يُعد سرطان اللوزتين الخبيث أحد أورام الحلق النادرة لكنه آخذ في الازدياد بشكل ملحوظ، خاصة مع ارتباطه بعوامل مثل التدخين، الإفراط في شرب الكحول، والعدوى بفيروس الورم الحليمي البشري (HPV). ما يميّز هذا المرض هو أن أعراضه قد تتشابه في البداية مع التهاب اللوزتين العادي، مما يجعل التشخيص المبكر أكثر أهمية لإنقاذ حياة المريض. ومع التقدم الطبي الكبير، أصبحت تركيا من الوجهات الرائدة في مجال علاج الأورام، حيث توفر أحدث وسائل التشخيص والعلاجات المتطورة بما في ذلك الجراحة الدقيقة، العلاج الإشعاعي، والعلاج المناعي، مما يمنح المرضى فرصة أفضل للشفاء واستعادة جودة حياتهم.
ما هو سرطان اللوزتين الخبيث؟
يُعد سرطان اللوزتين أحد أورام البلعوم الفموي، وغالبًا ما ينشأ في اللوزتين الحنكيتين نظرًا لكونهما الأكثر عرضة للإصابة مقارنة ببقية التجمعات اللمفاوية كاللوزات البلعومية خلف الأنف أو اللوزات اللسانية. ينشأ الورم إما على حساب الخلايا الظهارية الحرشفية وهو النوع الأكثر شيوعًا ويعرف بـ سرطان الخلايا الحرشفية (Squamous Cell Carcinoma)، أو على حساب الخلايا اللمفاوية مسببًا ما يعرف بـ لمفوما اللوزتين.
ورغم تعدد العوامل المرتبطة بالمرض مثل التدخين أو العدوى الفيروسية، إلا أن المسبب المباشر لسرطان اللوزتين لا يزال غير معروف بشكل قاطع. يتميز المرض بتنوع أعراضه، فقد يظهر على شكل التهاب حلق مزمن، رائحة فم كريهة، أو صعوبة في البلع، بينما قد يبقى في بعض الحالات غير عرضي لفترة طويلة دون أن يشعر به المريض.
تكمن أهمية التشخيص المبكر في كونه العامل الأبرز الذي يحدد إنذار المرض ونوعية الحياة بعد العلاج، حيث أن البدء بالعلاج في المراحل الأولى يرفع من نسب الشفاء ويقي من المضاعفات. وتجدر الإشارة إلى أن خطر الإصابة بالسرطان لا يختفي تمامًا حتى عند الأشخاص الذين أجروا استئصالًا للوزتين سابقًا، إذ يمكن أن يتطور الورم على حساب بقايا نسيج لوزي لم تتم إزالته بالكامل.
ما هي أعراض سرطان اللوزتين؟
قد يبقى سرطان اللوزَتين بدون أعراض فترة زمنية طويلة في بعض الأحيان والوضع في هذه الحالة أخطر، أو قد تكون أعراضه ثانوية ولا يشعر المريض بأهميتها، يؤدي ذلك إلى تأخر تشخيص السّرطان وبالتالي تظهر الأَعراض السرطانية بعد انتشار الورم ويصبح العلاج صعباً ونسبة الشفاء قليلة.
أحياناً تظهر أَعراض المرض من البداية أو قد تكشف صدفة في المراحل الباكرة مما يحسن إنذار سرطان اللوز ويجعل نسبة شفاءه عالية. يوجَد العديد من الأَعراض، وتشمل أهم اعراض وَرم اللوزتين ما يلي:
- ظهور تورم في أعلى الرقبة من الجانب يتميز بأنه غير مؤلم
- تضخُّم أَحد اللوزتين في جهة واحدة وكبر حجمها أكثر من الأخرى
- بحة الصوت
- الشعور بتعب عام وإرهاق
- فقدان الوزن غير المفسر
- ألم في الأذن (عادةً أذن واحدة) أو في الفك
- التهاب الحلق المتكرر والمستمر (مزمن)
- خروج الدم من الفم
- رائحة الفم الكريهة
- آلام مع صعوبة أثناء البلع تزيد عند تناول الطعام
- الصعوبة في فتح الفم
يتضمن ما سبق أعراض سرطان اللوزتين عند الكبار لكن ذلك لا يعني أن هذه الأَعراض خاصة بسرطان اللوزتين فقد تتظاهر في أَمراض أُخرى عديدة غير السرطان. لكن ما يدلنا على السرطان اجتماع هذه الاعراض مع وجودِ عواملِ خطَر منذرة بالورم مثل تقدم عمر المرضى.

