عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال تعد من أكثر المشاكل الصحية القلبية شيوعاً في مرحلة الطفولة، وقد تتفاوت من حالات بسيطة تمر دون أعراض واضحة إلى حالات معقدة تتطلب تدخلاً طبياً فورياً. لأن قلب الطفل هو محرك نموه وتطوره، فإن اكتشاف أي خلل مبكراً يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً في جودة حياته ومستقبله الصحي.
يولد حوالي 1 من كل 100 طفل (1%) بعيب خلقي في القلب ما يجعلها أكثر العيوب الخلقية شيوعاً وتسجل سنوياً أكثر من 1.35 مليون حالة جديدة من عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال على مستوى العالم. بفضل التطور في تقنيات الجراحة والعلاج، فإن أكثر من 85% من الأطفال المصابين بتشوهات القلب الخلقية يصلون إلى سن البلوغ ويتمتعون بحياة طبيعية أو شبه طبيعية.
ما هي عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال؟
عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال (CHDs) هي مشكلات في بنية القلب، وكلمة “خلقية” تعني أن هذه المشكلات موجودة منذ الولادة. تحدث هذه العيوب عندما لا يتطور قلب الجنين بشكل طبيعي أثناء الحمل. تُعد عيوب القلب الخلقية من أكثر أنواع العيوب الخلقية شيوعاً، ويمكن أن تؤثر عيوب القلب الخلقية على طريقة ضخ القلب للدم فقد تجعل تدفق الدم بطيئاً جداً أو يتجه في الاتجاه الخاطئ أو قد تمنعه تماماً.
هناك أنواع كثيرة من تشوهات القلب الخلقية وقد تحدث في جزء واحد من القلب أو في عدة أجزاء، وتتراوح عيوب القلب الخلقية بين مشكلات بسيطة لا تحتاج إلى علاج أبداً ومشكلات خطيرة قد تهدد الحياة منذ الولادة. تسمى العيوب القلبية الخلقية الأكثر خطورة بـ أمراض القلب الخلقية الحرجة، والأعراض المصاحبة للعيوب القلبية الخلقية الأخف فقد لا تظهر إلا في مرحلة الطفولة أو حتى البلوغ.
الفرق بين العيوب البسيطة والمعقدة
العيوب البسيطة قد تتحسن من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى جراحة. تسمح هذه العيوب بمرور الدم الغني بالأكسجين الذي من المفترض أن يتجه إلى باقي الجسم إلى الرئتين مرة أخرى مما يسبب زيادة في الضغط والإجهاد على الرئتين، وفي بعض الأحيان لا تظهر على الطفل المصاب بعيب بسيط أي أعراض على الإطلاق. من أمثلة العيوب البسيطة في القلب: عيب الحاجز الأذيني وعيب الحاجز البطيني والقناة الشريانية السالكة.
العيوب المعقدة والحرجة قد تسبب أعراضاً مهددة للحياة تتطلب علاجاً فورياً، حيث ينتقل الدم إلى الجسم قبل أن يحصل على كفايته من الأكسجين مما يؤدي إلى نقص الأكسجة وغالباً ما يبدو الأطفال المصابون بهذه العيوب بلون أزرق (الزرقة). من الأمثلة على الحالات القلبية الحرجة (رباعية فالو)، والأطفال المولودون بهذا النوع أو بعيب خلقي قلبي حرج آخر يحتاجون إلى جراحة خلال السنة الأولى من حياتهم.
ما أسباب حدوث عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال؟
في معظم الحالات لا يتم تحديد سبب واضح لحدوث عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال مع ذلك هناك بعض العوامل المعروفة التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بهذه الحالة منها:
- متلازمة داون: اضطراب وراثي يؤثر على النمو الجسدي الطبيعي للطفل ويسبب صعوبات في التعلم.
- إصابة الأم بعدوى معينة أثناء الحمل مثل الحصبة الألمانية (الروبيلا)
- تناول الأم أنواعاً معينة من الأدوية أثناء الحمل مثل أدوية الستاتين وبعض أدوية حب الشباب
- تدخين الأم أو شربها للكحول أثناء الحمل
- إصابة الأم بداء السكري من النوع الأول أو الثاني غير المتحكم به بشكل جيد
- وجود عيوب صبغية (كروموسومية) أخرى: حيث يمكن أن تتغير الجينات عن وضعها الطبيعي، وقد تكون موروثة في بعض الحالات.
