يعد سرطان الكبد والكلى من أكثر أنواع السرطان شيوعاً في جميع أنحاء العالم. يعد سرطان الكبد سادس أكثر أنواع السرطان انتشاراً وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، بينما يحتل سرطان الكلى المرتبة الرابعة عشرة. يستخدم علاج الكتل السرطانية بالتخثير بشكل متزايد لعلاج هذه السرطانات عن طريق منع تدفق الدم إلى الأورام، مما يتسبب في انكماشها أو موتها.
أظهرت الدراسات أن علاج الكتل السرطانية بالتخثير يمكن أن يحسن معدلات البقاء على قيد الحياة ويقلل من حجم الورم في كل من سرطان الكبد والكلى مما يوفر خياراً علاجياً مهماً للمرضى وخاصةً أولئك الذين لا يمكن إجراء الجراحة لهم أو في مراحل متقدمة من المرض.
ما هو علاج الكتل السرطانية بالتخثير؟
إن علاج الكتل السرطانية بالتخثير هو إجراء يستهدف الأوعية الدموية التي تغذي الورم بهدف سد أو تقليل تدفق الدم إلى الخلايا السرطانية، يتم ذلك من خلال تقليل إمداد الورم بالدم، حيث يحرم التخثير الورم من الأكسجين والمواد المغذية بشكل فعال مما يتسبب في انكماشه أو توقفه عن النمو. غالباً ما يتم استخدام علاج الكتل السرطانية بالتخثير في حالة سرطان الكبد والكلى عندما لا تكون الجراحة ممكنة بسبب موقع الورم أو حجمه أو الصحة العامة للمريض.
يتم هذا الإجراء باستخدام قسطرة يتم إدخالها في شريان ويتم توجيهها إلى الورم باستخدام تقنيات التصوير مثل الأشعة السينية أو الموجات فوق الصوتية أو التصوير المقطعي المحوسب. تقوم القسطرة بتوصيل عوامل سد مختلفة مباشرة إلى الأوعية الدموية التي تغذي الورم بما في ذلك الجسيمات الصغيرة أو الملفات أو الأدوية.
يعتبر التخثير الحراري أحد أكثر أشكال التخثير فعالية ويتضمن تطبيق الحرارة على الورم إما من خلال التخثير بالترددات الراديوية أو بالمايكروويف، حيث لا تعمل هذه الطرق على سد الأوعية الدموية فحسب بل تدمر أيضاً خلايا الورم من خلال الحرارة.
خطوات إجراء علاج الكتل السرطانية بالتخثير
يتم علاج الكتل السرطانية بالتخثير عادة في المستشفى ويتضمن العلاج عدة خطوات رئيسية:
- التحضير: يتم وضع المريض بشكل مريح ويتم إعطاء مخدر موضعي لتخدير المنطقة التي سيتم إدخال القسطرة فيها. يمكن استخدام التخدير الموضعي أو التخدير العام اعتماداً على حالة المريض وتعقيد الإجراء.
- إدخال القسطرة: يتم إجراء شق صغير في الفخذ ويتم إدخال القسطرة في الأوعية الدموية باستخدام التصوير الموجه وتمرير القسطرة عبر الأوعية الدموية باتجاه الورم.
- العلاج بالتخثير والتخثير الحراري للورم: يتم حقن العوامل الإصمامية (مثل الجسيمات الصغيرة أو الملفات أو الأدوية) بمجرد وصول القسطرة إلى الورم لمنع إمداد الدم. إذا تم استخدام التخثير الحراري للورم فإن القسطرة ستنقل الحرارة أيضاً إلى الورم لتدمير الأنسجة السرطانية.
- المراقبة بعد الإجراء: يتم مراقبة المريض بحثاً عن مضاعفات مثل النزيف أو الإنتان. يتمكن معظم المرضى من العودة إلى منازلهم في نفس اليوم أو في اليوم التالي، وذلك اعتماداً على مدى تعقيد الإجراء وحالة المريض.
كيف تعمل تقنية التخثير الحراري على الأورام؟
يجمع علاج الكتل السرطانية بالتخثير بين سد الأوعية الدموية وتطبيق الحرارة لاستهداف الورم مباشرة وتعمل باستخدام الاستئصال بالترددات الراديوية (RFA) أو الاستئصال بالميكروويف (MWA) لتوليد الحرارة التي تدمر الخلايا السرطانية.
