عملية القلب المفتوح من العمليات الجراحية الكبرى التي تُستخدم لعلاج مشاكل خطيرة في القلب مثل انسداد الشرايين أو تلف الصمامات. رغم كونها إجراءً معقداً، إلا أنها أصبحت أكثر أماناً وفعالية بفضل التقدّم الطبي. في تركيا، تجرى هذه العملية على يد فرق طبية عالية الخبرة ضمن مستشفيات متطورة، ما جعلها خياراً مفضلاً للمرضى الباحثين عن رعاية متخصصة ونتائج ناجحة.

لمحة عن عملية القلب المفتوح
جراحة القلب المفتوح هي إجراء يُنفّذ على عضلة القلب أو أحد صماماته أو شرايينه الرئيسة، ويُقصد بها عادةً العمليات التي تتطلب فتح الصدر واستخدام جهاز المجازة القلبية الرئوية (heart-lung bypass machine). خلال هذا النوع من الجراحة، يتم إيقاف القلب مؤقتاً وتوصيل المريض بالجهاز الذي يتولى مهمة ضخ الدم وتزويده بالأوكسجين وتنقيته من ثاني أكسيد الكربون طوال فترة الجراحة، ما يتيح للجراحين العمل على القلب في حالة من السكون التام.
تُعدّ هذه العمليات من الإجراءات الشائعة جداً، وقد أُجريت ملايين المرات حول العالم. تُشير الإحصاءات إلى أنّ معدل الوفيات خلال أول 30 يوماً بعد العملية لا يتجاوز 5%. كما أظهرت دراسة أن نسبة الوفيات لدى المرضى ذوي الخطورة المنخفضة لا تتعدى 2.6%، ومعظمها يمكن تجنبه. أما من حيث النتائج البعيدة المدى، فتُقدّر نسبة البقاء على قيد الحياة بعد الجراحة بـ 90% بعد خمس سنوات، و74% بعد عشر سنوات، وهي نسب تُعدّ مرتفعة.

أنواع عملية القلب المفتوح
تُجرى جراحة القلب المفتوح لعلاج مجموعة متنوعة من الحالات القلبية التي تتطلب فتح الصدر والوصول المباشر إلى القلب أو الأوعية الدموية المتصلة به. ومن أبرز العمليات التي يمكن تنفيذها أثناء هذا النوع من الجراحة:
- مجازة الشريان التاجي (CABG) لعلاج أمراض الشرايين التاجيّة (السبب الأشيع)
- إصلاح أو استبدال صمامات القلب لعلاج أمراض الصمامات القلبية التي تؤثر على تدفق الدم
- علاج الأجزاء المتضررة أو الشاذة من القلب
- زرع أجهزة طبية مثل منظمات ضربات القلب للمساعدة في الحفاظ على انتظام النبض
- نقل القلب أو زراعة القلب الصناعي لعلاج مرضى الفشل القلبي
- إصلاح أمهات الدم (تمدد الأوعية الدموية) لتفادي تمزق الشريان
- إصلاح عيوب القلب الولادية كرباعي فالوت
في بعض الحالات، قد يقوم الجراحون أيضاً بزرع ناظمات خُطا أو أجهزة مزيلة للرجفان (ICDs)، أو إجراء الاستئصال الكهربائي (ablation) لعلاج اضطرابات نظم القلب (اللانظمية القلبية).
طرق إجراء عملية القلب المفتوح
هناك طريقتين لإجراء عمليات القلب المفتوح في تركيا كما هو موضح :
عملية القلب المفتوح باستخدام المضخة
وتُعرف أيضاً بالجراحة التقليدية، حيث يتم توصيل القلب بجهاز المجازة القلبية الرئوية الذي يحل محل وظيفة القلب والرئتين في ضخ الدم وتزويده بالأوكسجين. خلال هذه العملية، يُوقف نبض القلب تماماً ليتمكن الجراح من العمل على القلب أو الشرايين التاجية بأمان. بعد الانتهاء من الجراحة، يُفصل الجهاز ويبدأ القلب بالنبض تلقائياً أو بواسطة صدمة كهربائية بسيطة.

عملية القلب المفتوح بدون مضخة
في هذه التقنية الحديثة يستمر القلب بالنبض بدون جهاز المجازة القلبية الرئوية خلال فترة الجراحة، إذ إن هنالك تقنيات جديدة تسمح بتثبيت جزء من القلب بدلاً من إيقافه كلياً، تعمل هذه الطريقة فقط على عملية المجازة الشريانية التاجية بدون مضخة، وتستخدم للمرضى الذين يعانون اختلاطات تمنعهم من استخدام جهاز المجازة القلبية الرئوية لإجراء هذه العملية.