أسباب سرطان اللوزتين
لا يزال السبب المباشر لحدوث سرطان اللّوزتين أو سرطان الحلق غير معروف، رغم ذلك توجد عواملُ خطرٍ أكيدة تؤدي للإِصابة بِسرطان في اللوزة (وَرم الحلقوم) وهي:
- التقدم بالعمر: يعتبر كبر السن من أهم عوامِل الخطر لِلإصابة بورم اللوز، ولا يقي استئصال اللوزتين سابقاً من سرطان اللوزتين لأن الاستئصال يكون غير تام عادةً وبالتالي توجد بقايا من نسيج اللوزتين يتطور فيها الورم.
- الإصابة بفيروس HPV: وهو فيروس مصنف لعدة أنواع أخطرها HPV رقم 16 و18، ينتقل الفيروس الحليمي البشري (ال HPV) عبر الجنس ويسبب الثآليل في المنطقة التناسلية. في حال وصل هذا الفايروس إلى منطقة البلعوم واللوزات فسوف يسبب الإصابة بِسرطان اللوزتين من النوعِ حرشفي الخلايا.
- التدخين وإدمان الكحول: يعتبر مضغ التبغ أو تدخينه لمدة طويلة من الأسباب المؤدية لزيادة خَطر الإصابة بمرض سرطان اللوزتين أو ورمِ الحلق، وكذلك يفعل الإدمان الكحولي. قد تشاهد حاليا حالات إصابة بسرطان اللّوز عند الشباب بدون وجود عوامل الخطر السابقة، يرجع ذلك لوجود دور وراثي وبيئي وراء الإصابة بسرطان اللوزتين.
- ضعف الجهاز المناعي: الأشخاص المصابون بضعف المناعة (مثل مرضى فيروس نقص المناعة البشرية HIV أو من يخضعون لعلاج مثبط للمناعة بعد زراعة الأعضاء) أكثر عرضة لتطور أورام اللوزتين.
- التعرض المهني للملوثات: العمل في بيئات صناعية تحتوي على غبار، دخان، أو مواد كيميائية مسرطنة يمكن أن يزيد خطر الإصابة بسرطانات الرأس والعنق.
- العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي للإصابة بسرطانات الفم أو الحلق قد يرفع من القابلية الوراثية لسرطان اللوزتين.
- النظام الغذائي غير الصحي: الحمية الفقيرة بالخضار والفواكه ومضادات الأكسدة قد تقلل من قدرة الجسم على مقاومة التغيرات الخلوية المسببة للسرطان.
- سوء نظافة الفم والأسنان: إهمال نظافة الفم وتكرار الالتهابات المزمنة في الحلق قد يشكل عاملًا مساعدًا في تطور أورام الفم والبلعوم.
تشخيص سرطان اللوزتين
يَتم تشخيص السرطان في اللوزات أو في الحلق والبلعوم وحتى سرطان الحنجرة بواسطة طبيب الأذن أنف حنجرة ENT، حيث يقوم بدايةً بتأمل وجه ورقبة المريض بحثاً عن أي تورم، بعد ذلك تأتي مرحلة الجس حيث يتحسس المناطق التي قد تخبئ تحتها تورماً سرطانياً في الوجه والرقبة. أيضاً يقوم الطبيب بالنظر إلى تجويف الفم بحثاً عن أي ضخامة في لوزات الشّخص المريض، ويرتفع الشك بِالسرطان عند وُجود ضخامة لوزة واحدة فقط.
قد يلجأ الطبيب إلى تنظير الحنجرة بواسطة المنظار المرن في حال الشك بوجود انتقالات أو ارتشاحات للورم في حنجرة المصاب بالمرض. من ثم يقوم الدكتور بأخذ خزعة من اللوزة المتضخمة وإرسالها إلى المشرح المرضي الذي يفحصها تحت المجهر ويبين سببَ الضخامة ونوع السرطان ودرجته وعلاقة فيروس HPV من عدمها بحدوث سرطان اللوزتين.
تطلب بعد ذلك استقصاءات تصويرية لكشف انتقالات السرطان البعيدة وانتشاره الموضعي ومن أهمها:
- الإيكو للعنق: من أجل كشف انتشار سرطان اللوزات في المناطق المجاورة.
- صورة الصدر البسيطة: لكشف الانتقالات إلى الرئتين في حال وجودها.
- الطبقي المحوري CT والرنين المغناطيسي MRI: لكشف الانتقالات في مختلف أنحاء جسم المريض.
- التصوير بالإشعاع البوزيتروني PET Scan: ويمكنه من كشف النقائل بدقة أينما كانت.