تتسبب كلتا الطريقتين في تخثر الأنسجة السرطانية، حيث تؤدي في بعض الحالات إلى انكماش الورم أو تدميره بالكامل. إن علاج الكتل السرطانية بالتخثير مفيد بشكل خاص للأورام التي يصعب علاجها بالجراحة التقليدية أو الإشعاع وخاصةً في حالات سرطان الكبد والكلى حيث قد يجعل موقع الورم أو صحة المريض الجراحة صعبة. مثلاً في حالة كتلة سرطانية في الكلية يقوم أخصائي الأشعة (radiologist) بإجراء التخثير الحراري للأورام، حيث يخضع المريض لتخدير ناحي أو تخدير عام وذلك يختلف حسب كل حالة. قد يتم وضع قسطرة لتصريف البول من المثانة وعادةً ما يتم إزالتها بعد العملية بفترة وجيزة.
يستخدم الطبيب مخدر موضعي لتخدير المنطقة المحيطة بالكلية ثم يتم إجراء فحص بالموجات فوق الصوتية US أو التصوير المقطعي المحوسب CT scan. توجه هذه الفحوصات الطبيب إلى المنطقة الصحيحة من الكلية، وتساعد الفحوصات أيضاً في مراقبة ما يحدث أثناء العلاج فعندما يرى الطبيب الورم على الشاشة يضع مسباراً أو أكثر من خلال الجلد في الورم.
تعمل المسابر على تجميد الورم أو تسخينه، حيث تعمل درجة الحرارة العالية على تدمير الخلايا السرطانية. يهدف الطبيب أيضاً إلى تدمير منطقة صغيرة (حوالي 1 سم) من الأنسجة السليمة حول الورم، وذلك لمحاولة التأكد من عدم ترك أي خلايا سرطانية لتنمو مرة أخرى.
الفرق بين التخثير بالترددات الراديوية (RFA) والتخثير بالمايكروويف (MWA)
تعد كل من تقنية التخثير بالترددات الراديوية RFA والتخثير بالمايكروويف MWA تقنيات فعالة لعلاج أورام الكبد والكلية، حيث يعتمد اختيار الطريقة على حجم الورم وموقعه وعوامل سريرية أخرى، ويكمن الفرق بينهما:
التخثير بالترددات الراديوية (RFA) | التخثير بالمايكروويف (MWA) | |
توليد الحرارة | يستخدم تيارات كهربائية عالية التردد | يستخدم طاقة الميكروويف |
درجة الحرارة | يسخن بشكل أبطأ | أكثر كفاءة في توليد درجات حرارة أعلى |
سرعة العلاج | يتطلب أوقات علاج أطول | معالجة أسرع |
حجم الورم | مناسب للأورام الأصغر حجماً (أقل من 3 سم) | مناسب أكثر للأورام الأكبر حجماً أو الأورام ذات الهياكل المعقدة |
التأثير على الأنسجة | يؤثر على منطقة أصغر وأكثر تحديداً من الأنسجة | يؤثر على حجم أكبر من الأنسجة ويحقق تسخيناً أكثر انتظاماً |
مزايا علاج الكتل السرطانية بالتخثير مقارنةً بالجراحة
يقدم علاج الكتل السرطانية بالتخثير وخاصةً عند استخدام تقنيات التخثير الحراري للأورام مثل RFA وMWA العديد من المزايا مقارنة بالجراحة التقليدية، فهي:
- أقل تدخلاً: يتم إجراء استئصال الورم من خلال شق صغيرعلى عكس الجراحة التي تتطلب شقوقاً كبيرة (غالباً في الفخذ أو الرسغ) حيث يتم إدخال القسطرة. يؤدي هذا إلى انخفاض خطر الإصابة بالعدوى وتقليل وقت التعافي.
- ذات وقت أقصر للتعافي: عادةً ما يتعافى المرضى الذين يخضعون للاستئصال بشكل أسرع مقارنة بمن يخضعون للجراحة. غالباً ما تكون فترات الإقامة في المستشفى أقصر ويمكن للعديد من المرضى العودة إلى أنشطتهم الطبيعية في غضون أيام إلى أسبوع.
