أثبتت الدراسات ارتباط سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة وهو النوع الأكثر خطورة بالتدخين، فهل يعني الارتباط بين سرطان الرئة والتدخين ضرورة إصابة جميع المدخنين؟
تسببت العلاقة الوثيقة بين سرطان الرئة والتدخين lung cancer and smoking في تزايد معدلات الإصابة بالمرض بصورة مذهلة، نتيجة زيادة عدد الأشخاص المدخنين، لا تؤثر المواد الكيميائية الضارة في دخان السجائر على الرئتين فقط، ولكنها قد تسبب على الأقل 15 نوعاً مختلفاً من السرطان.
العلاقة بين سرطان الرئة والتدخين
لا يمكن عادةً تحديد أسباب سرطان الرئة بشكل دقيق، ولكن يأتي التدخين على رأس العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالمرض. ترتبط حوالي 90% من الحالات المصابة بسرطان الرئة بالتدخين، ويتسبب التبغ في وفاة 22% من مرضى السرطان. يحتوي دخان التبغ على ما يقرب من 7000 نوع من المواد الكيميائية، بما في ذلك 70 نوعاً معروفاً من المواد المسببة للسرطان؛ لذلك يعد التدخين أهم أسباب سرطان الرئة التي يمكن الوقاية منها.
سرطان الرئة والتدخين، على الرغم من العلاقة الوثيقة بينهما إلا أن ذلك لا يُحتم بالضرورة إصابة جميع المدخنين بالمرض. بوجه عام، يعد المدخنين أكثر عرضة للإصابة بالمرض بمعدل 15 – 30 مرة مقارنة مع غير المدخنين.
إضافة إلى ذلك، تتأثر احتمالية إصابة المدخنين بالمرض بعدة عوامل، أهمها عدد السجائر التي يستهلكها المدخن يومياً ومدة الاستمرار؛ لذلك لا يوجد حد آمن للتدخين ولكن ينبغي الامتناع تماماً عن تلك العادة في أسرع وقت ممكن. كلما توقفت عن التدخين مبكراً، تضاءل خطر إصابتك بسرطان الرئة.
كيف يسبب التدخين سرطان الرئة؟
عند استنشاق التبغ تدخل الآلاف من المواد الكيميائية الضارة إلى الرئتين، وتؤثر على الحمض النووي DNA الموجود في جميع خلايا الجسم وتتداخل مع طريقة عمله. يمكن أن يسبب التدخين ضرراً في جميع أنحاء الجسم، ولكن يبدأ الضرر غالباً من الرئتين، حيث تهاجم هذه المواد أولاً الخلايا المبطنة للرئتين والممرات الهوائية وتسبب تلف أجزاء الحمض النووي المسؤولة عن حماية الجسم من السرطان مما يؤدي إلى تشوهات الخلايا.
في الوقت نفسه، يحاول الجسم إصلاح الضرر الذي تسببه المواد الكيميائية المستنشقة، ولكن بمرور الوقت يتزايد التلف إلى درجة لا يمكن للجسم إصلاحها، مما يؤدي إلى تكون الخلايا السرطانية.
بالإضافة إلى ذلك، تمتد أضرار استنشاق التبغ أيضا وتسبب تلف الحويصلات الهوائية؛ وهي الأكياس الهوائية الصغيرة الموجودة في الرئتين والمسؤولة عن تبادل الغازات. تنقل الحويصلات الهوائية الأكسجين إلى الدم وتطرد ثاني أكسيد الكربون إلى خارج الجسم في أثناء الزفير. تشمل مضاعفات تلف الحويصلات الهوائية الانسداد الرئوي المزمن.
أنواع سرطان الرئة الشائعة لدى المدخنين
ينقسم سرطان الرئة إلى نوعين أساسين، وهما:
- سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة – SCLC
- سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة – NSCLC
تعاني 80 – 85% من الحالات المصابة بسرطان الرئة من NSCLC وفقاً للدراسات، بينما يعد سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة هو النوع الأكثر خطورة. يزيد التدخين من خطر الإصابة بكلا النوعين، ومع ذلك 95% من الحالات المصابة بسرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة كان لديهم تاريخ مع التدخين.
يمكن أن ينقسم أيضاً سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة إلى عدة أنواع فرعية اعتماداً على مكان بداية نمو الورم، وأهم هذه الأنواع:
- الورم الغدي: يبدأ نمو هذا الورم في الخلايا المخاطية المبطنة للرئتين، وهو النوع الأكثر شيوعاً لدى غير المدخنين، ولكنه لا يزال أكثر انتشاراً في المدخنين عن غير المدخنين.
- سرطان الخلايا الحرشفية: يؤثر الورم في البداية على الخلايا المبطنة للممرات الهوائية، وهو أقل شيوعاً من السرطان الغدي لكنه أكثر ارتباطاً بالمدخنين.
سرطان الرئة والتدخين السلبي
لا تقتصر العلاقة بين سرطان الرئة والتدخين على المدخن فقط، ولكن تعرض غير المدخنين وخصوصاً الأطفال إلى دخان التبغ أو ما يعرف باسم التدخين السلبي يسبب استنشاق العديد من المواد الضارة والسموم المسببة للسرطان.
يمكن أن يتعرض المدخن السلبي لنفس المخاطر التي تصيب المدخن الفعلي؛ لذلك يزيد التدخين السلبي من خطر الإصابة بعدة أنواع من السرطان، أهمها سرطان الرئة. كما هو الحال مع التدخين الفعلي، كلما زادت مدة تعرض الشخص إلى التدخين السلبي، ارتفع خطر الإصابة بسرطان الرئة.
السجائر الإلكترونية والسرطان
السجائر الإلكترونية هي أجهزة تعمل باستخدام البطاريات لمحاكاة عملية التدخين، فهي تشابه في الاستخدام بعض العادات السلوكية للتدخين، مثل حركة اليدين والفم لكن دون حرق التبغ. توفر السجائر الإلكترونية النيكوتين وبعض المنكهات في صورة بخار أو رذاذ بدلاً من الدخان.
على الرغم من عدم وجود أبحاث كافية حول هذا النوع من السجائر وحول مدى ارتباطها بتطور سرطان الرئة، إلا أنه وفقاً للجمعية الأمريكية للسرطان، فإنها تسبب دخول بعض المواد المسببة للسرطان إلى داخل الجسم، ولكن بكميات أقل من السجائر التقليدية.
عندما يتعرض السائل الموجود في السجائر الإلكترونية إلى حرارة زائدة، فإنه ينتج الفورمالديهايد Formaldehyde وهي مادة كيميائية مسببة للسرطان. لا تزال الدراسات قائمة حول المخاطر الصحية الأخرى المرتبطة باستخدام تلك السجائر، ولا يُنصح ابداً غير المدخنين باستخدامها.
تحتوي بعض النكهات على مركب كيميائي يسمى ثنائي الاستيل Diacetyl الذي قد يزيد من خطر الإصابة بالتهاب القصيبات الساد BO وهي أحد مشكلات الرئة الخطيرة.
قد تنقل بعض السجائر الإلكترونية المعادن الثقيلة، مثل: الرصاص والقصدير، كما تحتوي معظم تلك السجائر على النيكوتين الذي يعيق التطورات العقلية لدى المراهقين وقد يسبب أيضاً الإدمان. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت لدى مدخني السجائر الإلكترونية مجموعة من المشكلات المزمنة، أهمها:
- القيء والغثيان
- السعال وألم الصدر
- فقدان الوزن غير المبرر
- ضيق التنفس
- الإرهاق والحمى
أعراض سرطان الرئة لدى المدخنين
بعد معرفة الارتباط الوثيق بين سرطان الرئة والتدخين وأيضاً سرطان الرئة والتدخين السلبي، ينبغي معرفة أعراض الإصابة، لأن التشخيص المبكر للمرض من أهم عوامل نجاح العلاج. تتشابه أعراض سرطان الرئة لدى المدخنين وغير المدخنين، وتتضمن:
- السعال المزمن أو المصحوب بخروج دم أو بلغم بلون الصدأ
- ألم بالصدر يتفاقم مع التنفس العميق أو السعال أو الضحك
- بحة الصوت
- فقدان الشهية والوزن
- الشعور بالتعب والإرهاق
- ضيق التنفس
ينبغي أن تتذكر أنه مهما بلغ عمرك، لم يفت الأوان بعد. يُحسِّن التوقف عن التدخين في أي وقت من الصحة العامة ويمنع حدوث مزيد من الضرر. بخلاف الارتباط بين سرطان الرئة والتدخين، يمكن أن يسبب التدخين العديد من الأمراض الأخرى التي قد تودي بحياة المدخن.
انظر إلى تأثير التدخين على صحة الفم والأسنان.
المصادر:
- NIH
- The Lancet
- healthline
- Cancer Research UK
- Centers for Disease Control and Prevention