يُقرر نوع العلاج الذي يجب اتباعه في حالة سرطان اللوزتين حسب نتائج الفحوصات الشعاعية وبعد معرفة امتدادات السرطان وتوضعاته لدى المريض.

مراحل سرطان اللوزتين
المراحل المبكرة
في المراحل الأولى يقتصر الورم على نسيج اللوزة فقط دون أن يمتد إلى الأنسجة المحيطة أو العقد اللمفاوية. غالبًا ما تكون الأعراض في هذه المرحلة خفيفة أو غير واضحة، مثل التهاب الحلق المستمر أو صعوبة بسيطة في البلع، ولهذا السبب قد يتأخر اكتشاف المرض. التشخيص المبكر في هذه المرحلة يمنح المريض فرصة عالية للشفاء التام بطرق علاجية أقل تعقيدًا.
المراحل المتقدمة وانتشاره للعقد اللمفاوية
مع تقدم المرض يبدأ الورم بالانتشار إلى الأنسجة المجاورة ثم إلى العقد اللمفاوية في الرقبة، وقد يصل في بعض الحالات إلى مناطق أبعد مثل الرئتين أو العظام فيما يعرف بالانتقالات البعيدة. في هذه المرحلة تكون الأعراض أوضح وتشمل تضخم العقد اللمفاوية، ألم شديد في الحلق أو الأذن، وصعوبة متزايدة في البلع والكلام. تحتاج المراحل المتقدمة عادة إلى بروتوكولات علاجية مركبة تشمل الجراحة، العلاج الإشعاعي، والعلاج الكيميائي.
علاج سرطان اللوزتين في تركيا
يختلف علاج سرطان اللوزتين Tonsil Cancer بحسب حجمه، نوعه، غزوه لمجاوراته وإعطاءه لنقائل بعيدة. أي أن كل مريض يوصف له نوع علاج أو خطة علاجية تناسب حالته من أجل تحقيق أفضل النتائج في علاج السرطانات. وبشكل عام تتضمن خطط علاج سرطان اللوَز ثلاث طرق وهي العلاج الجراحي، الشعاعي والكيماوي.
العلاج الجراحي
تستخدم الجراحة في علاج سرطان اللوزتين بشكلٍ شافي في معظم الحالات عندما يكون الورم صغيراً ومحدداً داخل اللوزة ولم ينتشر خارجها إلى الأعضاء المجاورة. وفي هذه الحالة تعتبر العملية خط أول في العلاج (الخط الأول أي أول خيار علاجي نلجأ له).
تتم عملية استئصال اللوزتين حينها تحت التخدير العام وترسل العينة إلى التشريح المرضي بعد انتهاء العمل الجراحي للتأكد من أن الورم قد تم استئصاله بالكامل. نسبة الشفاء هنا من سرطان اللوزتين هي 100% ويكمل المريض حياته بشَكل طبيعي.
العلاج الشعاعي
نلجأ للعلاج بالأشعة في حال كان الورم كبيراً ومؤثراً على البلع بِشكل واضح أو في حال تم الاستئصال الجراحي ولكن نتيجة التشريح المرضي أخبرتنا بأن الورم لم تتم إزالته بشكل كامل.
العلاج الكيماوي
نعتمد على المركبات الكيميائية في علاج سرطان اللوزتين في حال كان نوع الورم يستجيب لهذا النوع من العلاج. نستخدمه أيضًا في حال انتشار الورم لأماكن بعيدة في الجِسم من أجل تخفيف أعراض السرطان. أحياناً قد نعتمد اختيار طريقتين مما سبق أو الطرق الثلاثة جميعها معاً في علاج الورم، كما يختلف ترتيب استخدامها من مريض لآخر حسبَ مرحلة تقدم مرض السرطان لدى كل شخص.
العلاج الموجه والمناعي
- العلاج الموجه: مثل الأدوية التي تستهدف بروتينات محددة في الخلايا السرطانية (مثل Cetuximab)، مما يساعد على إيقاف نمو الورم دون التأثير الكبير على الخلايا السليمة.
- العلاج المناعي: مثل مثبطات نقاط التفتيش المناعية (Immune checkpoint inhibitors) والتي تعزز استجابة الجهاز المناعي لمهاجمة الخلايا السرطانية، ويُعتبر خيارًا مهمًا خاصة في الحالات المتقدمة أو المقاومة للعلاجات التقليدية.
إنذار سرطان اللوزتين
كما أسلفنا يعتمد إنذار سرطان اللوزتين ونسبة الشفاء منه على المرحلة التي تم إكتشافه فيها وحجمه وانتقالاته ونوعه. يصيبُ سرطان اللوزتين البالغين بين 60 و70 عام ويعتبر ذو إنذار سيء إذا ترافق مع أمراض أخرى لدى المريض. حديثاً أصبح سرطان الحلق والبلعوم واللوزتين ذو الخلايا الحرشفية يصيب الشباب (تحت 40 عاماً) وذلك لارتباطه بإصابة الحلق بفيروس HPV ومع ذلك يبقى ذو إنذار أَفضل من إصابة كبار السن (رغم الإصابة بفيروس HPV لدى الشباب وذلك بِسبب كون صحتهم العامة أفضَل من المتقدمين بالسن).
الإصابة بسرطان اللوزتين مقلقة لكنها لا تعني الوفاة الحتمية، إنما بتقدم مرحلة الورم يصبح العلاج أصعب وبناءاً على ذلك أجريت دراسات على مرضى سرطان اللوز لمعرفة النسبة المئوية لإمكانية الحياة ل 5 سنوات مع هذا المرض وجاءت النتائج وفقًا للدراسات كالتالي:
- علاج السرطان في المرحلة الباكرة: تشير الدراسات إلى أن نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات على الأقل هي 85%.
- علاج السرطان الذي انتشر وأعطى نقائل إلى العقد الليمفاوية الرقبية القريبة: نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات على الأقل هي 68%.
- علاج سرطان اللوزتين الخبيث في المراحل المتقدمة من المرض: نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة 5 سنوات على الأقل هي 40%.
الوقاية من سرطان اللوزتين
رغم صعوبة الوقاية الكاملة من المرض، إلا أن بعض الإجراءات تقلل بشكل واضح من خطر الإصابة، وتشمل:
- التوقف عن التدخين والكحول: إذ يعتبران من أبرز عوامل الخطر.
- التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV): والذي أثبت دوره في خفض نسبة سرطانات البلعوم المرتبطة بالفيروس.
- الفحص المبكر عند ظهور أعراض مقلقة: مثل التهاب الحلق المزمن، صعوبة البلع، أو ظهور كتلة في الرقبة.
متى يجب مراجعة الطبيب؟
يُنصح بمراجعة الطبيب فورًا عند ظهور الأعراض التالية:
- التهاب حلق أو ألم في البلع لا يتحسن رغم العلاج
- بحة أو تغير في الصوت يستمر لأكثر من أسبوعين
- تضخم أو كتلة في الرقبة
- رائحة فم كريهة مستمرة
- نزيف أو بقع بيضاء/حمراء غير مفسرة في الفم أو الحلق
التشخيص المبكر لهذه الأعراض يزيد من فرص العلاج الناجح ويمنع تطور المرض إلى مراحل متقدمة.
أخيراً، يُعد سرطان اللوزتين الخبيث من الأورام النادرة لكن خطورته تكمن في التشخيص المتأخر لتشابهه في البداية مع أعراض بسيطة مثل التهاب الحلق أو صعوبة البلع. وقد استعرضنا في هذا المقال أهم الجوانب المتعلقة بالمرض من حيث أسبابه، أعراضه، طرق التشخيص، المراحل المختلفة، ووسائل العلاج المتاحة.
يبقى التشخيص المبكر العامل الأهم في رفع نسب الشفاء وتحسين نوعية حياة المريض بعد العلاج، إذ أن اكتشاف الورم في مراحله الأولى يتيح فرصًا أكبر للعلاج الجراحي الناجح أو العلاج الإشعاعي بفعالية أعلى.
ومع التطور الطبي المتسارع، توفر تركيا اليوم خيارات علاجية متقدمة تجمع بين الجراحة الحديثة، العلاج الإشعاعي الموجّه، والعلاجات المناعية المبتكرة. ويقدّم مركز بيمارستان الطبي في تركيا أحدث تقنيات التشخيص والعلاج لسرطان اللوزتين، بإشراف خبراء مختصين وضمن بيئة طبية متكاملة تضمن رعاية شاملة للمريض.
المصادر:
- Cancer Research UK. (2025, February 10). Tonsil cancer
- National Cancer Institute. (2025, January 1). Tonsil cancer. In Cancer treatment & survivorship facts & figures
- National Cancer Institute. (2025, May 14). Oropharyngeal cancer treatment (PDQ®)–Patient version. U.S. Department of Health and Human Services
- Centers for Disease Control and Prevention. (2024, September 17). HPV and oropharyngeal cancer
- Head and Neck Cancer Australia. (2025, September 21). Oropharyngeal cancer (Tonsil cancer)
- Cedars-Sinai. (2025, July 8). Tonsil cancer