خلال الأسابيع الستة الأولى من الحمل يبدأ قلب الجنين بالتكوّن ويبدأ بالنبض، وفي هذا الوقت الحرج أيضاً تبدأ الأوعية الدموية الرئيسية التي تنقل الدم من القلب وإليه بالتكون. هذه المرحلة من نمو الجنين قد تبدأ عيوب القلب الخلقية بالتكون ولا يعرف الباحثون سبب معظم أنواع هذه العيوب.
أنواع عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال الشائعة
هناك العديد من أنواع تشوهات القلب الخلقية وقد تحدث أحياناً أكثر من عيب في القلب في نفس الوقت. فيما يلي بعض الأنواع الأكثر شيوعاً:
- العيوب الحاجزية (Septal Defects): عبارة عن ثقب في الجدار الفاصل بين حجرتين من حجرات القلب غالباً ما يشار إليها باسم “ثقب في القلب”. يمكن أن يكون بين الأذينين (الأعلى) أو بين البطينين (الأسفل).
- تضيّق الشريان الأبهر (Coarctation of the Aorta): يحدث عندما يكون الشريان الأبهر (وهو الشريان الرئيسي الذي يضخ الدم من القلب إلى الجسم) أضيق من الطبيعي ما يصعب تدفق الدم إلى بقية أنحاء الجسم.
- رباعي فالوت (Tetralogy of Fallot): وهو من العيوب المعقدة وتشمل أربعة مشاكل في القلب تؤثر في تدفق الدم وتسبب ازرقاق الجلد (الزُرقة).
- تضيّق الصمام الرئوي (Pulmonary Valve Stenosis): حالة يكون فيها الصمام الرئوي الذي يتحكم في تدفق الدم من البطين الأيمن إلى الرئتين أضيق من الطبيعي مما يصعب ضخ الدم إلى الرئتين.
- انعكاس الشرايين الكبرى (TGA): في هذه الحالة تكون مواقع الصمامات والشرايين الرئيسية معكوسة فالشريان الأبهر يتصل بالبطين الأيمن بدلاً من الأيسر، والشريان الرئوي يتصل بالبطين الأيسر بدلاً من الأيمن. هذا يؤدي إلى تدفق غير طبيعي للدم حيث لا يصل الأكسجين إلى الجسم بشكل كاف.
- تكوّن غير مكتمل للقلب (Underdeveloped Heart): يحدث عندما لا يتطور جزء من القلب بشكل طبيعي أو يكون ناقص النمو مما يجعل القلب غير قادر على ضخ الدم بشكل فعال إلى الجسم أو الرئتين مثال على ذلك متلازمة القلب الأيسر ناقص التنسج (Hypoplastic Left Heart Syndrome).
تختلف شدة هذه الحالات من شخص لآخر، وقد تتطلب علاجاً دوائياً وتدخلاً جراحياً أو حتى زراعة قلب في بعض الحالات الشديدة.

ثقب القلب (الفتحة بين البطينين أو الأذينين)
عيب الحاجز الأذيني (ASD) هو ثقب في الحاجز الأذيني وهو الجدار الذي يفصل بين الحجرتين العلويتين للقلب (الأذينين). يعد عيب الحاجز الأذيني من العيوب الخلقية الشائعة في القلب ويحدث عندما لا يتكون الحاجز بشكل صحيح ويُعرف أيضاً باسم “ثقب في القلب”. يخلق عيب الحاجز الأذيني مساراً غير طبيعي لتدفق الدم حيث يتدفق بعض الدم من الأذين الأيسر في الاتجاه الخاطئ إلى الأذين الأيمن حيث يحتوي الأذين الأيمن على دم منخفض الأكسجين يجب أن يمر عبر الرئتين وبهذا يحصل الأذين الأيمن على كمية إضافية من الدم (المحمل بالأكسجين) الذي يعود مجدداً إلى الرئتين.
