يعاني حوالي 62% من النساء فوق سن 20 عاماً من أحد أنواع سلس البول، بينما تنخفض هذه النسبة لدى الرجال لتصل إلى 14%. يُعرف سلس البول أيضاً بفقدان السيطرة على المثانة وهو مشكلة شائعة قد تسبب الإحراج، تتراوح شدته من تسرب البول أحياناً عند السعال أو العطس إلى شعور مفاجئ وقوي بالحاجة للتبول مما يمنع الوصول إلى الحمام في الوقت المناسب.
على الرغم من أن هذه الحالة تزداد شيوعاً مع التقدم في العمر إلا أنها ليست نتيجة حتمية للشيخوخة. هناك أنواع متعددة من سلس البول ولكل منها أسبابها الخاصة التي تتطلب علاجاً مخصصاً.
أنواع سلس البول
تتعدد أنواع سلس البول حيث يتميز كل نوع بأسباب وخصائص ومحفزات خاصة به. إن فهم النوع الذي يعاني منه المريض يُعتبر جزءاً أساسياً من عملية التشخيص وخطة العلاج. تشمل الأنواع الرئيسية ما يلي:
- سلس البول الإلحاحي: يتسبب في شعور قوي وملح بالحاجة للتبول بشكل مفاجئ، يحدث هذا النوع غالباً بشكل سريع مما يمنعك من الوصول إلى الحمام في الوقت المناسب فيحدث تسرب البول. يُعتبر فرط نشاط المثانة سبباً شائعاً لهذا النوع.
- سلس البول الجهدي: يحدث تسرب البول أثناء القيام ببعض الأنشطة مثل الضحك والسعال والعطس والجري والقفز ورفع الأثقال.
- سلس البول بفرط الإفاضة: يحدث عندما لا تتمكن المثانة من التفريغ الكامل في كل مرة تتبول فيها، يزداد خطر الإصابة بهذا النوع في حالات مثل تضخم البروستاتا الحميد بالإضافة إلى بعض الحالات الأخرى مثل السكتة الدماغية وداء السكري.
- سلس البول المؤقت: يحدث نتيجة لحدث مؤقت مثل عدوى أو دواء جديد. بمجرد إزالة السبب يختفي السلس.
- سلس البول الوظيفي: يحدث عندما تمنع الإعاقة الجسدية أو العقلية أو الصعوبة في الكلام أو مشكلة أخرى الوصول إلى الحمام في الوقت المناسب. على سبيل المثال، قد يواجه شخص مصاب بالتهاب المفاصل صعوبة في فك زر سرواله أو قد لا يدرك شخص مصاب بمرض الزهايمر أنه بحاجة إلى استخدام الحمام.
- سلس البول المختلط: يظهر عندما تعاني من مجموعة من الحالات التي تسهم جميعها في تسرب البول. على سبيل المثال، قد تعاني من سلس البول الإجهادي مع وجود مثانة مفرطة النشاط. إذا كنت تعاني من سلس البول المختلط فمن المهم ملاحظة الأنشطة التي تثير التسرب.
يمكن للطبيب المساعدة في تحديد نوع النوع الذي يعاني منه المريض ليتم مناقشة استراتيجيات إدارته، الخطوة الأولى الفعّالة هي التعرف على المحفزات التي تؤدي إلى هذه الحالة.
ما هي أسباب سلس البول؟
قد يحدث سلس البول كنتيجة لعادات يومية أو حالات طبية أو مشاكل جسدية. يمكن أن يساعد التقييم الشامل من قبل الطبيب في تحديد السبب وراء هذه الحالة.
سلس البول المؤقت
بعض المشروبات والأطعمة والأدوية قد تعمل كمدرات للبول مما يحفز المثانة ويزيد من كمية البول الذي ينتجه الجسم، ومن الأمثلة على هذه المدرات:
- الكحول
- الكافيين والشوكولا
- المشروبات الغازية والمياه الفوارة
- المحليات الصناعية
- الأطعمة الغنية بالتوابل أو السكر أو الحمض
- أدوية القلب وضغط الدم والمهدئات والمرخيات العضلية
- جرعات كبيرة من فيتامين C
يمكن أن ينتج سلس البول أيضاً عن حالة طبية قابلة للعلاج بسهولة، مثل:
- عدوى المسالك البولية: يمكن أن تسبب العدوى تهيج المثانة مما يؤدي إلى رغبة قوية في التبول وأحياناً تسرب البول.
- الإمساك: يقع المستقيم بالقرب من المثانة ويشتركان بالعديد من الأعصاب. يمكن أن يسبب البراز الصلب والمتراكم في المستقيم نشاطاً مفرطاً لهذه الأعصاب وزيادة في تكرار التبول.