مخاطر عملية القلب المفتوح
إن مخاطر حدوث اختلاطات لعملية القلب المفتوح ستزداد إذا كان المريض يعاني من مشاكل صحية أخرى مثل السكري أو البدانة أو المشاكل الرئوية كالداء الرئوي الانسدادي المزمن، وفيما يلي بعض مضاعفات عملية القلب المفتوح:
- رد فعل تحسسي تجاه المخدر
- اللانظمية القلبية (عدم انتظام ضربات القلب)
- أذية الأوعية الدموية أو الأعضاء المجاورة كالرئة أو القلب
- الفشل الكلوي الحاد
- النزف
- تشكل خثرات دموية
- زلة تنفسية
- ذات رئة
- إنتان مكان العملية
- السكتة الدماغية
- فقدان الذاكرة (أكثر شيوعاً عند المرضى فوق 65 عاماً)
- فشل قلب المتبرع (إذا أجرى المريض عملية زراعة قلب)
- الموت (خصوصاً عند المرضى ذوي الخطورة العالية قبل إجراء العملية)
التحضيرات قبل عملية القلب المفتوح
يُعد الالتزام بالتعليمات الطبية قبل عملية القلب المفتوح أمراً بالغ الأهمية للتقليل من المضاعفات المحتملة وزيادة فرص نجاح الجراحة، وتشمل التحضيرات ما يلي:
- التوقف عن التدخين واستهلاك الكحول بأسرع وقت ممكن
- إخبار الطبيب بجميع الأدوية المستخدمة، حيث قد يطلب إيقاف بعض الأدوية قبل العملية مثل مميعات الدم
- البدء باستخدام صابون خاص مضاد للبكتيريا قبل عدة أيام من العملية للوقاية من العدوى
- تجنب مضغ أو تناول أو شرب أي شيء بعد منتصف الليلة ما قبل العملية
عند القدوم إلى المشفى سيقوم المريض بإجراء بعض الفحوص الروتينية كصورة الصدر البسيطة وتخطيط القلب الكهربائي بالإضافة إلى الاختبارات الدموية، وقبل بدء الجراحة مباشرة، سيتم حلاقة صدر المريض وتعقيم منطقة الجراحة بصابون خاص قاتل للبكتيريا وتركيب قسطرة وريدية لإعطاء الأدوية والسوائل أثناء الجراحة.
طريقة إجراء عملية القلب المفتوح
تُعد عملية القلب المفتوح من الجراحات المعقدة التي تستغرق عادةً ما بين 3 إلى 6 ساعات، وتُجرى تحت تأثير التخدير العام لضمان بقاء المريض نائماً دون الشعور بالألم.
يبدأ الجراح بإحداث شق جراحي في منتصف الصدر بطول يتراوح بين 20 إلى 25 سم، من خلال عظم القص أو جزء منه، لكشف القلب. بعد ذلك، يُوصَل القلب بجهاز المجازة القلبية الرئوية الذي يتولى وظيفة ضخ الدم والأوكسجين مؤقتاً. وفي بعض الحالات، قد يُعطى المريض دواء عبر الوريد لإيقاف نبض القلب مؤقتاً، حسب طبيعة الجراحة المطلوبة.
يقوم الجراح بإجراء العملية المطلوبة على عضلة القلب أو أحد صماماته أو شرايينه الإكليلية أو الأبهر، ثم يقوم الجراح بفصل المريض عن جهاز المجازة للسماح بعودة التدفق عبر القلب فيعود النبض تلقائياً أو عبر صدمة كهربائية بسيطة. بعد عودة النبض تتم خياطة عظم القص بأسلاك صغيرة وإغلاق الشق الجراحي.
بعد إجراء عملية القلب المفتوح
بعد الانتهاء من الجراحة، يُنقل المريض إلى وحدة العناية المركزة (ICU)، حيث يمكث ليوم واحد أو أكثر بحسب نوع العملية واستقرار حالته. بعد ذلك، يُنقل إلى غرفة عادية لمواصلة التعافي خلال الأيام التالية.
يُراقب الفريق الطبي المؤشرات الحيوية للمريض مثل النبض، وضغط الدم، والتنفس، وغيرها من العلامات الحيوية باستخدام أجهزة خاصة، كما يُوضع أنبوب تنفس (التنبيب الرغامي) لمساعدة المريض على التنفس خلال الساعات الأولى بعد العملية، إلى أن يتمكن من التنفس بشكل طبيعي دون دعم.