عيب الحاجز البطيني (VSD) هو ثقب في القلب موجود منذ الولادة (عيب خلقي في القلب). يوجد الثقب بين الحجرتين السفليتين للقلب (البطين الأيمن والبطين الأيسر) ويسمح هذا الثقب بانتقال الدم الغني بالأكسجين إلى الرئتين مرة أخرى بدلاً من ضخه إلى باقي أجزاء الجسم. يغير عيب الحاجز البطيني طريقة تدفق الدم في القلب والرئتين حيث يُعاد ضخ الدم الغني بالأكسجين إلى الرئتين بدلاً من توزيعه على الجسم ما يؤدي إلى اختلاط الدم الغني بالأكسجين بالدم الفقير بالأكسجين حيث تؤدي هذه التغيرات إلى زيادة ضغط الدم في الرئتين، وتجعل القلب يعمل بجهد أكبر لضخ الدم. قد لا يسبب عيب الحاجز البطيني الصغير أي مشاكل لدى الأطفال، أما العيوب المتوسطة إلى الكبيرة فتحتاج إلى التدخل الجراحي.
تضيق الصمام الأبهري وتضيق الصمام الرئوي
من بين أكثر عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال شيوعاً يأتي تضيق الصمام الأبهري كأحد الأسباب التي قد تعيق تدفق الدم بشكل طبيعي داخل الجسم. أحياناً يلاحظ الأهل أن الطفل يتعب سريعاً عند اللعب أو يعاني من صعوبة في التنفس وقد تكون هذه علامة على تضيق أحد صمامات القلب. يكون هناك ضيق في الصمام الأبهري أو في بداية الشريان الأبهر نفسه، وهو الشريان الذي ينقل الدم المحمل بالأوكسجين من القلب إلى بقية أعضاء الجسم، وهذا الضيق يجعل القلب يعمل بجهد أكبر لضخ الدم ما قد يرهق عضلة القلب مع الوقت.
في تضيق الصمام الرئوي يحدث الضيق عند الصمام الذي ينقل الدم من القلب إلى الرئتين يعني أن كمية الدم التي تصل للرئتين لتتزوّد بالأوكسجين تكون أقل من الطبيعي وهو أمر قد يؤثر على تنفّس الطفل أو نشاطه.
تختلف الأعراض حسب شدة التضيق وتشمل التعب وصعوبة التنفس والزُرقة أو ضعف النمو وغالباً ما يطلب الطبيب إجراء تخطيط صدى القلب (الإيكو) ليتمكن من رؤية الصمام بوضوح وتشخيص الحالة بدقة ويحدد العلاج حسب درجة التضيق وقد يتضمن المراقبة أو القسطرة لتوسيع الشريان أو الجراحة في الحالات الشديدة. التدخل المبكر يساعد في تحسين وظائف القلب وتقليل المضاعفات مستقبلاً.
كيف تظهر أعراض عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال؟
يمكن أن تتنوع أعراض تشوهات القلب الخلقية لأنها تشمل عدة أنواع مختلفة من العيوب القلبية. تشمل العلامات العامة لأمراض القلب الخلقية:
- شحوب أو زراق في الشفاه أو اللسان أو الأظافر
- التنفس السريع
- سرعة ضربات القلب
- تورم في الساقين أو البطن أو حول العينين
- ضيق في التنفس أثناء الرضاعة لدى الرضع (مما يصعّب عليهم زيادة الوزن) أو أثناء التمارين لدى الأطفال الأكبر سنًا والبالغين
- الشعور بالتعب الشديد بسرعة عند بذل مجهود
- الإغماء أثناء التمارين
- تورم في اليدين أو الكاحلين أو القدمين
كيف يتم تشخيص عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال؟
قبل ولادة الطفل قد يستخدم الطبيب صور الأشعة الصوتية لقلب الجنين للكشف عن تشوهات القلب الخلقية. تعرف هذه الفحوصات بتخطيط صدى القلب الجنيني (Fetal Echocardiogram)، وتجرى عادة بين الأسبوع 18 و22 من الحمل. بعد الولادة مباشرة في الأيام الأولى يتم فحص جميع المواليد الجدد للكشف عن عيوب القلب الخَلقية ويستخدم جهاز قياس التأكسج (Pulse Oximeter) حيث يثبَت على يد أو قدم الطفل لقياس مستوى الأكسجين في الدم، وإذا أظهرت القراءة أن نسبة الأكسجين منخفضة، فسيُطلب إجراء اختبارات إضافية للتأكد مما إذا كان لدى الطفل عيب خلقي في القلب.
لتشخيص عيوب القلب الخَلقية لدى الأطفال أو البالغين قد يستخدم الطبيب مجموعة من الوسائل منها الفحص السريري للاستماع إلى صوت القلب واكتشاف أي علامات غير طبيعية، واختبارات خاصة بالقلب مثل تخطيط صدى القلب أو تخطيط القلب الكهربائي (ECG) أو تصوير الصدر بالأشعة السينية أو التصوير بالرنين المغناطيسي. قد يتم فحص الجينات للكشف مشكلات وراثية قد تكون السبب في العيب القلبي.

زرقة الطفل كعلامة إنذار مبكر
نوبات الزرقة (Blue spells) تحدث عندما لا يصل دم كافٍ إلى رئتي الطفل مما يؤدي إلى نقص الأكسجين في الدم الذي يُضخ إلى بقية الجسم. تعد هذه النوبات من الطوارئ الطبية، ويجب التعامل معها فوراً. خلال نوبة الزرقة قد يظهر على الطفل الشعور بعدم الراحة المفاجئ والتهيج أو انخفاض الانتباه وتنفس سريع وعميق مع تغير لون الجلد إلى الأزرق خاصةً حول الفم والوجه.
الواجب فعله عند حصول نوبة زرقة إذا كان الطفل رضيعاً: وضع الطفل على ظهره وثني ساقيه حتى تلامس ركبتيه صدره مع تهدئته بلطف ومراقبة تنفسه ولون بشرته.
إذا كان الطفل أكبر سناً: وضعه على جانبيه مع ثني ساقيه باتجاه الصدر وتشجيعه على التنقس ببطئ وعمق. يتوجب الاتصال بالإسعاف إذا استمرت نوبة الزرقة لأكثر من دقيقة أو بدا الطفل غير منتبه أو فاقد الوعي أو إذا أغمي عليه.
تخطيط صدى القلب (الإيكو) والتصوير بالرنين المغناطيسي
تُعد القدرة على تشخيص تشوهات القلب الخلقية المعقدة دون تدخل جراحي من أعظم التطورات في رعاية الأطفال المصابين بعيوب القلب، ففي البداية كان تخطيط صدى القلب ثنائي الأبعاد يستخدم لعرض التشريح ثم أُضيفت تقنية الدوبلر التي سمحت بقياس الضغط وتدفق الدم وباستخدام هاتين الوسيلتين أصبحت القسطرة القلبية غير ضرورية لمعظم مشاكل القلب عند الأطفال، كما يُستخدم تخطيط صدى القلب بشكل روتيني في التصوير القلبي أثناء العمليات الجراحية وخلال الحمل. يمكن الآن باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي ثلاثي الأبعاد قياس حجم حجرات القلب ذات الأشكال غير المنتظمة (مثل البطين الأيمن) وتدفق الدم (مثل الناتج عن صمام متسرّب) ومع تقدم التكنولوجيا في العصر الرقمي ستستمر التطورات في تسهيل تشخيص وعلاج الأطفال المصابين بعيوب القلب الخلقية دون الحاجة إلى التدخل الجراحي.
طرق علاج عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال حسب الحالة
يعتمد العلاج على نوع عيب القلب الخلقي ومدى خطورته. تشمل العلاجات الممكنة القسطرة القلبية لإصلاح العيوب البسيطة مثل ثقب صغير في الجدار الداخلي للقلب، وتستخدم الأدوية إذا كان لدى الطفل نوع معين من عيوب القلب الخلقية يسمى القناة الشريانية السالكة. يحتاج الأشخاص المصابون بأمراض القلب الخلقية غالباً إلى علاج مدى الحياة وبالتالي يحتاجون إلى متابعة متخصصة خلال مرحلة الطفولة والبلوغ ذلك لأن الأشخاص الذين يعانون من مشاكل قلبية معقدة قد يواجهون مشاكل إضافية في نظم القلب أو الصمامات مع مرور الوقت.
لا تُعتبر معظم العمليات الجراحية والإجراءات التدخلية علاجاً نهائياً، وقد تكون قدرة الشخص المتأثر على ممارسة الرياضة محدودة وقد يحتاج إلى اتخاذ خطوات إضافية لحماية نفسه من العدوى. يحتاج بعض الأشخاص إلى عدة عمليات جراحية أو قسطرات على مدى السنوات ويحتاجون أيضاً إلى تناول أدوية لمساعدة قلوبهم على العمل بأفضل شكل ممكن.
