تُعد أمراض الصمام التاجي من الحالات القلبية الشائعة التي قد تؤثر بشكل كبير في كفاءة ضخ الدم ووظيفة القلب، وقد تتطلب في بعض الحالات تدخلاً جراحياً لتغيير الصمام المتضرر. في تركيا، تطورت تقنيات جراحة القلب بشكل لافت، مما جعلها من الوجهات الطبية المتميزة لإجراء عملية تغيير الصمام التاجي بفضل توفر الخبرات المتقدمة والتقنيات الحديثة بتكلفة معقولة.
لمحة عن الصمام التاجي
الصمام التاجي، المعروف أيضاً باسم الصمام المترالي، هو أحد الصمامات الأربعة في القلب، ويقع بين الأذينة اليسرى والبطين الأيسر. تتمثل وظيفته الأساسية في تنظيم تدفق الدم من الأذينة إلى البطين، ومنع رجوعه في الاتجاه المعاكس، مما يضمن سير الدورة الدموية بكفاءة. يتألف الصمام التاجي من وريقتين (أمامية وخلفية) تعملان بتناغم لفتح الصمام وإغلاقه مع كل نبضة قلبية، وتُعد سلامة هذا الصمام ضرورية لضخ الدم المؤكسج من القلب إلى أنحاء الجسم.

هنالك ثلاث مشاكل التي من الممكن تصيب الصمام التاجي:
- تضيق الصمام التاجي: يحدث عند تكلّس أو التحام وريقتي الصمام مع بعضهما جزئياً فلا يُفتح بشكل كامل، وهذا يؤدي إلى عدم عبور الدم بكمية كافية من الأذينة اليسرى إلى البطين الأيسر.
- قصور الصمام التاجي (ارتجاع الصمام التاجي): يحدث عندما لا تنطبق وريقتا الصمام بشكل محكم عند الإغلاق مما يؤدي إلى تسرب كمية من الدم من البطين الأيسر إلى الأذينة اليسرى بدلاً من أن يتجه إلى شرايين الجسم، وقد يحدث القصور كنتيجة لتدلي الصمام التاجي.
- تدلي الصمام التاجي (الانسدال): وهي حالة شائعة ينزلق فيها جزء من وريقة الصمام باتجاه الأذينة أثناء الانقباض، مما يعيق الإغلاق المحكم للصمام وقد يؤدي إلى ارتجاع الدم. تتراوح شدته بين حالات بسيطة لا تتطلب علاجاً وأخرى تحتاج إلى تدخل طبي.
قد تتظاهر هذه المشاكل في الصمام التاجي بأعراض مثل التعب والزلة التنفسية والدوخة والألم الصدري، وفي حال عدم المعالجة قد تتطور الحالة إلى رجفان أذيني أو ارتفاع ضغط رئوي أو فشل قلبي.
عندما تكون إصابة الصمام التاجي خفيفة قد يقترح الطبيب بعض النصائح العامة لتحسين نمط الحياة وزيارة العيادة بشكل متكرر للمراقبة، كما قد يصف بعض الأدوية التي تزيد من ضخ الدم وتحسن أعراض المريض، لكن في بعض الأحيان يضطر الطبيب إلى إجراء عملية جراحية من أجل علاج الصمام التاجي، وتتضمن الخيارات الجراحية عملية إصلاح الصمام التاجي وعملية تغيير الصمام التاجي.
ما هي استطبابات عملية تغيير الصمام التاجي؟
عادةً ما يُفضل إصلاح أو ترميم الصمام التاجي على استبداله، إذ توصي الإرشادات الطبية الحالية بتجنب تغييره إلا في الحالات التي لا يمكن فيها إجراء الإصلاح بشكل فعّال، ويعود ذلك إلى أن بعض أنواع الصمامات البديلة، خاصة الحيوية منها، تمتلك عمراً افتراضياً محدوداً، وقد يحتاج المريض إلى استبدالها مجدداً بعد 10–15سنة من الزرع.
مع ذلك، توجد حالات مرضية يُعد فيها تغيير الصمام التاجي الخيار الأفضل منذ البداية، وذلك لتفادي فشل محاولات الإصلاح. وتشمل هذه الحالات:
- وجود تكلسات شديدة في حلقة الصمام
- تنكّس أو تليّف متقدم في نسيج الصمام
- التهابات أو إنتانات قلبية تؤثر في بنية الصمام
- سماكة أو اندماج في المنطقة تحت الصمام
- اعتلال عضلة القلب يعيق آلية عمل الصمام الطبيعي
أنواع الصمامات التاجية البديلة
تعتمد عملية تغيير الصمام التاجي على استبدال الصمام المتضرر ببديل صناعي أو حيوي، ويُحدد نوع الصمام المناسب وفقاً لعوامل متعددة مثل عمر المريض، حالته الصحية العامة، ونمط حياته.
الصمامات الصنعية
وهي صمامات مصنوعة من مواد متينة مثل المعدن أو الكربون أو البلاستيك، وتتميز بعمر افتراضي طويل يتراوح بين 20 و30 عاماً. ومع ذلك، يحتاج المريض الذي يُزرع له هذا النوع من الصمامات إلى تناول مضادات التخثر (المميعات الدموية) مدى الحياة، لتجنّب تشكّل الجلطات على سطح الصمام، مما يزيد من خطر النزف.
الصمامات الحيوية
تُصنع هذه الصمامات من أنسجة بشرية (صمامات من متبرعين) أو أنسجة حيوانية (عادةً من الخنازير أو الأبقار)، وتدوم عادةً من 10 إلى 15 سنة. تُفضَّل هذه الصمامات لدى المرضى الأكبر سناً أو أولئك الذين يُعانون من موانع لاستخدام المميعات، إذ لا تتطلب علاجاً دائماً بمضادات التخثر. لكن يُلاحظ أن عمرها الافتراضي أقصر، وخاصةً عند زراعتها لدى الأطفال أو البالغين الشباب.
بالرغم من الاختلافات بين النوعين، تشير الدراسات إلى أن كلاً من الصمامات الميكانيكية والحيوية يُحقق نتائج مماثلة على المدى البعيد، بشرط اختيار النوع الأنسب لكل حالة على حدة.
طريقة إجراء عملية تغيير صمام القلب التاجي في تركيا
عند اتخاذ قرار الخضوع لعملية استبدال الصمام التاجي (Mitral Valve Replacement)، يجب على المريض الامتناع عن التدخين لعدة أسابيع قبل الجراحة، وإبلاغ الطبيب بجميع الأدوية التي يتناولها. كما يُطلب منه التوقف عن تناول الطعام والشراب بدءاً من منتصف الليلة السابقة للعملية.
التحضير قبل العملية
عند الوصول إلى المستشفى سيتم إجراء بعض الفحوصات والاختبارات الروتينية للتأكد من صحة المريض قبل العملية، وهذه الفحوصات تتضمن صورة الصدر البسيطة والإيكو وتخطيط القلب الكهربائي واختبارات الدم.
بعد تقييم الحالة، يُحدِّد الطبيب الجراح الطريقة الأنسب لإجراء العملية، إما عبر الجراحة التقليدية (القلب المفتوح)، أو عبر جراحة طفيفة التوغل.
عملية تغيير الصمام التاجي بالجراحة المفتوحة Open Surgery
تُجرى عبر شق جراحي كبير طولي في عظم القص، يُتيح للجراح الوصول المباشر إلى القلب. تُستخدم آلة المجازة القلبية الرئوية لتقوم بوظائف القلب والرئتين مؤقتًا أثناء توقف القلب.
يتم إجراء شق في الأذينة اليسرى للقلب للوصول إلى الصمام التاجي، ثم تُستأصل وريقات الصمام المتخربة قبل زراعة الصمام التاجي الجديد. بعد تثبيت الصمام في مكانه، تغلق الأذينة اليسرى ويتم إنعاش القلب ليبدأ بضخ الدم، وبعد التأكد من عمل الصمام الجديد يتم إغلاق الصدر بواسطة القطب والأسلاك.
عملية تغيير الصمام التاجي طفيفة التوغل Minimally Invasive
يتم في هذا الإجراء تبديل الصمام التاجي الذي لا يعمل بشكل جيد بصمام آخر بديل بدون الحاجة إلى إجراء عملية قلب مفتوح، ويطلق عليها طفيفة التوغل لأنها تتطلب شقوق جراحية صغيرة وتتم باستخدام أدوات متخصصة بدلاً من الشق الكبير المستخدم في العملية التقليدية.
يقوم الجراح بإجراء الجراحة طفيفة التوغل متى أمكن ذلك، لأن الجراحة طفيفة التوغل تمتلك عدة فوائد وميزات تجعلها مفضلة على الجراحة المفتوحة، من أبرزها:
- شقوق جراحية أصغر وبالتالي نتائج تجميلية أفضل
- التعافي من العملية والعودة إلى العمل بشكل أسرع
- خطورة أقل لحدوث النزف والإنتان
- فترة بقاء أقصر في المستشفى
- ألم أقل بعد العملية
تشير الدراسات إلى أن جراحة القلب المفتوح والجراحة طفيفة التوغل لهما نفس النتائج العلاجية على الصمام التاجي. هنالك العديد من الطرق لإجراء عملية استبدال الصمام التاجي طفيفة التوغل، فإما أن يقوم الجراح بإجراء العملية عبر شق جراحي واحد صغير بين الأضلاع أو عدة شقوق، أو أن يقوم بإجرائها بدون أي جرح في الصدر.
وهذه بعض الأساليب المستخدمة لإجراء عملية تغيير الصمام التاجي طفيفة التوغل:
إجراء بضع طفيف للصدر الأيمن Right Mini-Thoracotomy
يقوم الجراح في هذه التقنية بإجراء شق جراحي صغير بطول 2-3 إنش (5-7 سم) بين الأضلاع في الصدر الأيمن (تحديداً في الورب الخامس الأيمن). تُستخدم ثقوب إضافية لإدخال الأدوات الجراحية والمنظار، ويتم إدخال جهاز المجازة القلبية الرئوية عبر شق صغير في المغبن ليتمكن الجراح من إيقاف القلب وتغيير الصمام.
يُستخدم مبعد النسيج الرخو لإبعاد وتثبيت الأضلاع بحيث يستطيع الجراح إدخال الأدوات الخاصة بالعملية، ويتم إجراء العملية بمساعدة وتوجيه المنظار الذي يؤمن رؤية دقيقة ومباشرة للصمام التاجي.
باستخدام هذه التقنية يستطيع المريض الحفاظ على عظام القفص الصدري بدون أذية مما يؤمن استقرار الصدر، فضلاً عن أن هذه التقنية تسرع من الشفاء بعد العملية والندب الجراحية الناتجة عنها غير ظاهرة تقريباً.

بواسطة الروبوت Robotic-Assisted
وهي تعتبر التقنية الأقل توغلاً في الصدر، حيث يتم تغيير الصمام التاجي عبر 2-4 شقوق جراحية صغيرة بطول 1-2 سم لإدخال أذرع روبوتية يتحكم بها الجراح عبر كمبيوتر خاص في غرفة العمليات.
يتم عرض صورة ثلاثية الأبعاد للقلب والصمام التاجي على هذا الكمبيوتر مما يسمح للجراح بإجراء العملية عبر النظر في الشاشة والتحكم بالأذرع الروبوتية عن بعد. كما في التقنية السابقة يتم إدخال جهاز المجازة القلبية الرئوية عبر شق صغير في المغبن لإيقاف القلب.
عبر القسطرة TMVR
يتم في هذه التقنية إدخال أنبوب القسطرة الذي يحوي في نهايته بالون ويحمل الصمام البديل عبر أحد الأوعية الكبيرة (غالباً في المغبن) إلى القلب. عندما تصل القسطرة إلى موقع الصمام التاجي، يتم نفخ البالون لإبعاد الصمام القديم ووضع الصمام الجديد مكانه، ثم يتم تثبيت الصمام الجديد في موقعه.
بالمقارنة مع التقنيات طفيفة التوغل الأخرى نجد أن استبدال الصمام التاجي بواسطة القسطرة يعد تقنية غير جراحية يتم إجراؤها دون الحاجة إلى إيقاف القلب، كما تعد التقنيات طفيفة التوغل وخصوصاً زرع الصمام التاجي عبر القسطرة من التقنيات الواعدة في المجال الطبي والتي ستحدث ثورة في مجال تبديل الصمام التاجي كما أوضحت الدراسات.

مخاطر عملية تغيير الصمام التاجي
معظم عمليات تغيير الصمام الميترالي مكللة بالنجاح إلّا أنّ هنالك دوماً مخاطر ومضاعفات من إجراء أي عملية جراحية، وتعتمد خطورة الإجراء الجراحي بشكل عام على الصحة العامة للمريض وعمره وبعض العوامل الأخرى.
بعض المخاطر المحتملة لعملية استبدال صمام القلب التاجي:
- تشكل جلطات دموية قد تؤدي إلى أزمة قلبية أو نشبة دماغية
- مضاعفات ناتجة عن التخدير
- عدم انتظام ضربات القلب
- النزف والإنتان أو الوفاة
إن حدوث الوفاة خلال عملية تغيير الصمام التاجي غير شائع، وقد أثبتت الدراسات أن نسبة الوفاة تقدر بحوالي 6% عند جميع المرضى الذين أجروا عملية تغيير الصمام التاجي بغض النظر عن عوامل الخطورة.
عوامل الخطر التي قد تزيد من احتمالية حدوث المضاعفات تشمل:
- الأمراض المزمنة
- المشاكل القلبية الأخرى
- المشاكل الرئوية
- التقدم بالعمر والسمنة
- التدخين والإنتانات
الشفاء بعد عملية تغيير الصمام التاجي
بعد إجراء العملية مباشرة يتم نقل المريض إلى وحدة العناية المشددة لكي تتم مراقبته والتأكد من عدم حدوث اختلاطات، ويبقى فيها يوماً واحداً أو يومين، ثم يُنقل إلى غرفة عادية في المستشفى لمدة أسبوع تقريباً ريثما يستطيع النهوض من سريره.
قد يشعر المريض بالتعب والألم في الأسابيع الأولى بعد العملية وغالباً ما تتحسن هذه الأعراض خلال 4-6 أسابيع، إلا أن معظم المرضى بعد العملية سيلاحظون تحسن مباشر للأعراض التي كانت لديهم قبل إجراء العملية، وسوف يتمكن المريض من القيام بالعديد من النشاطات اليومية بعد 4-6 أسابيع من العملية، لكن قبل هذه الفترة يجب عليه عدم حمل الأشياء الثقيلة وعدم القيام بأي نشاط مجهد للصدر أو لعضلات الطرف العلوي.
سيحتاج المريض الذي استبدل صمامه التاجي بصمام صنعي إلى تناول الأدوية المميعة للدم (مثل الوارفارين) طيلة حياته لمنع تشكل الجلطات الدموية. من الضروري أيضاً أن يتناول المريض طعاماً صحياً متوازناً وأن يقوم بالتمارين التي تساعده على الشفاء بشكل منتظم وأن يتوقف عن التدخين في حال كان مدخناً، وتجدر الإشارة إلى أن وقت الشفاء يتنوع من مريض لآخر تبعاً لحالته الصحية قبل إجراء العملية والتزامه بتعليمات الطبيب ونوع العملية المجراة.
في الختام، تُعد عملية تغيير الصمام التاجي في تركيا خيارًا آمنًا وفعالًا للمرضى الذين يعانون من أمراض الصمام التاجي، بفضل الجمع بين الخبرة الطبية المتقدمة والتقنيات الجراحية الحديثة مثل الجراحة الروبوتية والجراحة طفيفة التوغل. تقدم المستشفيات التركية خدمات رعاية عالية الجودة بأسعار منافسة، مما يجعلها وجهة مفضلة للمرضى من مختلف أنحاء العالم. مع المتابعة الدقيقة وبرامج التأهيل القلبي، يمكن للمريض استعادة نمط حياته الطبيعي بعد الجراحة والتمتع بنتائج ممتازة على المدى الطويل.
المصادر:
- MedlinePlus. (n.d.). Mitral valve replacement – discharge.
- Penn Medicine. (n.d.). Transcatheter mitral valve replacement (TMVR).