السرطانات النسائية هي سرطانات تصيب الجهاز التناسلي الأنثوي، وتشكل خطراً حقيقياً على صحة المرأة وتختلف أعراضها وأسبابها، لكنها جميعًا تزداد شيوعًا مع التقدم في العمر، ويعد الكشف المبكر والفحص الدوري والتوعية، عوامل أساسية في الوقاية والعلاج، مما يجعل الوعي بهذه السرطانات خطوة ضرورية لحياة صحية وآمنة.
ما هي السرطانات النسائية؟
السرطانات النسائية هي أنواع من السرطان تنشأ في الجهاز التناسلي الأنثوي، وتشمل أي نمو غير طبيعي للخلايا في الأعضاء التناسلية الداخلية للمرأة، ما يميز هذه السرطانات عن غيرها هو ارتباطها المباشر بالوظائف الإنجابية والهرمونية، وتأثرها بعوامل مثل الحمل والدورة الشهرية بالإضافة إلى الهرمونات الأنثوية، وتُصنف السرطانات النسائية ضمن فئة خاصة نظراً لتفرّدها من حيث الأسباب البيولوجية، وخصوصية الأعراض، وطبيعة التشخيص والعلاج كما أن لها تبعات جسدية ونفسية واجتماعية تمس جوانب حساسة في حياة المرأة، مما يجعل التعامل معها يتطلب فهماً دقيقاً ومراعاة شاملة لجوانب الصحة الجسدية والإنجابية والنفسية.
أنواع السرطانات النسائية الأكثر شيوعاً
تختلف أنواع السرطانات النسائية ونذكر منها:
- سرطان الرحم: ينشأ في أنسجة الرحم، ويشمل أكثر من نوع حسب موضع بدء الخلايا السرطانية، وأشيع هذه السرطانات هو سرطان بطانة الرحم الذي يبدأ في الطبقة الداخلية المبطنة للرحم، وهناك أنواع أخرى أقل شيوعاً تُعرف باسم الساركوما الرحمية، وتنشأ في عضلات الرحم أو نسيجه الضام، وأبرزها السرطان العضلي الرحمي (Leiomyosarcoma) الذي يُعد من أكثر أنواع الساركومات الرحمية انتشاراً، والأكثر عدوانية والأصعب في التشخيص والعلاج.
- سرطان المبيض: ثاني أكثر السرطانات النسائية شيوعاً، وتشخص قرابة 20,000 حالة سنوياً في الولايات المتحدة، يتطور عندما تنمو خلايا غير طبيعية في المبيض أو على سطحه.
- سرطان عنق الرحم: يحدث بسبب تغيرات في خلايا عنق الرحم، ويرتبط في أكثر من 99% من الحالات بعدوى فيروس الورم الحليمي البشري (HPV).
- سرطان الفرج: سرطان نادر يصيب الأعضاء التناسلية الخارجية للمرأة، مثل الشفرين والبظر.
- سرطان المهبل: من أندر السرطانات النسائية، يبدأ في الأنسجة الداخلية للمهبل، ويُعد أكثر شيوعاً بين النساء المتقدمات في السن.

أسباب السرطانات النسائية وعوامل الخطر
لا تزال الأسباب الدقيقة لمعظم السرطانات النسائية غير معروفة بشكل كامل، إلا أن عدداً من العوامل قد تزيد من خطر الإصابة بها، وأبرز هذه العوامل:
- العدوى بفيروس الورم الحليمي البشري (HPV): وهو عامل رئيسي في الإصابة بسرطان عنق الرحم، ويرتبط أيضاً ببعض سرطانات المهبل والفرج.
- العوامل الوراثية والتاريخ العائلي: وجود حالات إصابة سابقة بسرطان المبيض أو الرحم في العائلة، خاصة لدى الأقارب من الدرجة الأولى قد يزيد من احتمالية الإصابة.
- الاضطرابات الهرمونية: فرط التعرض لهرمون الإستروجين، سواء كان ناتجاً عن أسباب طبيعية أو عن طريق العلاج الهرموني بعد انقطاع الطمث، يرتبط بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرحم.
- السمنة: ترتبط بزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان النسائي، خاصةً سرطان بطانة الرحم، نتيجة تأثيرها على مستويات الهرمونات في الجسم.
- العمر ونمط الحياة: التقدم في السن والتدخين وضعف المناعة والإصابة ببعض الأمراض المزمنة كداء السكري، والبدء المبكر للحيض أو تأخر سن اليأس، كلها عوامل ترفع من خطر الإصابة، كما يُضاف إلى ذلك التعرض السابق للإشعاع، وتناول حبوب منع الحمل أو أدوية الخصوبة والنظام الغذائي الغني بالدهون.
ما هي أعراض السرطانات النسائية
تختلف أعراض السرطانات النسائية حسب نوع السرطان ومرحلته، وبعضها قد يكون خفياً أو مشابهاً لحالات غير سرطانية، مما يؤخر التشخيص، ومن المهم الانتباه إلى العلامات المبكرة واستشارة الطبيب عند ملاحظة أي تغيّر غير معتاد.
أعراض سرطان عنق الرحم
عادة لا تظهر أعراض في المراحل المبكرة، لكن مع تطوّر المرض قد يظهر نزيف مهبلي غير طبيعي (بين الدورات أو بعد الجماع أو بعد انقطاع الطمث)، وألم متكررأو غير مفسر في الحوض أو الظهر، وألم أثناء الجماع أو إفرازات مهبلية غير طبيعية في الكمية أو الرائحة.
أعراض سرطان المبيض
يصعب اكتشافه مبكراً لعدم وضوح الأعراض، وتشمل الأعراض: الشعور بالانتفاخ والامتلاء السريع عند الأكل، تغيّرات في التبول أو التبرز (مثل الحاجة المتكررة للتبول أو الشعور الملحّ والمفاجئ بالحاجة للتبول، أو الإصابة بالإمساك)، ونزيف مهبلي أو إفرازات غير معتادة بعد انقطاع الطمث، وألم في الحوض أو البطن بالإضافة إلى تعب غير مبرر، ونقص في الوزن غير مفسر.
أعراض سرطان الرحم
النزيف المهبلي غير الطبيعي هو العلامة الأكثر شيوعاً، خاصة لدى النساء بعد انقطاع الطمث وقد يشمل ذلك نزيفاً خفيفاً أو غزيراً أو تكرار النزيف بين الدورات الشهرية، وقد تظهر أيضاً إفرازات مهبلية غير معتادة أو ألم في منطقة الحوض.
أعراض قد تهملها النساء
التعب المستمر، واضطرابات في الهضم أو الشهية والانتفاخ، وآلام الظهر أو الحوض، غالباً ما تُفسر هذه الأعراض على أنها عادية أو مؤقتة، مما يؤدي إلى التأخر في التشخيص والعلاج.
تشخيص السرطانات النسائية
تشخيص السرطانات النسائية يبدأ بأخذ التاريخ الطبي وإجراء الفحص الحوضي، يُستخدم اختبار باب (Pap test) للكشف المبكر عن خلايا غير طبيعية في عنق الرحم، وفي حال الاشتباه تُجرى فحوصات إضافية مثل التصوير بالموجات فوق الصوتية، والرنين المغناطيسي (MRI)، أو الأشعة المقطعية (CT) لتحديد موقع الورم وانتشاره.
تُعد الخزعة الأداة الحاسمة للتشخيص، حيث يتم أخذ عينة من النسيج المشبوه وفحصها مخبرياً. كما قد تُستخدم تحاليل الدم لقياس واسمات ورمية مثل CA-125 في حالات سرطان المبيض.
علاج السرطانات النسائية
يختلف علاج السرطانات النسائية بحسب نوع السرطان ومرحلته، غالباً ما تشمل الخطة العلاجية مزيجاً من الجراحة، والعلاج الكيماوي أو الإشعاعي، حيث تُستخدم الجراحة لإزالة الورم أو الأعضاء المصابة، بينما يُعتمد على الكيماوي لقتل الخلايا السرطانية، أما العلاج الإشعاعي فيُستخدم لتدمير الخلايا السرطانية في المناطق المصابة دون التأثير الكبير على الأنسجة السليمة المحيطة.
في بعض الحالات يتم اللجوء إلى العلاج الهرموني، خاصة في سرطانات تعتمد على الهرمونات، أو إلى العلاج المناعي والموجّه الذي يستهدف خلايا الورم بدقة أعلى، وتُحدّد الخطة العلاجية بالتعاون بين الطبيب والمريضة، مع مراعاة الحالة الصحية والرغبة في الحفاظ على الخصوبة عند النساء الأصغر سناً.
الوقاية من السرطانات النسائية
تُعدّ الوقاية خطوة أساسية في تقليل خطر الإصابة بالسرطانات النسائية، خاصة في ظل محدودية وسائل الكشف المبكر لبعضها، ومن أبرز وسائل الوقاية:
- لقاح HPV: يساعد لقاح فيروس الورم الحليمي البشري على الوقاية من سرطانات عنق الرحم، والمهبل والفرج، ويُنصح بإعطائه للإناث والذكور من عمر 9 إلى 26 عاماً، ويمكن إعطاؤه حتى سن 45 في بعض الحالات، ويعمل اللقاح بفعالية أكبر قبل التعرض للفيروس.
- الفحص الدوري: يعد اختبار باب (Pap test) واختبار فيروس HPV من الأدوات الفعّالة لاكتشاف التغيرات المبكرة في عنق الرحم، حيث يُوصى بالبدء بالفحص من عمر 21 وتكراره كل 3 إلى 5 سنوات حسب العمر والحالة الصحية.
- مراقبة التاريخ العائلي والفحص الجيني: يُنصح بمراجعة التاريخ العائلي مع الطبيب، خاصة في حال وجود حالات سابقة من سرطان المبيض أو الثدي أو القولون، وقد يُوصى بإجراء فحص جيني لبعض النساء لتحديد القابلية الوراثية للإصابة.
- نمط الحياة الصحي وتنظيم الهرمونات: ممارسة النشاط البدني بانتظام وتجنب التدخين والحفاظ على وزن صحي تُسهم في تقليل خطر الإصابة، خاصة بسرطان بطانة الرحم المرتبط بالسمنة واضطراب الهرمونات، كما أن تنظيم التوازن الهرموني، خصوصاً في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث أو أثناء استخدام العلاج الهرموني، يُعد عاملاً مهماً في الوقاية من بعض السرطانات النسائية.
دعم المرأة خلال رحلة السرطان
الدعم النفسي والاجتماعي عنصر أساسي في رحلة العلاج، تحتاج المريضة إلى من يُصغي إليها دون أحكام، ويشاركها اللحظات العادية وليس الحديث عن المرض فقط، الاستقرار الغذائي والنفسي يساعد في تحمل العلاج ويُحسّن من جودة الحياة، بالإضافة إلى أن التواصل المستمر مع الفريق الطبي وتفهم احتياجاتها المتغيّرة يصنع فارقاً كبيراً، وقد أظهرت الأبحاث أن النساء اللواتي يتلقين دعماً نفسياً منتظماً يشعرن بجودة حياة أعلى ويكملن علاجهن بنجاح أكبر.
في الختام، تشكل السرطانات النسائية تحدياً صحياً يمكن التخفيف من آثاره بالوعي والكشف المبكر واتباع نمط حياة متوازن، كما أنه كلما كان التشخيص مبكراً، ازدادت فعالية العلاج وتحسنت فرص الشفاء.
المصادر:
- Centers for Disease Control and Prevention. (n.d.). Gynecologic cancers. U.S. Department of Health and Human Services.
- Tran, C., Diaz-Ayllon, H., Abulez, D., Chinta, S., Williams-Brown, M. Y., & Desravines, N. (2025). Gynecologic cancer screening and prevention: State of the science and practice. Current Treatment Options in Oncology.