مع التطور الكبير الذي يشهده العالم في مجال الذكاء الصنعي كان لا بد للطب من الاستفادة منه، حيث تمكن الباحثون من توظيف الذكاء الصنعي في تشخيص الأمراض النفسية.
يرتبط الطب النفسي بشكل كبير مع المهارات اللغوية والإدراكية للمريض، فالطرق التقليدية المستخدمة في الوقت الحالي لتشخيص الأمراض النفسية تعتمد بشكل رئيسي على تكلم الطبيب مع مريضه ضمن العيادة مع طرح مجموعة أسئلة وتقييم استجابة المريض وردود فعله، إذ تعتبر الفحوصات الشعاعية والدموية ذات دور محدود للغاية في تشخيص الأمراض النفسية ولا تستخدم عادة إلا عند الحاجة لنفي وجود أسباب عضوية أخرى غير نفسية المنشأ.
كشف الباحثون في جامعة لندن عن مجموعة أدوات ذكية تعمل على تحليل إجابات المريض باستخدام خوارزميات الذكاء الصنعي، حيث تساعد هذه الأدوات في تشخيص العديد من الأمراض النفسية كانفصام الشخصية وغيرها من الاضطرابات النفسية الأخرى وذلك عن طريق تسجيل المحادثة بين الطبيب والمريض مع تحليل كلام المريض وإجاباته بشكل مفصل باستخدام هذه الأدوات.
قام الباحثون بإجراء دراسة تضمنت طرح اسئلة على 52 شخص من بينهم 26 مريض مصاب بانفصام الشخصية، فمثلاً تم الطلب من مجموعة الدراسة ذكر أسماء مختلفة من الحيوانات التي تبدأ بحرف p خلال مدة خمس دقائق، وبعد انتهاء مدة الاختبار تم القيام بتحليل الإجابات حيث وجد الباحثون بأن مجموعة الأشخاص الأصحاء كانت إجاباتهم أكثر قابلية للتوقع من قبل أدوات الذكاء الصنعي بينما كانت إجابات مرضى انفصام الشخصية غير متوقعة، وكلما كانت أعراض انفصام الشخصية أشد كلما كانت المقدرة على التنبؤ أقل وخاصة عند أولئك الذين يعانون من أعراض شديدة لانفصام الشخصية.
تقترح الدراسة بأن الاختلاف في قابلية التنبؤ Predictability بين مرضى انفصام الشخصية والأشخاص الأصحاء قد تعود لما يعرف بالخرائط المعرفية Cognitive maps والتي تعني المقدرة على الربط بين الذاكرة والأفكار مع المقدرة على استرجاع المعلومات، وقد تم إثبات ذلك من خلال إجراء فحوصات شعاعية للدماغ تكشف عن وجود اختلاف في النشاط الدماغي في المناطق المسؤولة عن الخرائط المعرفية عند مرضى انفصام الشخصية.
وختاماً فإن فوائد الذكاء الصنعي بالمجال الطبي لن تقتصر على تشخيص الأمراض النفسية فحسب بل ستمتد مستقبلاً لتشمل معظم الاختصاصات الطبية.
مصدر الدراسة: University College London في (9/10/2023)