- ذات خطر أقل لحدوث مضاعفات: نظراً لأن علاج الكتل السرطانية بالتخثير أقل تدخلاً فإن خطر المضاعفات مثل العدوى والنزيف يكون أقل عموماً مقارنة بالجراحة. هناك أيضاً مخاوف أقل بشأن الندبات أو تلف الأنسجة السليمة.
- ذات إمكانية للتكرار: يمكن إجراء العلاج بالتخثير عدة مرات إذا لزم الأمر، ولكن قد لا تكون الجراحة خياراً قابلاً للتطبيق للأورام المتكررة أو المتعددة.
- ذات فعالية في الأورام غير القابلة للجراحة: بالنسبة للمرضى الذين يعانون من أورام يصعب أو يستحيل إزالتها جراحياً بسبب موقعها أو صحة المريض فإن علاج الكتل السرطانية بالتخثير يوفر بديلاً قابلاً للتطبيق وهذا شائع بشكل خاص في حالات سرطان الكبد أو سرطان الكلى مع وجود أورام بالقرب من بنى حيوية.
- إجراء مكمل لعلاجات أخرى: يمكن أيضاً استخدام التخثير بالاشتراك مع علاجات أخرى مثل التخثير الكيميائي Chemoembolization أو التخثير الشعاعي Radioembolization، حيث يمكن أن يعزز هذا من فعالية العلاج بشكل عام وخاصةً في مراحل السرطان المتقدمة.
فعالية العلاج بالتخثير مقارنة بالعلاجات الأخرى
يعتبر العلاج الأورام بالتخثير فعال للغاية، وخاصةً بالنسبة للأورام التي يصعب علاجها بالجراحة التقليدية. رغم أنها ليست علاجاً شافياً لجميع أنواع السرطان إلا أنها تقدم فوائد كبيرة لأنواع معينة من الأورام وفي المرضى غير المرشحين للجراحة، وبالمقارنة مع العلاجات الأخرى مثل الجراحة والإشعاع والعلاج الكيميائي فإن علاج الأورام بالتخثير أقل توغلاً وعادةً ما يكون وقت التعافي منها أقصر. بالإضافة إلى أنه يمكن دمجه مع علاجات أخرى لتعزيز فعاليته مما يجعله أداة مهمة في علاج سرطان الكبد والكلى.
الحالات المناسبة لعلاج أورام الكبد والكلية بالتخثير
لا يصلح علاج الكتل السرطانية بالتخثير لكل مريض أو لكل ورم، ولكنها خيار فعال في عدة سيناريوهات:
سرطان الكبد (سرطان الخلايا الكبدية)
غالباً ما يتم تشخيص سرطان الكبد في مرحلة متقدمة، وقد لا تكون الجراحة ممكنة للعديد من المرضى. يعتبر علاج الكتل السرطانية بالتخثير علاجاً مفضلاً للأورام التي لا يمكن علاجها جراحياً بسبب تليف الكبد أو حجم الورم الكبير أو عدم قدرة المريض على الخضوع للجراحة. غالباً ما يتم استخدام كل من التخثير الكيميائي للأورام والتخثير الشعاعي للأورام (شكل من أشكال استئصال الورم باستخدام المواد المشعة) لعلاج سرطان الكبد.
سرطان الكلى (سرطان الخلايا الكلوية)
في حين تظل الجراحة هي العلاج الأول لسرطان الكلى، يمكن استخدام علاج الكتل السرطانية بالتخثير عندما لا تكون الجراحة خياراً متاحاً، مثل المرضى ذوو الحالة العامة السيئة أو أولئك الذين يعانون من أورام متعددة. كما أن علاج الكتل السرطانية بالتخثير مفيد أيضاً في التحكم في النزيف الناتج عن سرطان الكلى المتقدم أو لعلاج الأورام التي يصعب الوصول إليها جراحياً.
السرطانات النقيلية
في الحالات التي انتشر فيها السرطان إلى الكبد أو الكلى من أجزاء أخرى من الجسم، يمكن أن يساعد التخثير في تقليص حجم الأورام وتحسين الأعراض، ورغم أنه ليس علاجاً شافياً إلا أنه يمكن أن يوفر الراحة ويحسن نوعية الحياة لدى المرضى المصابين بأمراض نقيلية.
الأورام التي تنكس بعد الجراحة
يمكن أن يكون علاج الكتل السرطانية بالتخثير في المرضى الذين نكست أورامهم بعد الجراحة علاجاً مساعداً ومفيداً. فقد يمنع نمو الورم أو يقدم طريقة لإدارة الأعراض حتى تصبح العلاجات الأخرى ممكنة.
المخاطر والتحديات في علاج السرطان بالتخثير
على الرغم من أن علاج الكتل السرطانية بالتخثير يوفر العديد من الفوائد، إلا أنه ليس خالياً من المخاطر والتحديات، حيث يتطلب هذا الإجراء الدقة، ويشمل مضاعفات محتملة منها:
- الإنتان: خاصةً في مكان إدخال القسطرة، ويمكن السيطرة عليه بالصادات الحيوية.
- خطر النزف: حدوث نزيف في العضو المستهدف أو في موقع إدخال القسطرة، حيث يتم استخدام أدوات التصوير لتجنب حدوث النزف.
- أعراض إنفلونزا بعد إجراء الاستئصال بالتخثير: بما في ذلك الحمى والألم والغثيان والتعب، وتكون هذه الأعراض مؤقتة.
- التدمير غير الكامل للورم: في حين أن التخثير يمكن أن يقلص الأورام بشكل كبير، إلا أنه قد لا يقضي دائماً على السرطان بشكل تام. في بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة إلى علاجات إضافية مثل الجراحة أو الإشعاع أو العلاج الكيميائي.
- إمكانية حدوث النكس: حتى بعد نجاح الانسداد هناك خطر تكرار الورم، لذلك تعتبر المراقبة المستمرة ضرورية لتقييم نجاح العلاج.
الآثار الجانبية الشائعة عند التخثير الحراري للأورام
على الرغم من أن التخثير الحراري للأورام آمن بشكل عام إلا أنه قد يسبب بعض الآثار الجانبية، بما في ذلك:
- الألم وعدم الراحة: قد يعاني بعض المرضى من الألم في موقع إدخال القسطرة أو في منطقة الورم المعالج.
- الغثيان والإقياء: الغثيان بعد العملية شائع وعادة ما يهدأ في غضون أيام قليلة.
- التعب والحمى: وهي حالة تُعرف باسم متلازمة ما بعد العلاج بالتخثير post-embolization syndrome، حيث أفاد العديد من المرضى أنهم يشعرون بالتعب والحمى بعد العملية.
- العدوى أو النزيف: هناك خطر الإصابة بالعدوى أو النزيف كما هو الحال مع أي إجراء يتضمن إدخال قسطرة.
نكس الأورام بعد العلاج بالتخثير الحراري
نكس الأورام بعد العلاج بالتخثير الحراري يعتبر من المضاعفات التي قد تحدث في بعض الحالات، حيث يتم تدمير الأنسجة السرطانية باستخدام الحرارة العالية. بالرغم من فعالية هذا العلاج في تقليص الأورام، إلا أن بعض الأورام قد تستمر في النمو مجدداً بعد فترة من العلاج. يعود سبب النكس إلى عدة عوامل مثل مقاومة الخلايا السرطانية للحرارة أو عدم تغطية جميع الخلايا السرطانية خلال الجلسات. يتطلب ذلك مراقبةً دقيقة وعلاجاً مكملاً لضمان الحصول على أفضل نتائج ممكنة.
إن علاج الكتل السرطانية بالتخثير وخاصةً من خلال تقنيات التخثير الحراري مثل RFA وMWA يوفر بديلاً قيماً للجراحة التقليدية لسرطان الكبد والكلى. حيث تعتبر هذه الإجراءات قليلة التوغل وذات وقت تعافي أقصر وتتميز بقدرتها على علاج الأورام غير القابلة للجراحة مما يجعلها خياراً مفضلاً للعديد من المرضى، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها كجميع العلاجات الطبية تنطوي على مخاطر وتعتمد فعاليتها على نوع الورم وحجمه وموقعه. يمكن للمرضى والأطباء اتخاذ قرارات مهمة حول دمج العلاج بالتخثير في الخطة الأولية لعلاج السرطان من خلال فهم الإجراء ومزاياه والمخاطر التي يحملها.
المصادر: