يُعد التهاب العصب الوركي من أكثر أسباب آلام أسفل الظهر والساق شيوعاً، إذ يصيب ما يقارب 40% من الأشخاص في مرحلة ما من حياتهم، ويتسبب المرض بألم ممتد على طول مسار العصب من أسفل الظهر حتى القدم، وقد يعيق الأنشطة اليومية للمصاب، وتشير الدراسات إلى أن نسب الإصابة تزداد مع التقدم في العمر وأن الرجال أكثر عرضة من النساء. الكشف المبكر وخيارات العلاج المتاحة تساعد في تحسين نوعية الحياة وتقليل المعاناة.
ما هو التهاب العصب الوركي؟
إن التهاب العصب الوركي (عرق النسا) هو حالة تنتج عن ضغط أو تهيج العصب الأطول في الجسم، والذي يمتد من أسفل الظهر مروراً بالأرداف ووصولاً إلى الساقين، حيث يسبب هذا الالتهاب ألماً يمتد على طول مسار العصب وقد يترافق مع تنميل أو ضعف في العضلات، وغالباً ما يظهر الألم في جهة واحدة من الجسم ويزداد مع الحركة أو الجلوس لفترات طويلة، ويُعتبر من أكثر أسباب آلام أسفل الظهر والساق شيوعاً لدى البالغين.
يمكن أن يحدث التهاب العصب الوركي في كافة الأعمار وعند الجنسين، ولكن يوجد بعض العوامل التي تساهم في حدوثه تسمى عوامل خطورة حدوث التهاب العصب الوركي، وتشمل ما يلي:
- العمر: يزداد خطر حدوث التهاب عصب وركي مع التقدم بالعمر بسبب زيادة الأمراض التنكسية مع التقدم بالعمر مما يؤدي إلى الضغط على العصب
- نمط الحياة الخامل: يمكن أن يساهم عدم ممارسة التمارين الرياضية والجلوس لفترات طويلة في ضعف العضلات مما يزيد الضغط على العمود الفقري
- الحمل: أثناء الحمل قد تسبب التغيرات الهرمونية وزيادة الوزن ضغطاً على العمود الفقري
- البدانة: يمكن للوزن الزائد أن يضع ضغطاً إضافياً على العمود الفقري
الوضعيات التي تفاقم من أعراض التهاب العصب الوركي
قد يشعر المريض بأعراض التهاب العصب الوركي بشكل أكثر في وضعيات معينة، وقد يساعد معرفة هذه الوضعيات على تجنبها أو التأني أثناء محاولة أخذها ومنها:
- تزداد آلام التهاب العصب الوركي غالبا عند محاولة الوقوف أو الجلوس بوضعية غير طبيعية أو الوقوف لفترات طويلة (خاصة عند من يتطلب عملهم الوقوف لساعات طويلة) بالإضافة إلى أنه قد تزداد الأعراض أو تخف أثناء الاضطجاع مما يسبب عسرة نوم.
- قد يكون لحبس الهواء أو الضغط بقوة (أثناء التغوط مثلا) أثر في تفاقم الأعراض.
- قد يكون التفاقم في الاعراض ناجم عن السعال والعطاس.
ويمكن للاضطجاع مع رفع الركبتين قليلا وثنيهما أن يساعد في التخفيف من اعراض عرق النسا.

ما هي أسباب التهاب العصب الوركي؟
إن أسباب التهاب العصب الوركي عديدة، وأي أمر يؤدي إلى انضغاط العصب الوركي يمكن أن يكون مسببا لحالة عرق النسا (التهاب أو تهيج العصب الوركي).
إن أشيع مسبب لهذه الحالة هو الانزلاق الغضروفي أو ما يعرف عند العامة بالديسك (فتق أو انتفاخ القرص بين الفقرات في المنطقة القطنية)، حيث أن القرص المنفتق يضغط على جذور العصب الوركي مما يسبب الأعراض المشاهدة.
كما يعتبر تضيق القناة الشوكية من أهم اسباب هذه الحالة وخاصة عند كبار السن، بالإضافة لاِلتهاب المفاصل الروماتويدي
ومن المتلازمات الأخرى التي تسبب عرق النسا:
- تنكس القرص الفقري وترققه
- متلازمة ذيل الفرس Cauda equina
- انزلاق الفقرات Spondylolisthesis
- ورم أو نزف ضاغط على العصب الوركي
- بعض التشكلات العظمية أو النتوءات الشاذة
- تشنج عضلات المنطقة القطنية أو التهاب العضلات في الحوض (كمتلازمة العضلة الكمثرية المسماة عرق النسا الكاذب)
أعراض التهاب العصب الوركي
يمكن أن يتظاهر عرق النسا بالعديد من الأعراض تتضمن:
- الألم: وهو العرض الأكثر شيوعاً لالتهاب العصب الوركي، يبدأ غالباً أسفل الظهر ثم ينتشر إلى أسفل الجزء الخلفي من الفخذ والساق وأحياناً إلى القدم، ويمكن أن تتراوح شدته من ألم خفيف إلى شديد، ويوصف الألم بأنه حارق أو يشبه ألم الصعقة الكهربائية.
- الخدر والنمل: قد لا يشعر المريض بأي أحاسيس في أسفل الظهر والساق لعدم وصول الإشارات الحسية إلى الدماغ بسبب التهاب العصب الوركي.
- ضعف العضلات: يحدث ضعف في العضلات التي يعصبها العصب الوركي مما يؤدي إلى صعوبة التحكم في الساق المصابة وهذا يؤثر على أنشطة المريض مثل المشي وصعود الدرج.
- صعوبة الجلوس أو الوقوف: غالباً ما يعاني مرضى التهاب العصب الوركي من صعوبة الجلوس أو الوقوف، لكن بالمقابل يمكن لتغيير الوضعية أن يوفر راحة مؤقتة للمريض.
- تفاقم الأعراض مع أنشطة معينة: يمكن لبعض الأنشطة أن تسبب تفاقم الأعراض مثل الإنحناء والعطاس والسعال؛ لأن هذه الأنشطة قد تسبب ضغطاً إضافياً على العصب.
- سلس البول أو البراز: وهو خروج لا إرادي للبول أو البراز بسبب ضعف التحكم في المثانة والأمعاء نتيجة إصابة العصب.

تمييز وتقييم التهاب العصب الوركي
هنالك الكثير من الحالات التي قد تختلط على المريض (وحتى على الطبيب أيضاً) ويظنها أعراض التهاب العصب الوركي، ويجب مراجعة الطبيب بأقرب وقت وعدم الاعتماد على العلاجات المنزلية أو الوصفات الشعبية لعلاج مثل هذه الحالات، حيث أن بعض الحالات التي تشترك بالأعراض مع عرق النسا قد تكون خطيرة وتستدعي العلاج الإسعافي.
من الأمراض التي يمكن أن تتظاهر بأعراض تشبه أعراض التهاب العصب الوركي:
- الإقفار الحاد أو انقطاع التروية عن الأطراف: حالة إسعافية تتطلب تدخل سريع من الطبيب وإلا سيخسر المريض طرفه المصاب.
- متلازمة الحجرات الحادة: متلازمة الحيز أو المقصورة.
- خلل في المفصل العجزي الحرقفي.
- داء بوت: سل في عظام الجسم.
إن القصة السريرية هي من أهم الخطوات في تشخيص التهاب العصب الوركي sciatic nerve (عرق النسا)، حيث أن الألم أسفل الظهر (ألم أسفل المؤخرة) وأعراض التنميل والصليل والضعف في الأطراف السّفلية توجه الطبيب للقيام باستقصاءات أكثر للتحري عن سبب هذا الألم.
يشكل تحديد مصدر ألم أسفل الظهر (ألم عرق النسا الوركي) وسببه تحديا كبيرا للأطباء، حيث أن التصوير الشعاعي بأنواعه قد لا يحدد سبب الالتهاب الوركي بدقة، وإن التصوير المقطعي المحوسب CT والتصوير بالرنين المغناطيسي من أهم طرق التشخيص في هذه الحالة، كما يمكن أن يفيد التخطيط الكهربائي للعضلات في أخذ فكرة عن سبب هذه الحالة.
تشخيص التهاب العصب الوركي
يبدأ التشخيص عادة من خلال إجراء فحص بدني شامل ومراجعة التاريخ الطبي للمريض، حيث قد يقوم الطبيب بإجراء اختبار بدني لتحديد موقع وسبب تهيج العصب، على سبيل المثال اختبار رفع الساق المستقيمة (رفع الساق والركبة بشكل مستقيم لإثارة أعراض العصب الوركي).
يمكن أيضاً طلب اختبارات إضافية للمساعدة في تأكيد التشخيص وتحديد السبب الكامن وراء التهاب العصب الوركي، تشمل هذه الاختبارات ما يلي:
- الصورة البسيطة (X-RAY): قد تساعد في استبعاد الأسباب الأخرى لآلام الظهر مثل كسر العمود الفقري والتشوهات الهيكيلة.
- التصوير المقطعي المحوسب (CT-Scan): يعطي أيضاً صور مفصلة للعمود الفقري خاصة في حالات عدم القدرة على إجراء التصوير بالرنين المغناطيسي.
- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يعطي صورة مفصلة عن العمود الفقري والبنى المحيطة ويشخص بعض الأمراض مثل القرص المنفتق أو تضيق العمود الفقري.
- تخطيط العضلات الكهربائي (EMG) ودراسات توصيل العصب (NSC): يمكن لهذه الاختبارات أن تقيّم النشاط الكهربائي ووظيفة العضلات والأعصاب، وتحديد وجود تلف في الأعصاب أو الضغط عليها.
علاج التهاب العصب الوركي في تركيا
إن علاج عرق النسا (التهاب العصب الوركي sciatic nerve) يعتمد على سبب حدوث هذه الحالة في جسم الإنسان، فقد يُكتفى بالعلاج المنزلي والتمارين الرياضية وتغيير نمط الحياة في بعض الحالات، وقد يلجأ الطبيب إلى الجراحة في حالات معينة.
علاج العصب الوركي في المنزل
يتضمن العلاج المحافظ لالتهاب العصب الوِركي sciatica (عرق النسا) العديد من الطرق العلاجية، ويجب على المريض اتباع تعليمات الطبيب بشكل كامل لضمان الفائدة القصوى وعدم اللجوء إلى العلاج الجراحي.
يشمل العلاج المحافظ العلاج بالأدوية، العلاج الفيزيائي، تقويم العمود الفقري أسفل الظهر، وحقن الأدوية في المَنطقة العجزية (أسفل الظهر) وأخيرا علاج التهاب العصب الوركي بالاعشاب وبعض التعديلات على نمط الحياة.
أدوية لعلاج التهاب العصب الوركي
يمكن للطبيب وصف بعض الأدوية لمريض عرق النسا، لكنها تبقى أدوية مسكنة وليست حل نهائي لهذه المشكلة، ومن هذه الأدوية:
- مضادات الاختلاج
- الستيروئيدات الفموية
- بعض المرخيات العضلية
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات
- مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية NSAIDs
- المسكنات الأفيونية أو غير الأفيونية في حالات نادرة
تمارين لعلاج التهاب العصب الوركي
قد تفيد التمارين الرياضية والعلاج الفيزيائي وحتى التدليك (المساج) في التخفيف أو حتى في التخلص من عرق النسا sciatica نهائياً في بعض الحالات، ولذلك بنصح بتجربتها قبل اللجوء إلى الخيار الجراحي.

حقن الستيروئيدات موضعيا
في حال لم يستفيد المريض على علاجه السابق يمكن اللجوء لحقن الأدوية العلاجي بالحوض أو بالورك وحتى الحقن فوق الجافية، وقد يستهدف جذور عصبية معينة في الحقن الدوائي للستيروئيدات وهي طريقة أكثر تعقيدا لكنها أكثر دقة، وعادة تكفي جرعة وحيدة للتخفيف من الأعراض لكن يمكن إعطاء حتى 3 جرعات سنوياً.
تقويم العمود الفقري أسفل الظهر
ويتم في عيادة مقوم العظام Chiropractor حيث يقوم المختص بتقويم تشوهات العمود الفقري في الجسم يدويا وإعطاء لمحة عن سبب حدوث الألم في أسفل الظهر (ألم عرق النسا) ومساعدة المريض في فهم جسمه بشكل أفضل.
علاج التهاب العصب الوركي بالاعشاب
يمكن أن تفيد الكمادات الساخنة أو الباردة في التخفيف من ألم أسفل الظهر الناجم عن عرق النسا (الأعراض المرافقة الأخرى)، وقد يستفيد المريض على بعض الوصفات الشعبية، إلا أنها تبقى علاجات مكملة غير شافية، ومنها نذكر:
- جوزة الطيب
- مسحوق الكركم
- زيت البابونج المر
- الثوم (مسكن ألم فعال)
- الصبار الهندي Aloe Vera
علاج التهاب العصب الوركي جراحياً
كما ذكرنا سابقا فإن علاج إلتهاب العصب الوركي sciatica يعتمد على سببه، وفي حال فشل جميع العلاجات السابقة بعد 6 أسابيع من بدئها أو كون الحالة إسعافية وظهور أعراض خطيرة لدى المريض، يلجأ أطباء تركيا إلى العلاج الجراحي لحل هذه المشكلة نهائياً.
أنواع جراحة التهاب العصب الوركي في تركيا
- علاج الديسك بالليزر
- جراحة الانزلاق الغضروفي طفيفة التوغل بالمنظار
- علاج الديسك مجهرياً
- علاج تضيق القناة الشوكية (يمكن الاطلاع على فقرة العلاج الجراحي للتعرف على الأنواع المختلفة من المقاربات الجراحية كاستئصال الصفيحة الفقرية أو رأبها أو بضعها أو ثقبها وحتى دمج فقرتين مع بعضهما البعض)
- علاج انزلاق الفقرات القطنية الجراحي (وأشهر طريقتين هما عملية إزالة للضغط وعملية تثبيت العمود الفقري)
- استئصال الأورام أو الكتل التي تضغط على العصب الوركي جراحياً
بعض النصائح لمريض التهاب العصب الوركي (عرق النسا)
يبقى تغيير نمط الحياة وخسارة الوزن وتعديل النظام الغذائي من أهم الخطوات في طريق التخلص من ألم أسفل الظهر (الألم في عِرق النسا) نهائيا، حيث أن زيادة الوزن والجلوس لفترات طويل هي من أشيع الأسباب لهذه الحالة.
ختاماً، يمثل التهاب العصب الوركي تحدياً حقيقياً على صحة المريض وحركته، لكن التشخيص السليم والعلاج المناسب يقللان من تأثيره. مع التقدم الطبي المتوفر اليوم بات بالإمكان السيطرة على الأعراض واستعادة النشاط بشكل أفضل. يقدم مركز بيمارستان الطبي في تركيا خبرات متقدمة وتقنيات علاجية حديثة لمساعدة المرضى على تجاوز هذه المشكلة. ويظل الاهتمام المبكر والمتابعة الطبية خطوة أساسية نحو التعافي.
المصادر:
- Koes, B. W., et al. (2020). Improving the management of sciatica. The Lancet Rheumatology.
- Valat, J.-P., et al. (2010). Sciatica: a symptom rather than a specific diagnosis. ScienceDirect.