سلس البول المستمر
يمكن أن يكون سلس البول أيضاً حالة مستمرة ناتجة عن مشاكل جسدية أو تغيرات وظيفية طبيعية، بما في ذلك:
- الولادة: يمكن أن تؤدي الولادة المهبلية إلى ضعف العضلات المسؤولة عن التحكم في المثانة وإلحاق الضرر بالأعصاب والأنسجة الداعمة للمثانة مما يؤدي إلى تدلي قاع الحوض ومشكلات أخرى.
- التغيرات المرتبطة بالعمر: يمكن أن يؤثر تقدم العمر على عضلات المثانة ليقلل قدرتها على تخزين البول كما تصبح الانقباضات اللاإرادية للمثانة أكثر تكراراً مع التقدم في العمر.
- سن اليأس: تقل تراكيز هرمون الاستروجين لدى النساء بعد سن اليأس مما يسبب حدوث تخرب في بطانة المثانة والإحليل لينتج لدينا سلس البول.
- تضخم البروستاتا: غالباً ما يقترن سلس البول لدى الرجال في أعمار متقدمة بتضخم البروستاتا الحميد.
- سرطان البروستاتا: غالباً ما يرتبط سلس البول الإلحاحي أو الإجهادي لدى الرجال بسرطان البروستاتا غير المعالج، حيث يكون سلس البول من أحد التأثيرات الجانبية لعلاج سرطان البروستاتا.
- الانسداد: يمكن أن يسبب أي ورم على طول المسالك البولية إلى انسداد التدفق الطبيعي للبول، مما يؤدي إلى سلس البول الناتج عن الفائض. يمكن أن تسبب حصوات المسالك البولية أحياناً تسرب البول.
- الاضطرابات العصبية: يمكن أن تؤثر حالات مثل التصلب المتعدد أو مرض باركنسون أو السكتة الدماغية أو ورم في الدماغ أو إصابة في العمود الفقري على عمل الأعصاب المعنية في التحكم في المثانة مما يسبب سلس البول.

عوامل الخطر الإصابة بسلس البول
تتضمن العوامل التي قد تزيد من احتمالية الإصابة بسلس البول ما يلي:
- الجنس: تُظهر الدراسات أن النساء أكثر عرضة للإصابة بسلس البول الإجهادي، وذلك نتيجة لعوامل فسيولوجية مثل الحمل والولادة وانقطاع الطمث، بالإضافة إلى الخصائص التشريحية الطبيعية. في المقابل، يواجه الرجال الذين يعانون من مشكلات في غدة البروستاتا مخاطر أكبر للإصابة بسلس البول الإلحاحي أو الناتج عن الفائض.
- العمر: مع تقدم العمر تضعف عضلات المثانة والإحليل مما يؤثر سلباً على قدرتها على الاحتفاظ بالبول. التغيرات المرتبطة بالشيخوخة تقلل من سعة المثانة وتزيد من احتمالية حدوث تسرب غير إرادي للبول.
- زيادة الوزن: يُعتبر الوزن الزائد عاملاً مؤثراً، حيث يساهم في زيادة الضغط على المثانة والعضلات المحيطة بها. هذا الضغط الإضافي يمكن أن يؤدي إلى ضعف العضلات مما يسهل تسرب البول عند السعال أو العطس.
- التدخين: يُعد استخدام التبغ من العوامل التي قد تسهم في زيادة خطر الإصابة حيث يؤث التدخين سلباً على الصحة العامة للجهاز البولي.
- التاريخ العائلي: تظهر الأبحاث أن وجود تاريخ عائلي للإصابة بسلس البول، وخاصةً الإلحاحي، يمكن أن يزيد من احتمالية إصابتك بهذه الحالة.
- بعض الأمراض: تلعب بعض الأمراض مثل الأمراض العصبية ومرض السكري دوراً في زيادة خطر الإصابة بسلس البول حيث تؤثر هذه الحالات على الأعصاب والعضلات المسؤولة عن التحكم في المثانة.
ما هي أعراض سلس البول؟
يُعتبر العرض الرئيسي للسلس هو تسرب البول قبل أن يتمكن الشخص من الوصول إلى الحمام أو أثناء القيام بأنشطة مثل السعال أو العطس أو الضحك أو ممارسة الرياضة. قد تختلف كمية التسرب حيث يمكن أن تكون كبيرة أو صغيرة وقد يكون التسرب على شكل قطرات مستمرة أو تسربات عرضية.
تختلف الأعراض بحسب نوع السلس، ولكنها قد تشمل:
- التبول المتكرر: الحاجة للتبول أكثر من ثماني مرات في اليوم.
- التبول القليل: الشعور بالحاجة لاستخدام الحمام مع خروج كمية صغيرة فقط في كل مرة.
- التبول الليلي: الاستيقاظ للتبول أكثر من مرتين خلال الليل.
- السلس الليلي: تسرب البول أثناء النوم.
- تسرب البول خلال الأنشطة: حدوث تسرب أثناء ممارسة التمارين أو الضحك أو السعال أو العطس أو الانحناء أو حتى ممارسة الجنس.
إذا كنت تعاني من هذه الأعراض يُفضل استشارة الطبيب للحصول على تقييم دقيق وعلاج مناسب.
متى يجب طلب المشورة الطبية؟
يُنصح بزيارة الطبيب إذا كنت تعاني من أي نوع من أنواع سلس البول، هذه الخطوة تمثل بداية مهمة نحو إيجاد طرق فعالة لإدارة المشكلة، تُعتبر هذه الحالة شائعة لذا لا يجب أن تشعر بالحرج عند مناقشة أعراضك مع الطبيب.
عادةً ما يتمكن الطبيب من تشخيص الحالة بعد إجراء استشارة حيث سيسأل الطبيب عن الأعراض. في بعض الحالات قد يتم احالة المريض إلى مختص لإجراء فحوصات إضافية.
إذا كان سلس البول متكرراً أو يؤثر سلبياً على جودة حياتك، فمن الضروري طلب المشورة الطبية بشكل عاجل. فقد يؤدي إلى:
- تقييد أنشطتك اليومية وتقليل فعالياتك الاجتماعية
- تزايد التأثير السلبي على جودة حياتك بشكل عام
- زيادة خطر السقوط خاصة لدى كبار السن أثناء محاولة الوصول إلى الحمام بسرعة
- الإشارة إلى وجود حالة صحية أكثر خطورة تتطلب الاهتمام
لا تتردد في استشارة طبيبك فالصحة النفسية والجسدية تستحق الأولوية.
كيف يتم تشخيص سلس البول؟
يمكن للطبيب استخدام مجموعة متنوعة من الأدوات لتشخيص سلس البول، ومن هذه الأدوات:
- التاريخ الطبي: يبدأ التشخيص بجمع معلومات شاملة حول الأعراض، قد يُطلب من المريض الاحتفاظ بمذكرة للمثانة لمدة عدة أيام قبل الموعد، وتتضمن مذكرة المثانة كمية السوائل التي يتناولها المريض وموعد تناولها وعدد مرات التبول وكمية البول في كل مرة وحالات تسرب البول، بما في ذلك توقيتها وظروفها.
- الفحص البدني: يتضمن الفحص البدني تقييماً عاماً لصحة المريض وقد يشمل ذلك فحصاً حوضياً (للنساء) أو فحصاً شرجياً (للرجال).
- اختبارات البول و/أو الدم: تساعد هذه الاختبارات في تحديد وجود أي عدوى أو أي حالة طبية أخرى قد تؤثر على وظيفة المثانة.
- اختبارات وظيفة المثانة: تشمل اختبارات لتقييم كيفية عمل المثانة مثل قياس كمية البول التي يمكن أن تحتفظ بها المثانة ومدى فعاليتها في الإفراغ.
- اختبارات التصوير: قد تُستخدم تقنيات التصوير مثل الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية لتقييم بنية المثانة والأعضاء المحيطة بها.
ما هي علاجات سلس البول؟
تعتمد خيارات العلاج على نوع سلس البول وسببه وغالباً ما تتطلب مجموعة من العلاجات. قد يبدأ الطبيب بتوجيهك نحو العلاجات التالية:
تغييرات في نمط الحياة
التغييرات في نمط الحياة تشمل تغييرات بسيطة لكنها يمكن أن تُحدث فرقاً كبيراً:
- شرب الكمية المناسبة من السوائل: تأكد من شرب السوائل في أوقات مناسبة لتجنب الامتلاء الزائد للمثانة.
- ممارسة النشاط البدني: يساعد النشاط البدني المنتظم في تحسين الصحة العامة وتقوية العضلات.
- الحفاظ على وزن صحي: الوزن الزائد يمكن أن يضغط على المثانة.
- تجنب الإمساك: الحفاظ على نظام غذائي غني بالألياف للمساعدة في تجنب الإمساك.
- الإقلاع عن التدخين: للتدخين تأثير سلبي على صحة المثانة.
تدريب المثانة
يتضمن هذا النوع من العلاج التبول وفقاً لجدول زمني محدد. يقوم الطبيب بإعداد جدول خاص للمريض بناءً على المعلومات الموجودة في مذكرة المثانة الخاص به. بعد التكيف مع الجدول يتم تقليل عدد مرات التبول تدريجياً مما يساعد المثانة على التكيف مع كميات أكبر من البول.
تمارين تقوية قاع الحوض
تساعد هذه التمارين في تقوية العضلات التي تدعم المثانة وتُعرف هذه التمارين بتمارين كيجل، والتي تتضمن:
- شد العضلات: حيث يقوم المريض بشد العضلات التي تتحكم في تدفق البول.
- الاسترخاء: بعد الشد، يقوم المريض بالاسترخاء لتقوية العضلات بشكل فعال.
الأدوية
إذا لم تنجح العلاجات الذاتية قد يقترح الطبيب الأدوية التي يمكن أن:
- تساعد في استرخاء عضلات المثانة لتقليل التشنجات
- تحجب الإشارات العصبية التي تسبب تكرار التبول والحاجة الملحة له
- تُقلص حجم البروستاتا لدى الرجال لتحسين تدفق البول
الأجهزة الطبية
تشمل الخيارات الطبية ما يلي:
- القثطرة: أنبوب يستخدم لنقل البول خارج الجسم، قد تحتاج لاستخدامه بشكل متكرر أو دائم.
- الأجهزة المهبلية: مثل الحلقات أو السدادات التي تُساعد في تقليل التسرب عن طريق الضغط على الإحليل.
- مواد التكثيف: تُحقن في أنسجة عنق المثانة والإحليل لتقليل التسرب.

التحفيز الكهربائي للأعصاب
يتضمن هذا العلاج استخدام نبضات كهربائية لتغيير ردود فعل المثانة مما قد يساعد في تحسين التحكم في التبول.
الجراحة
في الحالات الشديدة قد يكون اللجوء للتدخل الجراحي أمر ضروري. تتنوع أنواع الجراحات التي يمكن الاعتماد عليها لعلاج سلس البول ونذكر منها:
- جراحة رفع المثانة: يتم استخدام حبال رقيقة مصنوعة من مادة صناعية لدعم المثانة، يتم وضع هذه الحبال تحت الإحليل مما يساعد على تقليل التسرب عند السعال أو العطس.
- جراحة تثبيت المثانة: تهدف هذه الجراحة إلى رفع وتثبيت المثانة في مكانها الصحيح. يتم رفع الأنسجة المحيطة بالمثانة وتثبيتها مما يساعد في تحسين التحكم في التبول.
- جراحة تصحيح الإحليل: تتضمن جراحة تصحيح الإحليل حقن مواد خاصة في الإحليل لزيادة حجمه وتقليل التسرب، تعتبر هذه الطريقة أقل توغلاً مقارنة بالجراحة التقليدية.
- جراحة إزالة الأنسجة: تهدف هذه الجراحة إلى استعادة الوضع الطبيعي للأعضاء خاصةً إذا كان هناك هبوط في الأنسجة المحيطة بالمثانة.

أهم أشكال الوقاية من سلس البول
هناك عدة خطوات فعالة يجب تنفيذها للحد من خطر الإصابة، وهي:
- الحفاظ على وزن صحي وتقليل الوزن الزائد لتخفيف الضغط على المثانة
- النشاط البدني المنتظم لتحسين اللياقة العامة وممارسة التمارين الرياضية مثل تمارين كيجل لتقوية عضلات الحوض
- اتباع نظام غذائي متوازن وتجنب الأطعمة والمشروبات المهيجة مثل الكافيين والمشروبات الغازية وزيادة كمية الألياف المتناولة
- التدريب على المثانة وتحديد أوقات منتظمة للذهاب إلى الحمام لتحسين التحكم
- الإقلاع عن التدخين والابتعاد عن التبغ لتحسين الصحة العامة وتقليل المخاطر
- المراقبة الطبية وإجراء فحوصات دورية مع طبيب مختص لمراقبة صحة الجهاز البولي
- التوعية والتثقيف وتعزيز الوعي حول الحالة وطرق الوقاية لتحقيق نتائج أفضل
سلس البول هو حالة تؤثر على العديد من الأشخاص وتسبب إحراجاً وقلقاً في حياتهم اليومية. من خلال فهم الأنواع المختلفة بهذه الحالة وأعراضها، يمكن للأفراد اتخاذ خطوات فعالة نحو الوقاية والعلاج. من الضروري استشارة الطبيب عند مواجهة أي أعراض، حيث يمكن أن يساعد التشخيص المبكر والعلاج المناسب في تحسين جودة الحياة. بالتزامنا بأسلوب حياة صحي والتثقيف حول هذه الحالة يمكننا تقليل مخاطر الإصابة والتمتع بحياة أكثر راحة وجودة.
المصادر: