تُعد الحنجرة عضواً أساسياً في وظائف الصوت والتنفس والبلع لكن الأمراض التي تصيبها مثل السرطان واضطرابات الجهاز التنفسي قد تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة ومع تطور التقنيات الطبية أصبح التدخل الجراحي خياراً ضرورياً في بعض الحالات خاصةً عندما تتطلب الحالة إزالة الأنسجة المصابة أو إصلاح التلف لضمان وظائف الحنجرة الحيوية.
على مدار السنوات الماضية، شهدت الأبحاث تقدماً ملحوظاً في فهم الخصائص التشريحية والصوتية للحنجرة ليس فقط عبر الدراسات البشرية ولكن أيضاً من خلال استخدام نماذج حيوانية توفر رؤى جديدة حول آليات الصوت وتأثير الجراحة عليها، هذا التطور يدعم الجراحات التي تهدف إلى الحفاظ على قدرة المرضى على التنفس والتواصل رغم التحديات المرتبطة بهذه الإجراءات.
ما هي جراحة الحنجرة؟
هي مجموعة من الإجراءات الطبية التي تُجرى على الحنجرة لعلاج اضطرابات تؤثر على الصوت أو التنفس أو البلع يمكن أن تشمل هذه العمليات إزالة جزء من الحنجرة أو تصحيح المشكلات الهيكلية فيها وذلك بهدف تحسين وظيفة الجهاز التنفسي والصوتي أو علاج الأمراض مثل سرطان الحنجرة، تختلف تقنيات الجراحة وفقًا لحالة المريض حيث يمكن إجراؤها تحت التخدير العام عبر الفم أو من خلال شق خارجي في الرقبة كما يمكن إجراء بعض التدخلات باستخدام الليزر أو أدوات جراحية دقيقة للحفاظ على وظائف الحنجرة قدر الإمكان في الحالات الأكثر تعقيداً مثل الأورام المتقدمة قد يكون من الضروري إزالة الحنجرة بالكامل عبر استئصال الحنجرة الكلي مما يتطلب تعديل طريقة التنفس والكلام بعد الجراحة.
متى يُنصح بإجراء جراحة الحنجرة؟
- كسر الحنجرة: إصابة خطيرة تؤثر على التنفس أو الصوت، مما يستدعي التدخل الجراحي.
- سرطان الحنجرة: عندما يكون هناك ورم يؤثر على وظائف الحنجرة ويتطلب إزالة جزئية أو كاملة.
- ضرر شديد في الحنجرة بسبب الإصابات أو الصدمات التي تعيق القدرة على التحدث أو التنفس.
- تنخر غضروف الحنجرة (Chondronecrosis): حالة نادرة تسببها العلاج الإشعاعي، مما يؤدي إلى تلف دائم في الحنجرة.
- خلل وظيفي في الحنجرة: عندما لا تعمل الحنجرة بشكل صحيح، مما يمنع المريض من التحدث أو تناول الطعام دون خطر دخول الطعام إلى الرئتين (الشفط الرئوي).
- أورام أو آفات حميدة في الجهاز التنفسي العلوي مثل البوليبات والعقيدات والخراجات التي قد تؤثر على الصوت أو التنفس.
- تضيق تحت المزمار (Subglottic stenosis): تضيق في مجرى الهواء أسفل الأحبال الصوتية والذي قد يُشخص خطأً على أنه الربو أو التهاب الشعب الهوائية.
- الاضطرابات العصبية التي تؤثر على عضلات الحنجرة مثل خلل التوتر التشنجي (Spasmodic dysphonia)، مما يؤدي إلى اضطرابات صوتية قد تُشخص خطأً على أنها تلعثم.
- مشاكل البلع المزمنة التي تعيق تناول الطعام بشكل طبيعي حيث يمكن أن يساعد التدخل بالليزر في بعض الحالات دون الحاجة إلى جراحة تقليدية.
أنواع جراحات الحنجرة
نوع الجراحة | الوصف | المميزات | العيوب |
---|---|---|---|
جراحة الليزر الصوتية | علاج أورام وكتل على الحبال الصوتية باستخدام الليزر، تُجرى تحت التخدير العام. | تقنية minimally invasive– فترة نقاهة قصيرة غالبًا يمكن العودة في نفس اليوم | محدودة في الحالات المعقدة، قد يحتاج لعدة جلسات- تكلفة أعلى |
جراحة إطار الحنجرة | تعديل الغضاريف لتحسين وظيفة الأحبال الصوتية لعلاج الشلل أو التضيق. | فعالة جداً (حوالي 90%)، يمكن إجراؤها تحت التخدير الموضعي، تحسين كبير في الصوت | قد تتطلب تعديلات إضافية، تتطلب خبرة جراحية عالية |
حقن الأحبال الصوتية | حقن مواد مؤقتة لعلاج الشلل أو ضعف العضلات، تُجرى في العيادة. | إجراء بسيط وسريع، غير جراحي، مؤقتة مما يسمح بالمراقبة | نتائج مؤقتة، قد يحتاج إلى تكرار، غير مناسب للحالات المستديمة |
زراعة الأحبال الصوتية | زرع مواد دائمة أو شبه دائمة داخل الحبال الصوتية لتحسين الصوت في حالات الشلل أو الضمور. | تحسين دائم نسبيًا، بديل طويل الأمد للحقن، يحسّن جودة الصوت | إجراء جراحي، خطر تحرك الزرعة أو مضاعفات، يحتاج تقييم دقيق قبل الإجراء |
جراحة المنظار | استخدام منظار لإجراء عمليات داخل الحنجرة دون فتح الرقبة، وتُستخدم لأغراض متعددة منها إزالة أورام أو تقييم الحالة. | Minimally invasive لا يتطلب شق جراحي، دقة عالية في التشخيص والعلاج | رؤية محدودة أحيانًا، يتطلب تجهيزات خاصة، قد لا يكون مناسبًا لكل الحالات |
استئصال الحنجرة الجزئي | إزالة جزء من الحنجرة لعلاج السرطان المبكر، مع الحفاظ على القدرة على الكلام والأكل. | يحافظ على وظيفة الحنجرة، أقل توغلاً من الاستئصال الكامل | محدود بالحالات المبكرة، احتمال تكرار السرطان |
استئصال الحنجرة الكلي | إزالة الحنجرة بالكامل لعلاج السرطان المتقدم، مع فصل مجرى الهواء عن الجهاز الهضمي. | علاج فعال للسرطان المتقدم، يمنع انتشار المرض | فقدان القدرة على الكلام الطبيعي، يحتاج لتعديلات في التنفس والكلام، تأثير نفسي كبير |
كيف يتم التحضير لجراحة الحنجرة؟
قبل استئصال الحنجرة سيقوم الأطباء بإجراء فحص جسدي كامل كما سيوصون بإجراء الاختبارات والتي قد تشمل:
- تعداد الدم الكامل أو اختبارات الدم الروتينية الأخرى.
- تصوير الصدر بالأشعة السينية لمسحك لإجراء عملية جراحية.
- مخطط كهربية القلب (EKG) للتحقق من إيقاع قلبك.
يحيل الطبيب المريض إلى أخصائيين آخرين مثل أخصائيي أمراض النطق واللغة وأخصائيي البلع الذين سيساعدونك على الاستعداد للتعافي والحياة بعد استئصال الحنجرة وإذا لزم الأمر تتوفر الاستشارة لمساعدة المريض على الإقلاع عن التدخين قبل استئصال الحنجرة، حيث يقدم معظم الأطباء أيضاً استشارات غذائية لتعزيز العادات الصحية بعد الجراحة حتى قبل أن تأتي لإجراء العملية سيعطي الطبيب المريض قائمة مفصلة بتعليمات ما قبل الجراحة بشكل عام سيتوقف عن تناول أدوية تسييل الدم مؤقتاُ وسوف يصوم أيضاً في الليلة السابقة لجراحة استئصال الحنجرة.
خطوات الإجراء الجراحي
سيقوم الجراح بإجراء عملية استئصال الحنجرة تحت التخدير العام. بمجرد أن تشعر بالراحة، سيقومون بما يلي:
- القيام بعمل شق: يقوم الجراح بعمل شق (قطع) على رقبة المريض بعناية.
- القيام بإزالة الحنجرة: بعد إجراء الشق، يقوم الجراح بإزالة جزء من الحنجرة أو كلها وقد يقومون أيضًا بإزالة بعض العقد الليمفاوية وجزء من البلعوم (الحلق).
- القيام بإنشاء فغرة: بعد ذلك يقوم الجراح بإنشاء فتحة في الرقية وفي الجزء الأمامي من القصبة الهوائية هذه الفتحة هي فغرة ثم يتم وضع أنبوب استئصال الحنجرة في الفغرة سيساعد هذا على التنفس بعد الجراحة.
- إجراء ثقب القصبة الهوائية والمريء (TEP): في بعض الحالات قد يقوم الجراح بإنشاء TEP (ثقب صغير بين القصبة الهوائية والمريء) وهذا يسمح بوضع بدلة صوتية قد لا يكون إجراء TEP مناسباً للجميع.
- إغلاق الشق: أخيراً سيقوم الجراح بإغلاق الشق باستخدام الغرز.
- بعد استئصال الحنجرة يبقى معظم الأشخاص في المستشفى لمدة أسبوع إلى أسبوعين. سيقوم الفريق الطبي بتتبع التعافي خلال هذا الوقت.
في الأيام القليلة الأولى سوف يحصل المريض على التغذية من خلال أنبوب التغذية بمجرد أن يتمكن من ابتلاع السوائل سيقوم الطبيب بإزالة الأنبوب.

التعافي بعد جراحة الحنجرة
في المتوسط، يستغرق التعافي بعد جراحة استئصال الحنجرة من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع لكن هذا الجدول الزمني يعتمد على عدة عوامل بما في ذلك مدى الجراحة وقدرة الجسم على الشفاء بعض الناس يحتاجون إلى وقت أطول للتعافي حيث يحتاج المريض إلى راحة صوتية لأيام مع الالتزام بالأدوية وقد يعود الصوت تدريجياً خلال أسبوع إلى شهر حسب نوع الجراحة.
مضاعفات محتملة ومتى تطلب المساعدة؟
مثل أي عملية جراحية هناك مخاطر مرتبطة بجراحة الحنجرة بما في ذلك:
- عدوى
- جلطات الدم
- أمراض القلب
- مشاكل في التنفس
كما يوجد مضاعفات لعملية جراحة الحنجرة تشمل المضاعفات الخاصة بجراحة الحنجرة ما يلي:
- الأضرار التي لحقت القصبة الهوائية أو المريء
- انخفاض وظيفة الغدة الدرقية
- صعوبة في الأكل والبلع والتحدث
- حركة محدودة في رقبتك وأكتافك
- الناسور (اتصالات غير طبيعية بين الحلق والجلد)
- مشاكل مع فغرة استئصال الحنجرة
بعد عملية جراحة الحنجرة، يجب الاتصال بالطبيب الخاص بالمريض إذا ظهرت عليه حمى أو قيح حول الشق أو أي علامات أخرى للعدوى.
نتائج جراحة الحنجرة ونسبة النجاح
- جراحة الليزر الصوتية: نجاح فوق 80%، مع الحفاظ على وظيفة الصوت.
- جراحة إطار الحنجرة: نجاح حوالي 90%، وتحسين كبير في الصوت.
- حقن الأحبال الصوتية: نتائج مؤقتة، غالبًا تحسين في 50-70% من الحالات.
- استئصال الحنجرة الجزئية: نجاح 80-90% في الحالات المبكرة.
- استئصال الحنجرة الكلي: نجاح في القضاء على السرطان، مع نسبة نجاح حوالي 90%، لكن مع فقدان الكلام الطبيعي.
ُفي الختام، تعد جراحة الحنجرة من الإجراءات الطبية الحيوية التي تلعب دوراً حاسماً في علاج أمراض ومشاكل الحنجرة سواء كانت أوراماً أو اضطرابات في وظيفة الصوت أو مشاكل في البلع والتنفس مع التقدم التكنولوجي والخبرات الجراحية أصبحت نتائج عملية جراحة الحنجرة أكثر نجاحاً، مما يمنح المرضى فرصة لتحسين جودة حياتهم واستعادة وظائف الحنجرة بشكل كبير إلا أن اختيار نوع جراحة الحنجرة المناسب يعتمد على حالة المريض ومرحلة المرض ويجب أن يكون دائماً مصحوباً بتأهيل نفسي وعملي لضمان أفضل النتائج. في النهاية، تظل الوقاية المبكرة والتشخيص المبكر هما المفتاحان لتحقيق نتائج إيجابية وتقليل مضاعفات جراحة الحنجرة، لضمان مستقبل أكثر صحة وراحة لكل من يعاني من مشاكل الحنجرة.
المصادر:
- Yale Medicine. (n.d.). Laryngeal surgery. Yale Medicine
- Ceachir O, Hainarosie R, Zainea V. Total laryngectomy – past, present, future. Maedica (Bucur). 2014 Jun