصة مضادات التخثر إذا كانت مطلوبة. كما يُطلب من المريض حضور مواعيد المتابعة المنتظمة لتقييم وظيفة الصمام الجديد، ومراقبة القلب وضغط الدم. بشكل عام، يشعر معظم المرضى بتحسن كبير في الأعراض مثل ضيق النفس والإرهاق خلال أسابيع قليلة من الإجراء، ويعودون إلى ممارسة حياتهم اليومية بوتيرة طبيعية تدريجياً.
تكلفة عملية تغيير الصمام الأورطي
تختلف تكلفة عملية تغيير الصمام الأبهري بحسب نوع الصمام المستخدم وحالة المريض والمركز الطبي، إلا أن متوسط التكلفة في تركيا يتراوح بين 14,000 إلى 20,000 دولار أمريكي. هذا يشمل عادةً الفحوصات الأولية، أتعاب الفريق الطبي، والإقامة في المستشفى. وتُعد تركيا من الوجهات المفضلة نظراً لتكلفتها المعقولة مقارنة بالدول الأوروبية، مع الحفاظ على معايير طبية عالية.
في الختام، تُعدّ عملية تغيير الصمام الأورطي بالقسطرة (TAVR) نقلة نوعية في علاج أمراض الصمام الأبهري، خاصة للمرضى الذين يصنّفون ضمن فئة الخطر المرتفع أو غير المرشحين للجراحة التقليدية. ومع تطور التقنيات الطبية في تركيا، بات هذا الإجراء يُجرى بكفاءة عالية ونتائج ممتازة من حيث الأمان وسرعة التعافي. إذا كنت تعاني من أعراض تضيق الصمام الأورطي، فقد يكون TAVR الخيار الأمثل لتحسين نوعية حياتك وتقليل المضاعفات القلبية على المدى الطويل.
المصادر:
- University of Michigan Health – Frankel Cardiovascular Center. (n.d.). Transcatheter aortic valve replacement (TAVR).
- American Heart Association. (2024, June 7). What is TAVR? (TAVI). In understanding your heart valve treatment options.