الحياة بعد عملية القلب المفتوح
بعد الخروج من المستشفى، من الضروري أن يحرص المريض على العناية بجرح العملية. يجب إبقاء الجرح دافئاً وجافاً، وغسل اليدين جيداً قبل وبعد لمسه. إذا كان الجرح ملتئماً بشكل جيد، يمكن الاستحمام بالماء الدافئ لمدة لا تتجاوز عشر دقائق، مع تجنّب توجيه الماء مباشرة إلى الجرح أو فركه. تشمل العلامات التحذيرية لالتهاب الجرح: خروج سائل (نز أو قيح)، واحمرار الجلد حول الجرح، والشعور بسخونة في المنطقة، وارتفاع درجة الحرارة أو الحمى.
ينبغي تناول مسكنات الألم حسب وصفة الطبيب، فذلك يساهم في تسريع التعافي والحد من الاختلاطات المحتملة مثل تشكل الخثرات أو الإصابة بالتهاب الرئة (ذات الرئة). كما يعاني بعض المرضى من اضطرابات النوم في الفترة الأولى بعد الجراحة، إلا أن الحصول على قسط كافٍ من الراحة أمر ضروري لاستعادة العافية. يُنصح بالعودة إلى نمط النوم الطبيعي تدريجياً.
يمكن أن يستفيد المريض من برنامج إعادة تأهيل القلب، والذي يشمل تمارين رياضية بإشراف طبيب، ونصائح غذائية، ودعماً نفسياً للتعامل مع التوتر أو الاكتئاب. هذا البرنامج يساعد في استعادة القوة البدنية وتحسين صحة القلب على المدى الطويل.
بعد إجراء عملية القلب المفتوح لمريض الشرايين التاجية يجب معرفة أن العملية لا تمنع الشرايين التاجية من الانسداد من جديد، ومن المهم أن يعتني هؤلاء المرضى بصحتهم من خلال:
- الحفاظ على حمية غذائية صحية
- الامتناع عن تناول الطعام الغني بالملح أو الدسم أو السكر
- ممارسة الرياضة بانتظام والبدء بنمط حياة أكثر نشاطاً وحيوية
- التوقف عن التدخين
- الحفاظ دوماً على ضغط الدم ونسبة الكولسترول ضمن الحدود الطبيعية
يجب على المريض التواصل مع طبيبه مباشرة إذا واجه أيا من المشاكل التالية:
- ألم صدري (وليس مجرد انزعاج مكان الجرح)
- حمى
- غثيان أو إقياء
- ضيق نفس
- أحد علامات التهاب جرح العملية
النتائج بعيدة المدى لعملية القلب المفتوح
يعد التعافي بعد عملية القلب المفتوح عملية تدريجية تتفاوت مدتها حسب نوع الجراحة، والصحة العامة للمريض، ووجود أي مضاعفات بعد العملية. غالباً ما يبدأ المريض بالشعور بالتحسن خلال الأسابيع الستة الأولى، بينما قد يستغرق الشفاء الكامل والحصول على الفائدة المرجوة من الجراحة ما يصل إلى ستة أشهر. كما أنه خلال فترة النقاهة، يُنصح بتجنب القيادة وحمل الأوزان الثقيلة لمدة لا تقل عن ستة أسابيع، ويُحدد الفريق الطبي التوقيت المناسب للعودة إلى العمل والنشاطات اليومية استناداً إلى حالة المريض وتقدّم التعافي.
من الناحية التجميلية، يكون المظهر الخارجي مقبولاً لدى معظم المرضى، حيث تلتئم الشقوق الجراحية بشكل جيد مع مرور الوقت. أما بالنسبة للمجازات أو الصمامات المستخدمة، فيمكن أن تعمل بكفاءة لعدة سنوات، ما يساهم في تحسين نوعية حياة المريض على المدى البعيد وفي بعض الحالات، قد يُوصى باستخدام أدوية مميعة للدم لفترة معينة أو مدى الحياة، وذلك لتقليل خطر الإصابة بالخثرات الدموية، خاصة عند تركيب صمامات صناعية.
ختاماً، عد عملية القلب المفتوح في تركيا خياراً آمناً وفعالاً للمرضى الباحثين عن رعاية طبية متقدمة بتكلفة مناسبة بفضل البنية التحتية الطبية الحديثة، وخبرة الجراحين، والمعايير الدولية المتبعة في المستشفيات التركية، يمكن للمرضى توقع نتائج إيجابية وتحسن ملموس في جودة حياتهم بعد العملية. مع اتباع التعليمات الطبية بدقة خلال فترة التعافي، تقل احتمالية حدوث المضاعفات وتزداد فرص الشفاء الكامل على المدى الطويل. لذلك، فإن اتخاذ القرار بالعلاج في تركيا قد يكون خطوة محورية نحو استعادة صحة القلب والعودة إلى الحياة اليومية بنشاط وأمان.
المصادر: