تُعد أمراض صمامات القلب من المشاكل الصحية التي قد تؤثر بشكل كبير على عمل القلب ودورته الدموية، ومع تطور الطب الحديث ظهرت أساليب علاجية تساعد على تحسين وظيفة الصمامات والحفاظ على صحة المريض. من بين هذه الأساليب يبرز رأب الصمام بالبالون كإجراء طبي طفيف التوغل يهدف إلى توسيع الصمام الضيق واستعادة جريان الدم الطبيعي.
ما هي صمامات القلب وكيف تعمل؟
يحتوي القلب على أربعة صمامات رئيسية تعمل كبوابات تتحكم بمرور الدم في اتجاه واحد، وهي: الصمام الميترالي، والصمام الأبهري والصمام ثلاثي الشرف، والصمام الرئوي. تفتح هذه الصمامات وتغلق مع كل نبضة قلبية للسماح بمرور الدم الغني بالأكسجين ومنع رجوعه إلى الخلف. عندما يتعرض أحد الصمامات لحالة التضيق، تصبح فتحة الصمام أضيق من الطبيعي، مما يعيق تدفق الدم ويزيد الضغط على القلب، وهنا تبرز الحاجة إلى وسائل علاجية مثل رأب الصمام بالبالون.

ما هو رأب الصمام بالبالون؟
رأب الصمام بالبالون، ويُعرف أيضاً باسم رأب الصمام أو بضع الصمام، هو إجراء طبي طفيف التوغل يُستخدم لتوسيع الصمام القلبي الضيق وتحسين مرور الدم عبره. يتم ذلك عبر إدخال أنبوب رفيع ومرن (قسطرة) يحتوي على بالون صغير في طرفه من خلال وعاء دموي في منطقة الفخذ، ثم توجيهه نحو الصمام المصاب، وعند وصول القسطرة إلى مكانها يُنفخ البالون لتوسيع فتحة الصمام، وبعد تحقيق التوسيع المطلوب يُفرغ البالون وتُسحب القسطرة خارج الجسم. وهذا الإجراء يُعد أقل تدخلاً من جراحة القلب المفتوح، ويُستخدم كخيار علاجي في بعض مشكلات الصمامات مثل الميترالي أو الأبهري أو الرئوي.
مبدأ عمل البالون
يقوم مبدأ رأب الصمام بالبالون على إدخال بالون صغير غير منفوخ إلى موضع الصمام المتضيق، ثم نفخه لفترة وجيزة بحيث يدفع وريقات الصمام المتصلبة جانباً، مما يوسع الفتحة ويعيد تدفق الدم بشكل أفضل. بعد ذلك يُفرغ البالون ويُسحب خارج الجسم.
متى يُستخدم رأب الصمام بالبالون؟
يُجرى رأب الصمام بالبالون عندما يصبح الصمام ضيقاً لدرجة تعيق تدفق الدم وتسبب أعراضاً كضيق التنفس أو ألم الصدر أو اضطراب ضربات القلب. يمكن تطبيق هذا التدخل في عدة حالات:
- تضيق الصمام الميترالي: أكثر الحالات شيوعاً التي يُعالج فيها البالون.
- تضيق الصمام الرئوي: أحد الاستخدامات الشائعة عند الأطفال أو الشباب.
- تضيق الصمام ثلاثي الشرفات: أقل شيوعاً لكنه ممكن في بعض الحالات.
- تضيق الصمام الأبهري: يُستخدم أحياناً كحل مؤقت خاصة لدى البالغين أو المرضى غير المرشحين للجراحة.
في بعض الأحيان يكون هذا الإجراء مؤقتاً، حيث قد يحتاج المريض لاحقاً إلى استبدال الصمام بشكل كامل. على سبيل المثال، يميل ضيق الصمام الأبهري عند البالغين إلى العودة بعد التوسيع بالبالون، مما يجعل العملية مناسبة أكثر لمن لا يستطيعون الخضوع للجراحة مباشرة، أو ريثما يتم التحضير لإجراء نهائي مثل عملية تبديل الصمام الأبهري.
التحضير لرأب الصمام بالبالون
قبل إجراء رأب الصمام بالبالون، يطلب الطبيب من المريض اتباع مجموعة من التعليمات للتقليل من المخاطر وضمان سير العملية بشكل آمن. يتضمن التحضير عادة تقييم التاريخ الصحي الكامل، ومراجعة الأدوية، وإجراء بعض الفحوصات الطبية. كما يجب على المريض الالتزام ببعض الإرشادات المهمة قبل يوم الإجراء. تشمل خطوات التحضير الأساسية:
- الصيام عن الطعام والشراب ابتداءً من منتصف الليل قبل العملية
- التوقف عن بعض الأدوية مثل مميعات الدم أو الأسبرين وفق توصية الطبيب
- إبلاغ الفريق الطبي عن جميع الأدوية والمكملات العشبية التي يتم تناولها
- إخبار الطبيب في حال وجود حساسية تجاه الأدوية أو صبغات الأشعة أو اليود
- إجراء فحوصات دم لقياس عوامل التخثر واختبارات أخرى حسب الحاجة
- تقديم معلومات عن أي أمراض سابقة في القلب أو الرئة أو الكبد أو الكلى
- إخبار الطبيب بوجود أجهزة مزروعة مثل منظم ضربات القلب أو الدعامات
- عدم ارتداء المعادن أو المجوهرات أو أطقم الأسنان القابلة للإزالة يوم العملية
إضافةً إلى ذلك، قد يُطلب من المريض الحضور إلى المستشفى في اليوم السابق لإتمام الفحوصات النهائية، حيث يقوم الفريق الطبي بمراجعة ملفه الصحي والتأكد من جاهزيته الكاملة للإجراء.
خطوات إجراء رأب الصمام بالبالون
يُجرى هذا الإجراء داخل المستشفى على يد طبيب مختص في أمراض القلب التداخلية، ويستغرق عادة ساعة أو أكثر. يكون المريض مستيقظاً في معظم الحالات، لكن يُعطى مهدئاً عبر الوريد ليساعده على الاسترخاء، إضافة إلى مخدر موضعي في موضع إدخال القسطرة. يتم ربط المريض بأجهزة لمراقبة النبض وضغط الدم والتنفس أثناء العملية لضمان سلامته، وتشمل الخطوات الأساسية للعملية ما يلي:
- إدخال أنبوب رفيع (غمد) في أحد الأوعية الدموية، غالباً في منطقة الفخذ
- تمرير قسطرة تحتوي على بالون في طرفها عبر الغمد وتوجيهها باستخدام صور الأشعة والقسطرة القلبية إلى موضع الصمام المتضيق
- حقن مادة ملونة (صبغة أشعة) تساعد الطبيب على رؤية الصمام بوضوح
- نفخ البالون عند موقع التضيق لتوسيع فتحة الصمام وتحسين مرور الدم
- تكرار نفخ البالون وتفريغه أكثر من مرة إذا لزم الأمر حتى يتم الحصول على النتيجة المطلوبة
- تفريغ البالون وإزالة القسطرة من الجسم
- إغلاق مكان إدخال القسطرة بواسطة الضغط الموضعي أو خياطة صغيرة أو مادة لاصقة طبية خاصة
بعد الانتهاء يُنقل المريض إلى غرفة المراقبة حيث يحتاج إلى الاستلقاء لعدة ساعات حتى يقل خطر النزف، وفي بعض الحالات يُترك الغمد داخل الوعاء الدموي لعدة ساعات بعد العملية، خاصة عند المرضى الذين يتناولون مميعات دم، وذلك لتقليل خطر النزيف قبل إزالته بشكل آمن.

مميزات رأب الصمام بالبالون
يُعد رأب الصمام بالبالون من الإجراءات الطفيفة التوغل التي تساعد على تحسين تدفق الدم عبر الصمام المتضيق، مما يخفف الجهد عن عضلة القلب ويقلل من الأعراض. وفي بعض الحالات يساهم هذا الإجراء في تأجيل الحاجة إلى استبدال الصمام جراحياً. أبرز مميزاته مقارنة بالجراحة المفتوحة تشمل:
- ألم أقل خلال فترة ما بعد العملية
- تعافٍ أسرع وعودة سريعة للحياة اليومية
- تقليل خطر حدوث المضاعفات مقارنة بالجراحة التقليدية
- ندوب جراحية أقل لكونه إجراء عبر القسطرة وليس شقاً جراحياً كبيراً
بفضل هذه المزايا أصبح توسيع الصمام بالبالون خياراً مفضلاً لدى كثير من المرضى والأطباء في بعض الحالات المختارة.

المخاطر والمضاعفات المحتملة لرأب الصمام بالبالون
رغم أن رأب الصمام بالبالون يُعد إجراءً آمناً نسبياً مقارنة بالجراحة المفتوحة، إلا أنه مثل أي تدخل طبي قد يرافقه بعض المخاطر. تختلف احتمالية حدوث هذه المضاعفات بحسب الحالة الصحية العامة للمريض ونوع الصمام المصاب. تشمل أبرز المضاعفات المحتملة:
- سكتة دماغية أو نوبة قلبية (نادرة)
- تشكّل جلطة أو إصابة الوعاء الدموي
- نزيف أو عدوى في موضع إدخال القسطرة
- تسرب دموي عبر الصمام (قصور الصمام)
- تضيق الصمام من جديد بعد فترة من الإجراء
- اضطراب في نظم القلب قد يتطلب علاجاً إضافياً
- تفاعل تحسسي تجاه صبغة الأشعة أو بعض الأدوية
التعافي بعد رأب الصمام بالبالون
تختلف فترة التعافي بعد رأب الصمام بالبالون من مريض لآخر بحسب حالته الصحية، لكنها تمر عادة بمرحلتين أساسيتين: الأولى داخل المستشفى مباشرة بعد الإجراء، ثم فترة العناية والمتابعة في المنزل.
في المستشفى
بعد الانتهاء من رأب الصمام بالبالون يُنقل المريض إلى غرفة المراقبة حيث يبقى تحت إشراف الفريق الطبي لعدة ساعات. يوضع ضماد على مكان إدخال القسطرة، وإذا كان الدخول من منطقة الفخذ يجب تجنب ثني الساق لمدة تتراوح بين ساعتين وست ساعات، وخلال هذه الفترة تتم مراقبة ضغط الدم ونبض القلب والتنفس بشكل مستمر، ويُشجَّع المريض على شرب كميات كافية من الماء للمساعدة على طرح صبغة الأشعة من الجسم. غالباً يقضي المريض ليلة واحدة في المستشفى قبل أن يسمح له بالمغادرة.
في المنزل
قد يلاحظ المريض وجود كدمة بسيطة مكان القسطرة وهو أمر طبيعي، لكن يجب الانتباه لعلامات مثل النزيف، والتورم أو تغير لون وحرارة الطرف. من المهم الحفاظ على نظافة مكان الجرح وجفافه، وتجنب السباحة أو الاستحمام في حوض ماء حتى يلتئم الجرح تماماً. ينصح الأطباء عادة بالامتناع عن الأنشطة المجهدة لمدة خمسة إلى سبعة أيام، والعودة إلى العمل بعد نحو أسبوع إذا كان العمل مكتبياً، في حين قد يحتاج من يمارسون أعمالاً بدنية فترة أطول.
يُحدد الطبيب عادة مواعيد متابعة بعد ثلاثة إلى ستة أشهر من العملية، ثم مراجعات سنوية منتظمة للتأكد من استمرار كفاءة الصمام. معظم المرضى يشعرون بتحسن سريع في الأعراض مثل ضيق التنفس أو التعب خلال الأيام الأولى بعد الإجراء.
رأب الصمام بالبالون أم الجراحة؟ مقارنة مع البدائل الأخرى
لا يُعتبر رأب الصمام بالبالون الحل الوحيد لمشكلات صمامات القلب، بل هو أحد الخيارات ضمن عدة بدائل علاجية يحدد الطبيب الأنسب منها حسب نوع الصمام المصاب، وشدة التضيق، وعمر المريض وحالته الصحية.
| الإجراء | المميزات | الحدود/السلبيات | الحالات الأنسب |
|---|---|---|---|
| رأب الصمام بالبالون | إجراء طفيف التوغل عبر القسطرة – تعافٍ أسرع – ألم ومضاعفات أقل مقارنة بالجراحة | قد يكون مؤقتاً لأن الصمام قد يضيق من جديد، خصوصاً في الأبهري عند البالغين | تضيق الصمام الميترالي أو الرئوي – المرضى غير المؤهلين للجراحة – حل انتقالي قبل الاستبدال |
| استبدال الصمام | حل دائم غالباً – يمنع عودة التضيق | يحتاج جراحة كبرى (قلب مفتوح) أو إجراء عبر القسطرة مثل TAVR – قد يتطلب مميعات دم مدى الحياة | حالات التلف الشديد أو فشل العلاج بالبالون |
| إصلاح الصمام | يحافظ على الصمام الطبيعي – مناسب لصغار السن – لا يحتاج لمميعات دموية طويلة الأمد | لا يصلح لكل الحالات – يحتاج خبرة جراحية متقدمة | تشوهات محددة في الصمام – بعض حالات الشباب |
تكلفة رأب الصمام بالبالون
تختلف تكلفة رأب الصمام بالبالون في تركيا بحسب حالة المريض والمركز الطبي الذي يُجرى فيه الإجراء. بشكل عام، تُعد هذه العملية أقل تكلفة من جراحة استبدال الصمام، حيث تتراوح في معظم المراكز التركية بين 3,000 و4,000 دولار أمريكي تقريباً، وقد تصل في بعض المستشفيات المتقدمة إلى حدود أعلى وفق التجهيزات والخدمات المقدمة، إضافة إلى ذلك، تتيح تركيا هذا الإجراء بتكاليف تنافسية مقارنة بالدول الأوروبية مع الحفاظ على جودة عالية في الرعاية الطبية، مما يجعلها وجهة مفضلة للمرضى الباحثين عن علاج فعال لتضيق الصمامات بتكلفة معقولة.
في الختام، يُعد رأب الصمام بالبالون خياراً علاجياً فعالاً لتخفيف أعراض تضيق الصمامات القلبية وتحسين تدفق الدم دون الحاجة لجراحة كبرى. ورغم أن نتائجه قد تكون مؤقتة في بعض الحالات، إلا أنه يمنح المرضى فرصة لتحسين نوعية حياتهم وتأجيل الحاجة لاستبدال الصمام. يبقى القرار النهائي دائماً بيد الطبيب المختص بعد تقييم كل حالة بشكل فردي.
المصادر:
- Rodriguez, E., Raissi, R., Bott, M., & Morse, M. A. (2021). MitraClip™: a step by step guide for surgeons. Annals of Cardiothoracic Surgery, 10(1), 180–182. https://doi.org/10.21037/acs-2020-mv-19
- Penn Medicine. (2025, April). Balloon valvuloplasty (valvotomy).
- Johns Hopkins Medicine. (n.d.). Valvuloplasty.