التدخل الجراحي مقابل القسطرة القلبية في علاج عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال
تستخدم التداخلات الجراحية والقساطر لمعالجة عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال الحادة. يمكن لقسطرة القلب علاج بعض أنواع عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال باستخدام أنابيب رفيعة ومرنة تعرف بالقساطر وتتيح هذه العلاجات للأطباء إصلاح القلب دون الحاجة إلى جراحة القلب المفتوح حيث يدخل الطبيب القسطرة عبر وعاء دموي ويقوم بتوجيهها إلى القلب.
بعد أن تصبح القسطرة في مكانها الصحيح يدخل الطبيب أدوات دقيقة عبرها لإصلاح المشكلة القلبية على سبيل المثال قد يصلح الطبيب الثقوب في القلب أو مناطق التضيق، أما جراحة القلب قد يحتاج الطفل إلى جراحة قلب مفتوح أو جراحة قلب طفيفة التوغل لإصلاح عيب خلقي في القلب حيث يعتمد نوع الجراحة القلبية على طبيعة الخلل في القلب.
دور المتابعة وإعادة التأهيل بعد علاج عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال
تلعب المتابعة وإعادة التأهيل دوراً حيوياً بعد علاج عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال سواء عبر الجراحة أو القسطرة، وحتى بعد نجاح العلاج يحتاج الطفل إلى متابعة منتظمة مع طبيب قلب متخصص لمراقبة حالة القلب واكتشاف أي مضاعفات محتملة مثل اضطرابات النظم أو تسرب الصمامات. تشمل المتابعة فحوصاً دورية مثل تخطيط القلب وتصوير الإيكو لضمان استمرار كفاءة القلب.
إعادة التأهيل تهدف إلى دعم الطفل بدنياً ونفسياً من خلال برامج نشاط بدني مناسب للحالة وإرشادات غذائية ودعم نفسي واجتماعي يساعد الطفل على التأقلم والعودة لحياته الطبيعية. يشجع معظم الأطفال على ممارسة الرياضة الخفيفة أو المتوسطة تحت إشراف طبي لما لها من دور في تحسين اللياقة البدنية والثقة بالنفس، فالمتابعة والتأهيل عنصران أساسيان لضمان استقرار الحالة وتحقيق أفضل جودة حياة ممكنة للطفل على المدى الطويل.

أهمية المتابعة القلبية طويلة الأمد للأطفال
تؤثر المتابعة طويلة الأمد للأطفال بنسب كبيرة في علاج تشوهات القلب الخلقية من خلال مراقبة تغذية الأطفال ونشاطاتهم الحياتية بشكل عام. قد يكون بعض الأطفال المصابين بعيوب قلبية أصغر حجماً وأنحف من غيرهم وقد يتعب بعضهم أثناء الرضاعة ولا يأكلون بما يكفي لاكتساب الوزن كما أن البعض يحرقون سعرات حرارية أكثر لأن قلبهم يعمل بجهد إضافي لتعويض العيب، وبعد علاج عيب القلب غالباً ما يتحسن نمو الأطفال وزيادة وزنهم. قد يعاني بعض الأطفال المصابين بعيوب في القلب من مشاكل في صحة الفم مثل تسوس الأسنان أو حالة الأسنان المتدهورة نزيف اللثة تسوسات. يساعد النشاط البدني على تقوية القلب، ويجب على البالغين وأولياء أمور الأطفال المصابين بعيوب قلبية استشارة مقدم الرعاية الصحية لمعرفة الأنشطة البدنية الآمنة لهم.
تعد عيوب القلب الخلقية لدى الأطفال من الحالات التي قد تكون مقلقة في بدايتها لكنها قابلة للتشخيص المبكر والعلاج الفعال بفضل التقدم الطبي. الفهم الجيد لطبيعة العيب القلبي ومعرفة الأعراض والعلامات المبكرة والمتابعة القلبية المنتظمة يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً في حياة الطفل ونموه الطبيعي. إن تقديم الرعاية القلبية المتخصصة مع الحرص على التقييم الدوري يمنح الطفل فرصة أفضل لحياة صحية ومستقرة. لذلك لا تتردد في استشارة طبيب قلب الأطفال في حال ملاحظة أي علامات غير معتادة فالاكتشاف المبكر هو الخطوة الأولى نحو علاج ناجح وحياة أفضل.
المصادر:
- Children’s Hospital of Philadelphia. (n.d.). Congenital heart disease
- NHS. (n.d.). Treatment. In Congenital heart disease
- MedlinePlus. (n.d.). Congenital Heart Defects. U.S. National Library of Medicine