يعيش أكثر من 10 ملايين شخص مصابين بمرض باركنسون حول العالم ، وهو اضطراب عصبي يؤثر على الحركة والتوازن وإلى الآن لا يوجد له أي علاج نهائي. ومع ذلك، هناك العديد من الأبحاث التي تركز على تطوير تقنيات تخفف من أعراض المرض ذو الآلية المعقدة.
التحفيز العميق للدماغ (DBS) في علاج باركنسون
يُعد التحفيز العميق للدماغ (DBS) أحد الحلول الجراحية المستخدمة لتخفيف الأعراض الحركية لمرض باركنسون، مثل الرعاش واضطرابات خلل الحركة. في هذه العملية، يتم زرع أقطاب كهربائية في مناطق محددة من الدماغ، ويتم توصيل هذه الأقطاب بمُحفز داخلي (IPG) يوضع على الصدر تحت الجلد بالقرب من عظمة الترقوة، مما يشكل ما يُعرف باسم “منظم كهربائية الدماغ”.
وبالرغم أن التحفيز العميق للدماغ يساعد في تقليل الأعراض الحركية، إلا أن بعض المرضى يظلون يعانون من تقلبات في الأعراض على مدار اليوم، حتى بعد ضبط شدة التحفيز بالشكل الأمثل للمريض.
التحفيز العميق التكيفي للدماغ (aDBS) وتقليل الأعراض بنسبة 50%
قام باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو بإجراء دراسة حول تقنية جديدة تُعرف باسم التحفيز العميق التكيفي للدماغ (aDBS) أو تحفيز الدماغ المدعوم بالذكاء الاصطناعي، والتي تستخدم الذكاء الاصطناعي لمراقبة النشاط الدماغي للمريض وتعديل شدة التحفيز في الوقت الفعلي بناءً على كهربائية الدماغ الآنية.
شارك في هذه الدراسة أربعة مرضى يعانون من مرض باركنسون ويستخدمون بالفعل التحفيز العميق التقليدي (cDBS)، لكنهم مازالوا يواجهون نفس الأعراض. ومن خلال استخدام التحفيز العميق التكيفي، تمكن المرضى من تقليل الوقت الذي يعانون فيه من أشد الأعراض إزعاجًا بنسبة 50% مقارنةً بالتحفيز التقليدي.
كيف يعمل جهاز تحفيز الدماغ لعلاج باركنسون مدعوم بالذكاء الاصطناعي؟
يعمل التحفيز العميق التكيفي (aDBS) من خلال مراقبة الإشارات الصادرة عن الدماغ والتي تعكس تغيرات الأعراض، وبمجرد اكتشاف أي تغيير في كهربائية الدماغ، يقوم الجهاز بضبط شدة التحفيز تلقائيًا في الوقت الفعلي. على عكس التحفيز التقليدي الذي يُقدم نبضات كهربائية ثابتة، فإن التحفيز التكيفي يوفر مستوى التحفيز المناسب وفقًا لحالة المريض الفعلية واللحظية.
تأثير التقنية على جودة الحياة
أوضحت ستيفاني سيرنيرا، الباحثة في جامعة كاليفورنيا والمؤلفة المشاركة للدراسة، أن هذه التقنية لم تساعد فقط في تقليل الأعراض الأكثر إزعاجًا، ولكنها أيضًا حسّنت من جودة حياة المرضى بشكل عام.
وأضافت أن الأبحاث أظهرت أن التحفيز العميق التكيفي لم يؤثر سلبًا على الأعراض الأخرى، بل على العكس أدى في بعض الحالات إلى تحسن إضافي في الأعراض أخرى كاضطرابات المشي.
خطوة متقدمة في علاج مرض باركنسون
وصف خبراء في جراحة الأعصاب هذه الدراسة بأنها تقدم كبير في علاج أعراض مرض باركنسون.حيث أشار الدكتور جان فيليب لانجفين، مدير جراحة الأعصاب التصحيحية وجراحة التحفيز العميق في معهد المحيط الهادئ للأعصاب، إلى أن هذه التقنية الجديدة ليست فقط أكثر فعالية، ولكنها أيضًا تقلل من الآثار الجانبية المحتملة، وتحافظ على عمر البطارية المزروعة داخل جسم الإنسان لفترة أطول، مما يجعلها خيارًا واعدًا للمرضى.
تاريخ النشر: 19/08/2024
الخلاصة
يمثل التحفيز العميق التكيفي للدماغ (aDBS) تطورًا مهمًا في علاج مرض باركنسون، حيث يساعد المرضى على التحكم بشكل أفضل في أعراضهم اليومية، مما يحسن من جودة حياتهم. ومع توسع الأبحاث والتجارب السريرية، قد يصبح هذا النهج العلاجي متاحًا على نطاق أوسع، مما يوفر أملاً جديدًا للأشخاص الذين يعانون من هذا المرض العصبي المزمن.